حققت سلطنة عُمان وجمهورية ألمانيا الاتحادية تقدُّمًا ملحوظًا في مجالات التعاون بدافع الزيارة الرسمية التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ، حيث شهدت الزيارة التي استغرقت ثلاثة أيام محادثات رسمية بَيْنَ جلالة القائد المفدَّى وفخامة الرئيس الدكتور فرانك فالتر شتاينماير رئيـس جمهورية ألمانيا الاتحادية ودولة أولاف شولتس مستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية، حيث تمَّ بحث آفاق التعاون المُشترك بَيْنَ البلديْنِ وسُبُل دعمه وتطويره في مختلف المجالات بما يحقق آمال وتطلُّعات الشعبيْنِ الصديقيْنِ، إضافة إلى بحْث عددٍ من القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستوييْنِ الإقليمي والدولي، كما استعرضت الزيارة العلاقات الثنائية المتنامية بَيْنَ البلديْنِ الصديقيْنِ وسُبُل الارتقاء بمستويات التعاون والشراكة القائمة بَيْنَهما إلى آفاق أوسع في مختلف المجالات خدمةً للمصالح المشتركة للشعبيْنِ العُماني والألماني الصديقيْنِ، حيث أظهرت المباحثات جدِّية البلديْنِ في تعميق أواصر التعاون، والعمل على دفع العلاقات الاقتصادية، لمستويات عُليا تُحقِّق المصالح المرجوَّة للطرفيْنِ، وتعزز آفاق التعاون بَيْنَ البلديْنِ الصديقيْنِ في العديد من القِطاعات التي تعوِّل عليها سلطنة عُمان في تحقيق التنوُّع الاقتصادي المنشود.
وبجانب المباحثات الرسمية، حرَص جلالته ـ أبقاه الله ـ على اللقاء بعددٍ من رجال الأعمال الألمان وعددٍ من الرؤساء التنفيذيين للشركات الألمانية وممثِّليها؛ بهدف تنمية العلاقات التجارية، وتعزيز الفرص الاستثمارية بَيْنَ البلديْنِ الصديقيْنِ في مختلف القِطاعات، حيث حدَّدت سلطنة عُمان وجمهورية ألمانيا الاتحادية أولويات للتعاون المشترك في عددٍ من المجالات، منها: تنمية المؤسَّسات الصغيرة والمتوسطة، والأبحاث، والسياحة والرعاية الصحية والبيئة، لا سِيَّما وأنَّ هناك عددًا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بَيْنَهما في مجالات تنمية التعاون الاقتصادي والصناعي، وتنظيم خدمات النقل الجوِّي، وغيرها من القِطاعات والأنشطة، التي تمتلك فيها جمهورية ألمانيا الاتحادية خبرات واسعة، وتمتلك سلطنة عُمان بها مُقوِّمات واعدة، جاذبة لرؤوس الأموال المستثمرة. لذا كانت تلك الفُرص حاضرة بقوَّة أثناء جلسات المباحثات واللقاءات المتعددة التي عقدها جلالته ـ أعزَّه الله ـ أثناء الزيارة، والتي سيكُونُ لها مردود قَوي على تنمية العلاقات المتبادلة على كافَّة الأصعدة والقِطاعات في المستقبَل القريب.
إنَّ هذه الزيارة سَعَتْ إلى توطيد العلاقات الدبلوماسية القائمة بَيْنَ مسقط وبرلين منذ 50 عامًا، والبناء على ما تحقَّق من منجزات ومنافع إيجابية في المجالات الاقتصادية والعلمية والتقنية والتكنولوجية. فالعلاقات العُمانية الألمانية تمتلك رصيدًا كبيرًا من الاحترام المتبادل، والدَّور الثَّري الذي يلعبه الطرفان في الكثير من القضايا الدولية المعاصرة، التي انعكست تأثيراتها على البلديْنِ الصديقيْنِ، حيث تسعى كُلٌّ من مسقط وبرلين دائمًا إلى إيجاد مقاربات إيجابية لعددٍ من القضايا التي تهمُّ الجانبيْنِ على الساحتيْنِ الإقليمية والدولية، واعتبار الحوار والطُّرق السلمية ومبادئ القانون الدولي أنجع الأُسس وأفضل السُّبل لإحلال الأمن والسِّلم الدولييْنِ.
ويبقى المكسب الأبرز لهذه الزيارة هو توقيع سلطنة عُمان وجمهورية ألمانيا الاتحادية على إعلان النيَّات المشتركة للتعاون في مجال الطَّاقة مما يسهم في تبادل المعرفة التقنية وأنظمتها المتكاملة وشبكاتها الذكية. حيث يُحقِّق توقيع هذا الإعلان رغبة البلديْنِ في مواصلة تعزيز وتطوير التعاون بَيْنَهما في مجال الطاقة على أساس المنفعة المتبادلة، وبوصفهما طرفيْنِ في اتفاقية الأُمم المتَّحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ، ورغبة منهما في إيجاد إطار لتبادل المعرفة التقنية، والمشورة والمهارات والخبرات في مجال الطاقة، وتوصل الجانبان إلى التفاهم في عددٍ من الموضوعات منها التشجيع على التعاون في مجالات، تقنيات الطاقة المتجدِّدة، وأنظمتها المتكاملة وشبكاتها الذكية، وفي مجال كفاءة الطاقة مِثل الصناعة والمباني والنقل، ومجال الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، والأطر التنظيمية للطاقة، والبحوث وتخطيط السوق، بهدف إيجاد بيئة جاذبة للاستثمار في تقنيات تحوّل الطاقة، وهو ما سيُعزِّز توجُّه سلطنة عُمان نَحْوَ استدامة مصادر الطاقة.