يُعدُّ الالتزام بضوابط راسخة أثناء إعداد الميزانية الإنمائية في البلاد، إحدى الخطوات المهمَّة لضمان تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال التوزيع الأمثل والاستخدام الكفء للموارد، في إطار الاستراتيجية العامة للدولة، حيث تحرص الميزانية على تحديد المصروفات المتوقع أنْ تنفقها الجهات المختلفة خلال سنة مالية مقبلة على أنْ يراعى توازنها إيرادًا ومصروفًا، خصوصًا وسط توجُّه الدولة وفق التوجيهات السَّامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ بحتمية اعتماد اللامركزية كأسلوب إدارة في المستقبَل المنظور، وما صاحب ذلك من أوامر سامية رفعت الميزانيات التنموية في مختلف محافظات سلطنة عُمان، وما فرضه هذا التوجُّه الجديد من استحداث آليَّة منضبطة تربط الخطط التنموية الإنمائية في المحافظات والجهات المختلفة بالخطَّة الإنمائية العامة للدولة، فقد حرصت السَّلطنة على تنفيذ نظام إلكتروني قادر على استيعاب التطوُّرات الجديدة، والعمل على إنجاح التجربة الوليدة.
وترجمة لهذا التوجُّه عملت وزارة الاقتصاد على تعريف الجهات الحكومية المختلفة عَبْرَ تقديم شرح وافٍ عن أهم الضوابط التي يجب على الجهات الحكومية والوزارات والهيئات والمؤسَّسات العامة اتِّباعها عند تقديم ميزانياتها الإنمائية للعام القادم، بشكْلٍ يُوفِّق بَيْنَ الأولويات الخاصة بالدولة والممثلة في خطط وبرامج رؤية “عُمان 2040” والخطَّة الخمسية الحادية عشرو، وبَيْنَ احتياجات المحافظات الإنمائية المختلفة بشكْلٍ سريع ورقمي، حيث ترتكز قواعد إعداد الميزانية الإنمائية على ترتيب الأولويات بشكْلٍ علمي مدروس يحقق الأهداف والغايات الكبرى للدولة.
الحلقة التعريفية بإعداد الميزانية الإنمائية لعام 2023م والنظام الإلكتروني لها والتي نظمتها وزارة الاقتصاد، أتَتْ تنفيذًا لِمَا جاء في المرسوم السُّلطاني رقم (36/2022) الخاص بإصدار نظام المحافظات الذي منحها الاستقلال المالي والإداري من أجْل دعم اللامركزية وتعزيز مزاياها النسبية والتنافسية، ولتفعيل أدوار مكاتب المحافظات والاختصاصات المناطة بها، من بَيْنِها تنفيذ الموازنة الإنمائية الخاصة بكُلِّ محافظة وتذليل ما يواجهها من صعوبات، بصورةٍ يحقِّق طموحات وتطلَّعات المواطن، حيث يضمن التوجُّه الجديد تحقيق اللامركزية في اتِّخاذ القرارات من أجْلِ تنمية المحافظات وتطويرها، الأمْر الذي من شأنه تحقيق أهداف وركائز رؤية “عُمان 2040”، التي من بَيْنِها التنمية المستدامة للمحافظات وتهيئة البيئة الجاذبة للاستثمارات فيها، وتنمية مواردها، والارتقاء بالخدمات والأنشطة المحلِّية والبلدية فيها، وجرى توحيد المرجعية الإشرافية للمحافظات كلِّها؛ لضمان تنظيم الموضوعات ذات الطبيعة المشتركة بَيْنَ المحافظات بموجب لوائح موحَّدة تنظِّم جميع الشؤون البلدية فيها، إضافة إلى وضع اختصاصات واضحة وواسعة ومرنة للمحافظين، لتمكينهم من القيام بمهام تنفيذية مباشرة فيما يتصل بالتنمية الاقتصادية، وتعزيز مصادر الدخل الذاتية في المحافظة، وتعزيز تنافسيتها، وتشجيع الاستثمارات فيها، وبما يلبِّي تطلُّعات واحتياجات المواطنين، وبما ينسجم مع الأهداف والخطط الحكومية في هذا الشأن. وبات أمرًا مُهمًّا ترسيخ فكرة إعداد النظام الإلكتروني وآليَّة تطبيقه لإدخال المشاريع المعتمدة ومراجعتها ماليًّا وفنيًّا مع تحديد المبالغ المتوقَّع صرفها في العام القادم على مستوى كُلِّ مشروع إنمائي، وتفعيلًا لمشاركة مختلف المحافظات في إعداد الموازنة العامة للدولة.