سعت سلطنة عُمان منذ بداية الأزمات الصحية والاقتصادية المتتالية، والتي ضربت الاقتصاد العالمي عمومًا، وأثَّرت سلبًا على الجهود التنموية في دول العالم أجمع، وخلَّفت أوضاعًا اقتصادية واجتماعية استثنائية، إلى توفير غطاء يحمي المُجتمع العُماني من تداعيات تلك الأزمات، ومزجت بَيْنَ سَعْيها لحماية الاقتصاد الوطني، وجهود ترشيد الإنفاق، وبَيْنَ عدم زيادة الأعباء على كاهل المواطنين، خصوصًا أصحاب الدخول المحدودة، وكافحت بشتَّى الطُّرق من أجْل تخفيف الآثار الناجمة عن تلك الأزمات، وأظهرت تلك الأوقات الاستثنائية قدرة السَّلطنة (حكومةً وشعبًا) بفضل التوجيهات السديدة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ على الاستمرارية والتضامن والتماسك وتضافر الجهود الحثيثة، وتعاملت بفاعلية كبرى شهد بها القاصي والداني، عكست درجة الاستقرار الذي تنعم بها سلطنة عُمان في ظلِّ القيادة الحكيمة لعاهل البلاد المفدى.
وأدَّت القرارات، التي اتَّخذتها الحكومة قَبل وأثناء وبعد الأزمات، دورًا محوريًّا في تخفيف حدَّة الأعباء المُجتمعية التي خلَّفتها أزمتا انخفاض أسعار النفط، وتداعيات جائحة كورونا (كوفيد19) وصولًا بالحرب الأوكرانية الروسية، وما خلَّفته من تأثيرات أدَّت إلى ارتفاع أسعار السِّلع الأساسية، واستطاعت القرارات الحكومية الرشيدة كبح الآثار، والعمل على عودة التعافي سريعًا ليعود الاقتصاد الوطني مجددًا للسَّعي نَحْوَ تحقيق أهدافه التنموية الكبرى، التي تسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة المستدامة التي ترتكن إلى قطاعات اقتصادية متنوعة. ورغم التعافي، إلَّا أنَّ سلطنة عُمان لا تزال حريصة على رفع الأعباء عن كاهل المواطن، وحافظت على مجموعة من الإجراءات والحزم، التي ستقلل حدَّة التداعيات التي لا تزال موجودة رغم جهود التعافي.
ولعلَّ أحد الأمثلة على هذه الجهود، قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للقِطاع الخاص والقوى العاملة العُمانية بتمديد فترة الإعفاء الخاصة لأصحاب العمل المسجَّلين في نظام التأمينات الاجتماعية للعُمانيين العاملين في سلطنة عُمان، ونظام العُمانيين العاملين لحسابهم الخاص ومن في حكمهم، ونظام العُمانيين العاملين في الخارج ومن في حكمهم من جميع المبالغ الإضافية غير المسددة منذ تطبيق أحكام قانون التأمينات الاجتماعية 1/‏7/‏1992م، والذي يأتي استكمالًا للمبادرات التحفيزية التي تُسهم بها الدولة للتخفيف من الآثار الناتجة عن الأوضاع الاستثنائية، ومواكبة لطبيعة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تتسم باتساع التطلعات ومتطلبات المرحلة القادمة، وحرصًا من الهيئة على المشاركة في تحقيق التوجُّهات الأساسية والأهداف الوطنية، يؤكد عدم تخلِّي الدولة والجهات المسؤولة بها عن مسؤولياتها الاجتماعية، ويعزِّز ثقة المواطن وشعوره بالأمان، وهو ما سينعكس بالتأكيد على دَوْره الحيَوي المأمول، في تحقيق الأهداف الوطنية المنشودة على كافَّة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما يعطي هذا القرار فُرصة جديدة للفئات المستهدفة من ورائه لتنظيم أوضاعهم ويقلل الضغوط التي يعيشونها أثناء تلك الأزمات المتلاحقة.