المجازر الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي الغاشم في حق الأشقاء الفلسطينيين في قِطاع غزة يندى لها الجبين، ولم تعد تحتمل الصبر والصمت أكثر من ذلك.. فالعدوان الغاشم على قِطاع غزة الذي أسقط عددا من الشهداء والجرحى وصمة عار في جبين المجتمع الدولي الأخرس الذي يغض الطرف عما تقوم به دولة الاحتلال من انتهاكات صارخة وجرائم حرب تجاه الشعب الأعزل المحاصر الذي يكابد من أجل العيش.. ثم تأتي القنابل والصواريخ لتزيد من معاناته وألمه ويأسه.
ولم تكتفِ الحكومة الصهيونية بطعن الأمة العربية والإسلامية في جزء غالٍ منها وهو قِطاع غزة، بل أمعنت في استفزازاتها وساندت مستوطنيها المتطرفين لاقتحام المسجد الأقصى الذي يكن له كل مسلم وعربي مكانة خاصة؛ كونه أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم ليدنسه اليهود ويعبثون بقدسيته بصلواتهم التلمودية.
وبالطبع لم تقف سلطنة عُمان موقف المتفرج من هذه المهزلة وأعربت في بيان لوزارة الخارجية عن إدانتها واستنكارها لاعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي على قِطاع غزة، ودعت المجتمع الدولي إلى تحمُّل مسؤولياته نحو وقف التصعيد، ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل والشامل.. وهذا الموقف ليس بجديد على بلادنا الحبيبة بلد السلام فمن يقلب في صفحات التاريخ العُماني يجد أن سلطنة عُمان على مدار عصورها المختلفة كانت تقف بجانب الشعب الفلسطيني المظلوم وتدعمه بكافة المساعدات المادية والمعنوية.. ومنذ فجر نهضتنا المباركة لم تترك السلطنة مناسبة تتعلق بالقضية الفلسطينية إلا وأعلنت موقفها الثابت منها ورفضها للعدوان الصهيوني وممارساته الغاشمة ونصرة الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير والدعوة لإقرار السلام في المنطقة، وحل القضية بصورة عادلة ودائمة ومطالبة الاحتلال برفع الظلم والمعاناة عن الشعب المحتل.. فقد اتخذت سلطنة عُمان سياسة واضحة وخطا ثابتا من القضية الفلسطينية منذ بدايتها حيث أعلنت أكثر من مرة شفويا وعمليا وبكافة الوسائل الدبلوماسية، وفي كل المحافل الدولية دعمها الكامل للشعب الفلسطيني الشقيق وآزرته لمواجهة التحديات الصعبة التي يتعرض لها وهو يرزح تحت نير الاحتلال الغاشم ونادت مرارا وتكرارا بحق عودة اللاجئين وضرورة استرداد الشعب لأرضه، كما رفضت جل الممارسات العنصرية والانتهاكات التي تقوم بها دولة الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعب الأعزل.. وطالبت أكثر من مرة المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته في إيجاد حل سلمي سريع وعادل وشامل لقضية العرب الأولى حتى ينعم الشرق الأوسط بل العالم أجمع بالأمن والأمان.. إلى آخر هذه المواقف التي رسخت في قلوب وعقول العُمانيين أهميَّة القضية بالنسبة للدولة.
إن القضية الفلسطينية لم تعد تحتمل الصمت المطبق من قبل المجتمع الدولي، وآن الأوان للبحث عن حل سريع يخلص الشعب الفلسطيني من الاحتلال الجاثم على صدره الذي يذيقه أسوأ أنواع القمع والاستبداد والعذاب والقتل والتشريد والتهجير.. وعلى الأمتين العربية والإسلامية اتخاذ موقف حازم يعدل كفة ميزان القوة الذي يميل للجانب الإسرائيلي بشدة، والموقف هنا لا يعني الخيار العسكري الذي لن يكون لصالحنا بالمرة ولكن بالحوار والسلام الذي يحفظ الحقوق الفلسطينية.. وإذا كانت الدول الراعية لمبادرات السلام والمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية لم تفلح حتى الآن في إيجاد حل للقضية فلتتدخل دول ثانية وثالثة فرعاية القضية ليست مقصورة على دول بعينها تملك الوكالة عن بقية الدول، بل على كل من يستطيع تحقيق تقدم فيها أن يتقدم ويبذل قصارى جهده عسى أن تفلح جهوده ويتمكن من كسر الجمود الذي يصيب القضية.
