أما النكسات الأخرى التي قاستها الجامعة، فقد كان أبرزها زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات للقدس، زيادة على توقيعه اتفاقيات سلام مع إسرائيل.


عندما وضع القادة العرب إمضاءاتهم على “بروتوكول الإسكندرية” (1944)، وهم كل من: سعد الله الجابري (سوريا) وأبو الهدى باشا (الأردن) وحمدي الباجه جي(العراق) ورياض الصلح (لبنان) وأحمد نجيب الهلالي (مصر) لم تكن فكرة جامعة الدول العربية فكرة مجردة أو للاستعراض فقط، وإنما كانت (أصلًا) حجر الأساس للوحدة العربية التي وعدت بريطانيا بتحقيقها إن ساعدها العرب بالثورة على الترك العثمانيين!
لذا تحمست الوفود العربية المؤسسة لفكرة الجامعة ولإجراءات وضع الحجر الأساس (الدول المؤسسة أعلاه مع إضافة المملكة العربية السعودية واليمن) للمشروع بوصفه حجر الزاوية للوحدة المنشودة، متناسين بأن بريطانيا (صاحبة الفكرة الأصل) كانت قد نكثت بعهودها للشريف حسين (شريف مكة) بتأسيس مملكة عربية له ولذريته من بعده عبر المشرق العربي (الآسيوي).
لهذه الأسباب، من بين سواها، ولدت الجامعة وهي تعاني من الوهن وضبابية الرؤية، خصوصًا وأن هناك عددًا آخر من الدول العربية التي لم تحقق استقلالها السياسي حقبة ذاك. ومع ذلك كله، لم تبخل القيادات العربية على الجامعة بجهد أو بمال على سبيل تأسيسها وإيقافها على أقدامها في مقرها المنتخب بالقاهرة (عاصمة أكبر الدول العضوة).
بيد أن هذه الجامعة الفتية تلقت النكسات الواحدة بعد الأخرى كي تزداد هوانًا لتغدو أشبه بمنتدى لتمثيل “الأنظمة” العربية، بعيدًا عن القواعد الجماهيرية. زد على ذلك الضربات القاضية التي وجهت إليها عبر ثلاث من الحروب العربية ـ الإسرائيلية (1948 و1967 و1973)، ناهيك عن العدوان الثلاثي على الشقيقة مصر، 1956.
أما النكسات الأخرى التي قاستها الجامعة، فقد كان أبرزها زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات للقدس، زيادة على توقيعه اتفاقيات سلام مع إسرائيل.
وقد عُدَّ هذا حدثًا جللًا (في وقته) وخروجًا على “الطاعة القومية”، الأمر الذي أدَّى إلى مبادرة العراق لمؤتمر قمة عربي في بغداد، وهو الذي تقرر فيه خروج مصر من الجامعة ونقل مقرها من القاهرة إلى تونس الخضراء، احتجاجًا على الحكومة المصرية!

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

ولكن سرعان ما نجح الرئيس حسني مبارك برأب الصدع مع أشقائه القادة العرب، فتم التراجع عن القرارات السابقة المضادة لمصر، وأعيد مقر الجامعة إلى حيث ولدت في القاهرة، بدلًا عن تونس.
لقد انبثقت عن جامعة الدول العربية العديد من الهيئات والأجسام والمنظمات المهمة المرتبطة بها، منها المتخصصة والعامة. بيد أن أبرزها كانت مؤسسة مؤتمرات القمة العربية، تلك المؤتمرات التي أثلجت صور العرب، خصوصًا على حقبة قيادة المرحوم الرئيس جمال عبد الناصر.