أطلقت الحكومة منذ سنوات لا أذكر عددها، ربما تجاوزت الان 16 عاما، مشروع انشاء طريق الباطنة الساحلي لمجموعة من الأسباب لعل ابرزها تحسين وضع ساكني الشريط الساحلي، الممتد من ولاية بركاء وحتى آخر متر من ولاية شناص والتي كانت مساكنهم وغالبيتهم العظمى من الصيادين مهددة بالسقوط على رؤوسهم، فضلا بطبيعة الحال عن الجانب الأمني من خلال مراقبة هذا الساحل الذي استغل لدخول متسللين وتهريب المواد المخدرة، فضلا عن تحسين وضع هذا الشريط الجمالي واستغلاله سياحيا، إلا أنه مر بولادة متعسرة ومخاض لسنوات نتيجة بعض الأمور ومنها الشق الخاص بالتعويضات وما تبعها بعد ذلك من أزمة الاقتصاد العالمي وانخفاض عائدات النفط، ومع أن التعويض الذي قدم للمواطنين المتضررين من هذا الطريق غير مرضي عنه ولا يرقى إلى جبر الجانبين النفسي والاجتماعي الذي لا يزال مصاحبا لهذا التاثير، إلا ان التسليم بالأمر الواقع كونه مشروعا وطنيا قبل به الجميع وبما قدم من تعويض سواء في الجانب المادي أو العيني المتمثل في بناء مساكن حكومية، ظل الكثير منها لسنوات مهجورا في انتظار توزيعها او من يسكنها، نعم هناك من استفاد استفادة قصوى من هذا المشروع، من حيث حجم التعويض المادي والمعنوي بقطع من الأراضي السكنية والتجارية والصناعية والزراعية، وهم ذوو المكانة الاجتماعية والمناصب والنفوذ، إلا ان شريحة كبيرة شعرت بالاجحاف في التعويض المستحق خصوصا تلك التي كانت مساكنها في الخط الأول بعد الشاطئ ومخطط مرور الطريق يأتي خلفها كما ان المساحة التي استقطعت لاحرام الطريق روعي فيها ان يكون جزء منها مخصصا لمنشآت تجارية وسياحية مسايرة للمسار، لتقديم بعض الخدمات التي يحتاج اليها مستخدمو الطريق مثل محطات تعبئة الوقود والمطاعم والمقاهي فهي لاشك ضرورية وأساسية.
وها نحن نشهد إعادة الأمل في احياء تنفيذ هذا المرفق من خلال الاعلان عن طرح مشروع استئناف استكمال المرحلة الأولى من هذا الطريق، بدءا من ولاية بركاء وحتى ولاية السويق بطول حوالي 22 كيلومترا على اعتبار ان هناك اجزاء منه سبق وان نفذت منذ سنوات غالبيتها في ولاية المصنعة التي تتوسط الولايتين، والسؤال المطروح حول تلك المساحات من الأراضي التي ستجاور المسار والتي كانت يوما ما ملكا للمواطنين ماذا سيكون مصيرها ؟ أليس من الأولى ان تمنح لمن كان بيته في نفس تلك المساحة او من كان في الخط الاول المجاور للشاطيء ؟ ام ان الامر قد حسم من خلال استفادة منتفعين جدد دخلوا برنامج الانتفاع ؟ فإذا كان لا محالة وتعذر تكريم أولئك الذين نزعت ملكيتهم للمصلحة العامة المتمثلة في الطريق بها انتفاعا ، فان الأولى ان تقتصر دائرة الانتفاع أولاعلى أبناء القرى برسوم رمزية مخفضة، وبدعم تمويلي من الحكومة للبناء فإذا تعذر فأبناء الولاية الذين لديهم القدرة على تحويلها إلى واجهات بحرية حديثة ومتطورة، تنسجم مع الخطة الموضوعة إذا كانت هناك خطة لتجميل هذا الطريق بعد الانتهاء منه بالمنتزهات وممرات المشاة وأماكن للسباحة على الشواطي، بالإضافة الى منح بعض القطع لمؤسسات المجتمع المدني لاقامة أندية اجتماعية كما هو الحاصل في العديد من دول العالم.
ان تلك المساحات من الأراضي حق مشروع لسكان تلك القرى والولايات الساحلية، فهم أولى بالانتفاع بها واستثمارها والاستفادة من عائدها، وبالتالي لابد من مراعاة ذلك تقديرا لما أبدوه من تعاون في سبيل نهضة وتقدم الوطن من خلال خطته للتحديث والتوسع في شبكة الطرق، فضلا عن إظهار الشكل الجمالي لشريط الباطنة الساحلي، كذلك تحملهم للآثار النفسية والاجتماعية التي كابدوها جراء التغيير الجغرافي والديموغرافي لقراهم التي كانوا يسكنونها وتجمعاتهم العائلية لعقود عديدة ضمن مساحة جغرافية محددة.


* طالب بن سيف الضباري
أمين سر جمعية الصحفيين العمانية
[email protected]