تمتلك سلطنة عُمان مُقوِّمات كبرى تسعى إلى الاستفادة وإقامة العديد من مشاريع الطاقة المتجدِّدة، وذلك يأتي في خضمِّ مساعيها نَحْوَ الانعتاق من النفط كمصدر وحيد للطاقة، ومصدر رئيسٍ للدخل، حيث تمتلك رؤية “عُمان 2040” الطموحة، والتي تسعى إلى تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود، برامج وخططًا ومشاريع ستُحدث نقلة كبرى في مشاريع الطاقة المتجدِّدة في البلاد، حيث تتبنَّى سلطنة عُمان العديد من المشروعات في مجال الطاقة الخضراء النظيفة لتكُونَ محطَّة عالمية لإنتاج الكهرباء، والهيدروجين الأخضر والوصول إلى ما نسبته 39 بالمائة طاقة نظيفة من إجمالي الطاقة المُنتَجة، واتَّخذت حكومة سلطنة عُمان عدة خطوات لتطوير قِطاع الطاقة النظيفة لتحقيق تلك التطلُّعات والطموحات، ومن أبرز تلك الخطوات تأسيس تحالف وطني للهيدروجين الأخضر يُعرف باسم “هاي فلاي” لإرساء مكانة سلطنة عُمان على خريطة تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف، وسيعمل التحالف على دعم وتسهيل إنتاج الهيدروجين ونقله، والاستفادة منه محليًّا وتصديره بما ينسجم مع خطط تنويع الطاقة في رؤية “عُمان 2040”.
ويأتي ذلك تنفيذًا للتوجيه السَّامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ بالعمل على تسريع إجراءات تنظيم قِطاع الهيدروجين الأخضر، ووضع الأُطر القانونية والسياسات اللازمة لنُمو هذا القِطاع، الذي يُنتظر منه الكثير، وتعي سلطنة عُمان أنَّ تحقيق تلك الطموحات يحتاج إلى جذْبِ استثمارات كبرى، تستطيع أنْ تواكب تلك الطموحات.
وفي خضمِّ مساعيها لجذْبِ الاستثمارات لهذا القِطاع الواعد، تبدأ أعمال “مؤتمر عُمان للطاقة المتجددة” بلندن غدًا الأربعاء لترويج سلطنة عُمان وجهةً عالمية ذات إمكانات واعدة للاستثمار في الطاقة الخضراء، كما يأتي المؤتمر للترويج للسَّلطنة وزيادة حصَّتها في السُّوق العالمية من الصادرات عُمانية المنشأ غير النفطية، وجلب الاستثمار وتعزيز الصادرات، والتعريف بالبيئة الاستثمارية في سلطنة عُمان، إضافة إلى تنظيم البرامج والندوات والمعارض واللقاءات الثنائية.
إنَّ مِثل هذه المؤتمرات والتي تهدف إلى التركيز على سلطنة عُمان وجذْبِ مجتمع الأعمال الدولي للفُرص المتاحة في قِطاع الطاقة الخضراء وقِطاعات أخرى مِثل الصناعة والسياحة والقِطاع السمكي والتعدين واللوجستيات، فُرصة مواتية لتحقيق أهداف السَّلطنة الطموحة، سواء كانت في قِطاع الطاقة المتجدِّدة أو في القِطاعات الواعدة الأخرى، حيث تُشكِّل الاستثمارات عصب التنمية المنشودة، وتحوِّل المشاريع التنموية ذات الاستدامة لواقع يحقق الأهداف المرجوَّة للدولة وللمستثمر على حدٍّ سواء. فمِثل هذه التجمُّعات تهدف إلى التعريف بالبيئة الاستثمارية بالسَّلطنة والتسهيلات والحوافز التي تقدمها الحكومة العُمانية للمستثمرين عمومًا، وبحث فُرص التعاون الاستثماري في قِطاع الطاقة المتجدِّدة على وجْهِ الخصوص، والسَّعي نَحْوَ جلب الاستثمارات وتعزيز الصادرات العُمانية، وإيجاد شراكات استثمارية مع المستثمر البريطاني، حيث سيركِّز المؤتمر على الفُرص والمُقوِّمات والإمكانات والحوافز والمميزات الممكن تقديمها للمستثمر البريطاني، ونظرة سلطنة عُمان الحالية للطاقة النظيفة كأحَدِ أهمِّ القِطاعات المستهدفة وفقًا لرؤية “عُمان ٢٠٤٠” والاستراتيجية الوطنية للطاقة.
ويُمثِّل هذا المؤتمر فُرصة كبيرة لاستعراض مشروعات الطاقة الخضراء التي بدأت سلطنة عُمان في تنفيذها؛ بهدف توليد ما نسبته ٣٠ بالمائة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجدِّدة بحلول عام ٢٠٣٠م أمام السُّوق البريطاني؛ كونه أكبر شريك استثماري للسَّلطنة، حيث توسعت هذه الشراكة في السنوات القليلة الماضية لتشمل قِطاعات عدَّة: أبرزها النفط والغاز والتكنولوجيا، والبنية الأساسية، والدفاع، والتعليم، وتأتي المملكة المتَّحدة في صدارة الاستثمار الأجنبي المباشر مع نهاية العام ٢٠٢٠ باستثمارات إجمالية بلغت قيمتها ٧ مليارات و١١٢ مليون ريال عُماني، وهي نتائج نستطيع أنْ نبني عليها خلال المؤتمر، الذي يُعدُّ فُرصة كبيرة لتسويق المشروعات العُمانية في مجال الطاقة المتجدِّدة، وجذْبِ الاستثمارات اللازمة لتنفيذها.