قال الله تعالى:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ، إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) (الحجرات 2 ـ 3).
معاني الكلمات:
(تحبط): أن تُبْطَل فلا تغني صاحبها، (يغضون): يخفضون، (تجهروا له): تنادوه وتخاطبوه، (أعمالكم): حسناتكم، (امتحن قلوبهم للتقوى):اختبرها، فأطاعت، فمحّصها للتقوى، (التقوى): فعل الواجبات مع اجتناب المحرمات بعد الإيمان ليقي نفسه من عذاب
التفسير الإجمالي:
هذا أدب علينا اتباعه مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سواء أكان حيًّا أم ميّتًا، وهو خفض الصوت أمام صوته بحيث يكون دونه، وفي هذه الصورة نرى تكلم النبي معنا، وألا نجهر له بالقول عندما نناديه أو نخاطبه أو نناجيه، بل علينا أن نعظِّمه ونوقره وبأسلوب لين رقيق، ولا نناديه باسمه بل بنحو يا رسول الله أو يا أبا القاسم فهو مميز عنا، وفي هذه الصورة لا يلزم تكلم النبي معنا، ومقتضى عدم الرفع والجهر هو خفض الصوت عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
والهدف من هذين الأدبين ألا تحبط حسناتنا، التي ربما نرجوها لكنها تُحْبَط ونحن لا نشعر، لأن لما كانا حكمين لزم مَن عمل بهما الثواب، ومَن عصى العقاب وهذا قانون الله جل جلاله إلا مَن تاب، وحتى نشعر نحن بالموقف خاطبنا الله بقوله (عند رسول الله) أي ذكرنا بمنزلة الرسالة والاصطفاء، التي ميزت النبي عن باقي البشر، ومن ثم نستشعر بمخالفته عنا في مخاطبته وندائه، وبالتالي نندفع إلى التحلي بالأدبين.
وبما أن الله سبحانه وتعالى امتحننا في هذه الأمر، فقد تمحصت قلوب الطائعين لأجل التقوى، فإن التقوى لا تظهر إلا بالتكاليف الشاقة، أو أنه سبحانه أخلصها وطهرها للتقوى أي وسّع قلوبهم وشرحها لتَحْمِل التقوى.

* علي بن سالم الرواحي
كاتب عماني