مهلًا أيها الطائشون، أنتم تسيئون لنا وكأنكم لا تدركون ما تصنعون من أفعال مشينة لا تليق في مجتمعنا، فقد أصبحنا نرى مشاهد غير مألوفة في مواقع مختلفة وكأنه تحدٍّ للطبيعة، وإرادة الله عز وجل، وخصوصا أننا نعيش ظروفا مناخية استثنائية، وفصلا ماطرا أنعم الله به علينا، وغيثا انتظرناه ليروي الأرض بعد قحط.
لقد شهدنا خلال الفترة الماضية الكثير من المواقف غير المبررة، وصرنا نصبح ونمسي على أخبار ما بين الغرق والفقد والإنقاذ، ويكاد تكون هذه الأنباء الحزينة يوميًّا فهناك مجموعة من الشباب يعكرون فرحة الأمطار، وأجزم يقينًا أنهم يتوهمون قدرتهم على تخطي مجازفة الأودية، ولا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن حالات غرق بشكل ملحوظ دون وجود وعي وتبصُّر وتمعُّن بل أصبح الأمر عادة وكأنهم يعاقبون أنفسهم ويتلذذون بهذا العمل، الذي لم نعتد عليه بهذه الصورة الجمّة.
فعندما نتحدث عمَّا يدور على أرض الواقع، على الجميع أن يدرك بأن ما يحدث ليس له مبرر وإنما هناك استهتار من البعض، فهل ندرج ذلك من باب الشهرة أم أنهم فعلًا يريدون توصيل صورة عنهم للمجتمع مفادها اللامبالاة.
أيها الطائشون مهلًا ما هكذا تدار الأمور، وما هكذا نستقبل رحمة الله علينا بنعمة المطر وعلينا أن نكون أكثر إدراكًا ووعيًا من أن نرمي بأنفسنا في التهلكة من أجل صورة يتم التقاطها ونشهرة نزعم تحقيقها، فقذف الأنفس في مياه الوادي بزعم القدرة على السباحة دون دراية ما يحمله من مخلفات قد تؤدي إلى إعاقة حركاتك وبعدها تكون رقمًا سُجِّل في أعداد المفقودين.
لماذا يتحمل أخطاءكم الآخرون من الأجهزة الأمنية والدفاع المدني أو حتى الموجودون في المكان نفسه وهم من أبناء جلدتكم إن لم يكن إخوانكم فهل جزاؤهم هكذا يكون يتحملون وزركم الذي اقترفته أفكاركم وفهمكم المبني على تصورات وتخيلات رسمتم عليها خططكم بأنكم قادرون على تخطي مراحل الخطر وتجاوز الوضع، هنا عليكم التنبيه بأنه فاقد الشيء لا يعطيه.
وأنتم كذلك أيها الآباء الكرام البعض منكم يتجه لقضاء يومه برفقة أسرته والاستمتاع من أجل الاستجمام بفرحة الأمطار والبعد عن برنامجه اليومي، إلا أن هناك من الأسر للأسف الشديد تعطي مساحة لأبنائها من باب المتعة والفرحة دون متابعة أو مراقبة منهم ولا يحرصون على حياتهم، فربما أولئك الأبناء ليس لديهم الخبرة والمعرفة الجيدة في التعامل مع البرك المائية الذي تؤدي بهم في نهاية المطاف إلى فقدان حياتهم.
إن الحرص الذي يجب أن يكون مبنيا على وعي وإدراك بما تنتجه مثل هذه التصرفات غير اللائقة حيث تكون تبعاتها تعود على الفرد بنفسه والجهات المعنية والمجتمع التي باتت تسجل البلاغات المرصودة تفوق المتوقع، وعلينا أن نضع نصب أعيننا بأنهم جزء من واقعنا ولا نحملهم فوق طاقاتهم فهم بشر ولديهم أسر ومسؤوليات جسيمة تجاه مجتمعهم ووطنهم.

* سليمان بن سعيد الهنائي
من أسرة تحرير «الوطن»
[email protected]