بعد الإعلان الإسرائيلي أكثر من مرة أنه الطرف الأصيل في المؤامرة على سوريا والدخول المباشر على خط العدوان، يحاول معسكر التآمر والعدوان تحت القيادة الإسرائيلية المباشرة استعادة حضوره الميداني والسياسي بعد الخسائر والانهيارات والانكسارات المتوالية التي يلحقها الجيش العربي السوري بأدوات هذا المعسكر وعصاباته الإرهابية المسلحة التي كشفت هزائمها وانكساراتها وجوه التآمر الحقيقية التي حاولت التخفي وراء سخف الشعارات وقبح الدعايات والتحريض والتشويه للنيل من سوريا شعبًا وجيشًا وقيادةً، وكشفت بالتالي بصورة فاضحة العلاقة العضوية بين تلك المجاميع الإرهابية المتسترة بستار الإسلام والمتاجرة بالدين وبين كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يدنس المقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى، وينكل صباح مساء بالشعب الفلسطيني ويعمل على إلغاء هذا الشعب الفلسطيني المقاوم والمناضل المغتصبة حقوقه، وشطب قضيته من التاريخ ومن المؤسسات والمنظمات الشرعية الدولية، ومسح دولة فلسطين التاريخية من الخريطة والجغرافيا، في مفارقة صارخة ومستفزة للعقل والمنطق، ومضادة للحق والخير، ومناقضة للمبادئ والقيم والمثل. إذ لا يعقل الحديث مجرد الحديث عن "مساندة" الشعب السوري و"دعمه" في الوقت الذي تفوح فيه الروائح النتنة من العلاقة العضوية بين هذه المجاميع الإرهابية المتسترة بستار الإسلام وبين كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يعيث في أرض فلسطين فسادًا.
هذه العلاقة العضوية هي التي جعلت العدو الإسرائيلي يكشف عن حقيقة المؤامرة التي تستهدف سوريا بما لا يدع مجالًا للشك، ولذلك لم تكن رايات تلك المجاميع الإرهابية ترفرف جنبًا إلى جنب مع علم كيان الاحتلال الإسرائيلي مصادفة تاريخ أو جغرافيا، وإنما هي توثيق للتاريخ العربي الحديث الذي يعيش زمن التحولات المعاكسة والمضادة لقواسم الوحدة العربية والأمن القومي العربي، فما العربدة الإسرائيلية في الجولان السوري سوى إحدى الصور التي ستسند هذا التاريخ العربي الحديث الذي أراد الغرب الاستعماري وعملاؤه ووكلاؤه في المنطقة أن يكتبه الإسرائيلي بدماء الشعوب العربية، باعتبار ذلك أنه الدليل الأكبر والأبلغ على أن المنطقة قد دانت للإسرائيلي وأصبح سيدًا وشرطيًّا عليها.
ولذلك في الاستيضاح السياسي المرافق لحالة الأدوار الوظيفية والأساسية، يأتي العدوان الإسرائيلي يوم أمس على الجولان السوري وتحديدًا في الجزء المحرر من ربقة الاحتلال الإسرائيلي للتأكيد على أن العدو الإسرائيلي قد دخل في المؤامرة بصورة مباشرة وبقضه وقضيضه ومن معه من طوابير العملاء وجيوش المرتزقة والميليشيات، وأنه وبهذه الطوابير مصمم على تغيير قواعد الاشتباك وفرض معادلات جديدة. وعلى الرغم من أنه بدأ يتحسس رقبته في الجولان السوري متوقعًا موعد جزها في أي لحظة، لا يزال يراهن على عملائه من جيوش لحد الجديدة وميليشياته في أنها ستكون خط بارليف جديدًا، متناسيًا أن ذلك الخط قد انهار في سويعات قليلة بفعل الذكاء المقاوم المصحوب بقوة الإرادة والشكيمة والعزم الذي لا يلين والإيمان العميق بالحق وبعدالة القضية لدى المقاتل العربي، وأي خط جديد سيكون مجرد ذرات تراب ورمل تذروها الرياح، وأنه أوهن من بيت العنكبوت أمام رجال الله المقاومين.
إذًا، لعبة تدوير الزوايا ومحاولة رسم خطوط جديدة للاشتباك لن تكون سوى مقابر للعدو الإسرائيلي وعملائه ووكلائه وما عليهم إلا الاستعداد لتحلل أجسادهم تحت ترابها والتي بلا شك ستدنس طهارته.