إننا نضم صوتنا لصوت سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عُمان الذي طالب في تغريدة له “الأمة الإسلامية جميعا أن تقف بكل قوة في وجه الكيان الصهيوني المعتدي، وأن تساند بالحال والمال إخواننا في الأرض المحتلة”.. فعلينا أن نجعلها انتفاضة عربية وليست فلسطينية فقط عسى أن يسمع صداها العالم ويستجيب لمطالب الفلسطينيين.. فهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لأشقائنا المظلومين.
✱✱✱
سلطنة عُمان.. جنة الله في الأرض.. حباها المولى سبحانه وتعالى بمُقوِّمات طبيعية وبيئية وبشرية فريدة جعلتها قبلة لكل من يريد أن ينفض عن كاهله هموم الدنيا وينعم بطبيعة خلابة وحضارة تليدة، وفي ذات الوقت نهضة حديثة تسير في ركاب الدول المتقدمة.. إلى جانب شعب يفتح يد الترحاب لكل قادم فيترك بصمة جميلة اشتهرت بها دولته.
وكل هذه المُقوِّمات كانت سببا في وضع خبراء السياحة سلطنة عُمان في المركز السابع عالميا كإحدى وجهات السفر السياحية لعام 2022م وفقا لموقع “لونلي بلانيت” الأسترالي بعد أن حققت السلطنة المعايير المطلوبة المتمثلة في التنوع المناخي والجغرافي طوال العام.. وقد وصف التقرير سلطنة عُمان بأنها تشتهر بجمالها الطبيعي وقِيَمها الأصيلة وتراثها الغني إلى جانب وصف مفرداتها بالتفصيل.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا: ماذا بعد هذا التقرير الدولي المهم؟
لا شك أن هذه الشهادة الدولية مهمة جدا، وعلينا ألا نفوت هذه الفرصة للترويج لبلادنا والعمل على استقطاب أكبر عدد ممكن من السائحين، خصوصا أن هناك أيضا تقارير دولية عديدة ألمانية وأميركية وفرنسية وروسية وبريطانية وغيرها جعلت من السلطنة وجهة سياحية مهمة وأدرج اسمها في قائمة الدول التي يفضلها السياح.. وأخيرا أوصى الموقع الأسترالي المسافرين بالتوجه لسلطنة عُمان لكي ينعموا بالمتعة والاستجمام، ولكن كل هذا لا يكفي.. فلا بُدَّ للمسؤولين في السلطنة من تكثيف الوسائل الدعائية، لا سيما أن مواقعنا السياحية والأثرية أصبحت تمتلك المرافق والخدمات المختلفة التي ستوفر للزائرين الراحة والأمان والجمال والهدوء. إن الأرقام تثبت بما لا يدع مجالا للشك التطور الكبير الذي يشهده القِطاع السياحي في السلطنة، وأن السياسة الحكيمة استطاعت أن تستغل مُقوِّمات وطننا الحبيب خير استغلال، وأن العاملين على القِطاع السياحي يعملون بإخلاص قدر استطاعتهم لتحقيق النفع للوطن والمواطن.. وندعو الله أن نرى ملايين الزائرين يجوبون ولاياتنا وشوارعنا وينمو القِطاع السياحي ويحقق المنشود منه ويُسهم في تعزيز الصورة المضيئة لسلطنة عُمان في الخارج.

ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني