- الوطن يعيش فـي قلب الفنان أينما ارتحل

عمّان ـ العمانية: تستمد أعمال الفنان العراقي شاكر الألوسي المعروضة في جاليري الأورفلي بعمّان، قوّتها من الارتكاز على التراث العراقي القديم، وتقديم ملامح منه عبر لوحات تستعيد طقوسًا تتعلّق بالمرأة والرجل والملابس والأزياء والعمارة والحكايات والممارسات الشعبية والأثاث وغيرها من مفردات تظهر على سطح اللوحة بحيوية وحميمية.
ولعل عنوان المعرض يشير إلى أن الوطن يعيش في قلب الفنان أينما ارتحل، وهو إذا ترك وطنه لسبب أو لآخر فإنما يحمله معه في ذاكرته وقلبه ويعبّر عنه بمختلف أشكال التعبير التي يجيدها، وهذا ما كان للألوسي الذي غادر العراق عام 2005 واستقر في الولايات المتحدة، ففي مرسمه بمدينة بالتيمور ظل العراق حاضرًا في كل تفصيلة وفي كل لون.
وتنوّعت لوحات الألوسي التي استخدم بها مواد مختلفة، وتقنيات فنية متنوعة، أبرزها الكولاج واللصق على الأقمشة، وهذا ما منح لوحاته بُعدًا بصريًّا عميقًا، فالناظر لها يشعر بنفور بعض الأجزاء فوق السطح كما لو أنها نحتٌ رقيقٌ على القماش، خاصة في تلك الأعمال التي يطالع بها المشاهد وجوهًا وأشكالًا تتحاور فيما بينها، فالنساء يجلسن وكأنهن صورة مقتطعة من مشهد حياتي حيوي، والألوان والأشكال المحيطة من الكؤوس والأواني والأباريق تبدو كما لو أنها تمتلك صوتًا مع إيقاع الألوان والخطوط المدروسة.
ولعل أبرز ما يميّز أعمال الألوسي هو ما يحققه تواشج الخط مع اللون داخل اللوحة، حيث يظهر سطح اللوحة وقد تمّت تغطيته بلون واحد وتدرّجات منه، أو بلونين على الأكثر، ثم تبدأ الأشكال المرسومة على الخلفية بالظهور بخطوط انطباعية مرنة وعفوية، وهو ما يجعل من الأعمال تقارب المدرسة الوحشية من حيث العفوية والبساطة في رسم الشكل مع العناية بالضوء الذي ينبعث من داخل الشكل ثم ينتشر في باقي اللوحة بخفة، ويُحدث هذا تأثيرًا كبيرًا على المتلقي، إذ يختار الألوسي الألوان الترابية الغامقة والقوية التي تذكّر بأجواء الأساطير وحكايات ألف ليلة وليلة.