أربكت هجمات المقاومة العراقية التي ازدادت قوَّتها واتسعت رقعتها في وقت مبكر وسائل الإعلام الأميركي، كما دخل البيت الأبيض في مأزق حقيقي. فعندما كان الرئيس الأميركي جورج بوش الابن يعتقد أن ما يجري في العراق مجرد (جيوب قتالية) ستتلاشى بسرعة وتختفي نهائيا، فقد كانت وقائع الميدان أشد قوة وقسوة على القوات الأميركية، فما كان من الرئيس بوش إلا أن يصدر أمره الشهير بمنع أي تغطية لوصول جثامين الجنود القتلى الذين يتم نقلهم من قاعدة البكر الجوية (80 كم شمال بغداد) وتمت تسميتها لاحقا قاعدة (أناكوندا) في إشارة للأفعى السامة، حيث تستقبل هذه القاعدة الكبيرة القتلى الأميركيين من جميع أنحاء العراق، ثم تكون مرحلة النقل الأولى إلى القاعدة الأميركية الواسعة في ألمانيا في طريقها إلى الولايات المتحدة، لكن هذا المنع لم يقف حائلا أمام عمليات نشر متفرقة وأحيانا مرتبكة في وسائل الإعلام الأميركية.
على سبيل المثال لا الحصر، فقد تجاهلت غالبية الصحف الأميركية مقتل أحد الجنود في شهر حزيران – يونيو2003 رغم صدور بيان من البنتاجون يؤكد ذلك، إذ اعترفت القوات الأميركية بمقتل أحد جنودها على أيدي المقاومة العراقية بمنطقة السدة في مدينة الكوت جنوب بغداد، وقال بيان صدر بهذا الخصوص، إن مسلحين عراقيين قتلوا الجندي (مايكل دولج) ويبلغ من العمر (23عامًا)، وتجاهلت هذا البيان غالبية الصحف ووسائل الإعلام، إلا أن صحيفة (يو أس تودي الأميركية) وثَّقت هذا الهجوم على موقعها الإلكتروني في شبكة الإنترنت.
وبينما تمكَّن المقاومون العراقيون من قتل أحد الجنود الأميركيين في الكوت (120 كلم جنوب بغداد) فقد شنَّ آخرون هجمات في الموصل وبيجي وبلدة الرمادي، وتمكَّن رجال المقاومة في العراق من قتل أحد الجنود الأميركيين في العاصمة العراقية، وفي يوم (الثلاثاء) المصادف (10/6/2003)، نفذ المقاومون هجومًا وسط بغداد ولقي أحد الجنود حتفه، واعترف بيان القوات الأميركية بالحادث، وقال إن (جافنيل نايبور) قد قتل في بغداد، ويبلغ من العمر (20 عامًا) من أوهايو، وأفردت صحيفة (واشنطن بوست) مساحة واسعة للتعريف به، وكتب العديدون كلمات في سجل الزوار، وقالت الصحيفة إنه عريف في الجيش الأميركي، ينتمي إلى الفوج المشاة (325) الفرقة المجوقلة 82، وقالت الصحيفة، إن العديد من أفراد عائلته قد خدموا في الحرب العالمية الثانية وفي حرب كوريا وفيتنام، إلا أنه الوحيد الذي لم يعد إلى بيته، في إشارة إلى مقتله على أيدي المقاومين العراقيين، رغم أنه من عائلة عسكرية، عاد جميع أفرادها من المشاركين في حروب أميركا العديدة إلى ديارهم. وقالت الصحيفة الأميركية، إنه تعرض إلى هجوم مسلح بينما كان يستريح داخل عربته، ولم تذكر المزيد من التفاصيل عن وجود جرحى من جراء الهجوم، واتضح لاحقا أن الكثير من الجنود والضباط والمتعاقدين الأميركيين قد عادوا إما جثثًا هامدة أو أشلاء جثث، وفي جميع الأحوال ما زالت وسائل الإعلام تتجاهل الكثير من الأخبار التي تتضمن خسائر أميركية في العراق.

وليد الزبيدي
كاتب عراقي
[email protected]