بغداد ـ ا.ف.ب: موظفون وربات منزل وعمال أو ناشطون: هؤلاء هم المعتصمون داخل البرلمان العراقي منذ أيام، يرفعون المطالب نفسها، لكنهم قادمون من خلفيات مختلفة.
يكرّر الجميع الخطاب نفسه، خطاب مماثل لكلام مقتدى الصدر، ويترافق مع مطالب اجتماعية تعكس قسوة الحياة اليومية بالنسبة للطبقة العاملة في العراق: من تغيير النظام السياسي ومكافحة الفساد إلى إيجاد عمل للشباب، وتأمين خدمات عامة جيدة.
وخلف هذه اللغة الموحّدة، قصص مختلفة.
المدرّس الثائر ترك علي محمد البالغ من العمر 43 عاماً زوجته وأطفاله الثلاثة في البيت في جنوب العراق، وجاء ليشارك في الاعتصام منذ السبت.
ويطالب المدرس بدستور جديد ونظام رئاسي. ولا يخفي مشاركته منذ العام 2003 بكلّ التظاهرات التي دعا إليها التيار الصدري.
ويكرر عبارة "نحن الصدريون" أكثر من مرة، ويروي كيف شارك أربع مرات باقتحام المنطقة الخضراء المحصنة في العاصمة التي تضمّ مقرات حكومية وسفارات، فقد دخل البرلمان في العام 2016 ومكتب رئيس الوزراء، وعاد ليدخله مرتين خلال الأسبوع الماضي.
وربّة المنزل أم علي تجلس على أريكة داخل مبنى البرلمان وتأتي المرأة البالغة من العمر 47 عاماً يومياً إلى البرلمان منذ السبت مع زوجها وأشقائها وأولادهم.
وتؤكّد الجدّة لـ 13حفيداً، أنها ستأتي "كل يوم، إلى حين أن يقول لنا الصدر انسحبوا".
أما سائق التكتوك رسول عاشور البالغ من العمر 20 عاماً فهو من بين المتظاهرين الذين دخلوا البرلمان ويقلّ رسول المتظاهرين عبر الطريق الطويل الذي يؤدّي إلى البرلمان، ما يوفّر عليهم عناء السير تحت شمس حارقة ودرجة حرارة تقارب الخمسين مئوية.
يقول الشاب "إنها تعرفة رمزية، تكفيني ثمن الوقود فقط".
العمل في حيّ مدينة الصدر يعطيه مردوداً يفوق العشرة دولارات بقليل بالكاد يكفيه لتأمين قوت زوجته وابنته البالغة من العمر عاماً واحداً.
مثل رسول، جاء العشرات من سائقي التكتوك إلى المنطقة الخضراء ومحيطها لإقلال المتظاهرين إلى البرلمان.
ويقول "كل هؤلاء الشباب ليس لديهم عمل. ... نريد عملاً. ليعطوني عملاً مهما كان، حتى لو كان حراسة الحدود مع سوريا".
ويؤكد مصطفى، مهندس الكمبيوتر البالغ من العمر 29 عاماً والذي يتابع دروس اللغة الفرنسية في أوقات فراغه، أنه لا ينتمي إلى التيار الصدري ويقول عن السياسيين "لديهم الملايين والمليارات، لديهم مكيفات، وبيوت، وقصور في الخارج، ونحنا لا نملك شيئاً على الإطلاق". وعند سؤاله عن دعوة الصدر لتغيير النظام السياسي، ضحك، وقال "لكنه غيّره! أين الحكومة؟ سقطت".