المدارس الدبلوماسية ـ وبالتعاون مع المدارس الطبية المتخصصة بالتغذية ـ فإنها تركز على الفاكهة، حيث تعمل على قلوية الجسم، أما اللحوم فتعمل على حمضية الجسم، فكأننا قد أخذنا استعداداتنا الكافية للاستفادة من أكل اللحم من دون حصول أي ضرر للجسم..

تختلف وتتباين آراء المدارس الدبلوماسية الأجنبية حول طبيعة بروتوكول وإتيكيت نظام الأكل والشرب، وكيف يتبارون في إتيكيت تقديم أنواع الأكل والمشروبات للضيوف في المناسبات الاجتماعية العائلية أو الرسمية (النهارية أو الليلية) (النسائية أو الرجالية أو المختلطة) وبمختلف الأنواع والأشكال، وبكميات محسوبة رغبة منهم بأن يكونوا القدوة في ذلك، ويتفننون في شكل المائدة وألوان الأغطية (فطورـ غداء ـ عشاء). أغلب المدارس تبدأ بإتيكيت الطعام وبأنواع بسيطة ومتعددة وغير مسرفة بالكميات، كما هو معروف للجميع بالاحتفاظ بالموروث التراثي والشعبي لكل دولة وخصوصيتها.
المدرسة الإسلامية المباركة تناولت هذا الموضوع بفيض من المعلومات الجوهرية؛ فإن الأطعمة والأشربة تطرق لها القرآن في كثير من المواضع، وكان رسولنا الكريم ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ يحث على هذا بعدم التبذير بأصناف الأكل والأشربة عكس ما نراه الآن تحت مظلة ومسميات مكارم الضيافة وعادات القبيلة والعائلة، أما القرآن الكريم فقد تطرق إلى إتيكيت الأكل والأشربة في كثير من الآيات الكريمة، فقد وردت لفظة (طعام) في القرآن 48 مرة وذكرت لفظة (أكل) 72 مرة، وجاءت مع ذكر الزروع والفواكه 20 مرة ومع الفواكه واللحوم 11 مرة، وهو ما يؤكد المكانة الكبيرة التي تحظى بها التغذية في الإسلام، أما لفظة (شراب) فقد ذكرت 37 مرة.
تؤكد المدارس الأجنبية الدبلوماسية بمختلف فروعها بتناول الأكل والشرب بكميات معتدلة ومتنوعة من الصنفين، حيث تطرق القرآن الكريم إلى الاعتدال وعدم الإسراف في الطعام في عدَّة آيات قرآنية منذ آلاف السنين، قال تعالى: “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا” (31 الأعراف)
كما أكد الرسول الكريم على أهم نقاط إتيكيت الوجبات الغذائية وهي نظافة اليدين والفم قبل الأكل؛ حيث قال: “بَرَكَةُ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ” وهو غسل اليدين والفم لأهميتهما في تناول الوجبات الغذائية الصحية، وهو ما تؤكد عليه المدارس الأجنبية والطبية على وجْه الخصوص.
المدارس الدبلوماسية ـ وبالتعاون مع المدارس الطبية المتخصصة بالتغذية ـ فإنها تركز على الفاكهة، حيث تعمل على قلوية الجسم، أما اللحوم فتعمل على حمضية الجسم، فكأننا قد أخذنا استعداداتنا الكافية للاستفادة من أكل اللحم من دون حصول أي ضرر للجسم، ثم إن الفاكهة سريعة الامتصاص في الجسم.
ولذلك من أهم نقاط اللياقة الدبلوماسية والسلوك المهذب الواجب الالتزام بها عند الجلوس حول المائدة، وتناول الوجبة الغذائية هي:
* اجلس وانهض من الطرف الأيسر لمقعدك، اسأل المضيف عن طبيعة الأكل حلال أم لا؟ لأن في بعض الأحيان يستخدمون زيت الخنزير في الحلويات وبقية الأكلات التي تطبخ أو تضاف لها نكهة المشروبات الكحولية، ابسط الفوطة وضعها على ركبتيك وليس على صدرك،* عدم مسح أدوات الطعام بالفوطة قبل استعمالها فاحذر من ذلك في وليمة رسمية أو شبه رسمية،* لا تحاول خلط الطعام في صحنك في “الأوبن بوفيه” وعدم أخذ كميات كثيرة ويصبح الصحن ممتلئًا،* لا تضع لقمة بعد لقمة إلى أن يتم مضغها جيدًا،* عند استعمال ملعقة الشوربة وهي صغيرة تشبه المغرفة تكون الأولى بجانب الصحن أو مع مكان الشوربة، * إذا احتجت إلى المملحة أو قطعة خبز فاطلبها من أقرب مدعو وإياك أن تمد يدك أو جسمك فتزعج الذين حولك،* لا تملأ الكأس حتى حافتها، بل إلى ثلاثة أرباع فقط، وإذا قدم لك الماء فامسك الكأس باليد اليمنى،* حين تشرب يجب أن تنظر إلى جوف كأسك ولا تنظر إلى من حولك،* لا تنفخ على لقمة حارة أو صحن حار، بل انتظر حتى يبرد،* لا تقطع الخبز بالسكين بل بأصابع اليد، ولا تعض الخبز بأسنانك بل اقطعه صغيرًا بأصابعك،* لا تقطع اللحم في صحنك، بل خذه قطع صغيرة كلما أردت تناول شيء منها وبكميات معقولة ومتزنة حفاظًا على صحتك، تؤكل السلطة عادة بالشوكة فقط إلا إذا ما كان كأوراق الخس الكبرى أو شرائح الطماطم فتقطع،* غض البصر عن الحضور وعدم الانبهار بالحاضرين وخفض الصوت، لا يجوز مطلقًا رفع الشوكة في الهواء وهي محملة بالأكل وهو يكمل حديثه من جاره الضيف،* تأخذ الملعقة عادة باليد اليمنى وكذلك السكين، أما الشوكة فتستعمل باليد اليسرى. ولأننا مسلمون لا نأكل باليد اليسرى، فإنك تستطيع تقطيع الطعام بالسكين ممسكًا إياها باليد اليمنى ومثبتًا الطعام بالشوكة في اليد اليسرى، وعند الأكل تستطيع وضع السكين جانبًا والأكل مستخدما الشوكة باليد اليمنى؛ لأن الإتيكيت يقتضي أيضًا احترام العادات الدينية على أن تخبر الضيف وجارك على اليمين واليسار كي لا تتعرض للانتقاد،* لا تأخذ السكر من ملعقتك بل من الملعقة المخصصة لهذا،*على المضيف الاهتمام بتزيين الطاولة بالزهور على أن توضع بمستوى منخفض وبألوان زاهية متناسقة والابتعاد على اللون الأصفر.
وفي الختام، يجب مراعاة اختلاف ألوان الطعام المقدم للضيف، ومراعاة أعمار الضيوف وصحتهم، وتجنب وضع الملح الزائد والتوابل، وتجنب وضع أي شيء بلاستيكي من الصحون أو الأكواب على المائدة، وإن كنت مريضًا فالأفضل الاعتذار عن عدم الحضور كي لا تحرج بقية الحضور بمرضك أو انتقال العدوى لهم.

* د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق وأكاديمي