تتيح المعلومات التي عرضها كتاب المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إجراء قياسات عمل بين كل الجهات التنفيذية الميدانية المعنية بالتنمية من زاوية الاقتداء بالنموذج..

شغلني في الأيام القليلة الماضية البحث عن أصداء للكتاب السنوي الذي أصدره المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في سلطنة عمان في عددهِ الخمسين لأهمية المعلومات التي تضمنها الكتاب في تقديم صور رقمية تحليلية، إلا أنني لم أجد ما يستحق من متابعات رغم أهمية منجز المركز في تأشير المتحقق على صعيد التنمية الشاملة، وبخصوصية، المتحقق على صعيد التنمية البشرية المستدامة أيقونة التنمية بنسختها العامة إذا أخذنا بالاعتبارات الحقوقية.
ربما تعود قلة الأصداء إلى أن الوقت ما زال مبكرًا لتناوله، ولكن بالعموم ينبغي أن لا يكتفي المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في نشره من خلال بوابته الإلكترونية وإنما في إيجاد محركات لإيصال مضامين الكتاب إلى الرأي العام العُماني من خلال ندوات، لقاءات، مقابلات صنوف إعلامية أخرى نظرًا لأهمية المعلومة في تكوين قناعات معرفية معينة، خصوصًا إذا ارتبطت بمداولات معرفية مع الجهات التي تناولها المركز.
وفق قراءتي الشخصية للكتاب أنه انطلق من تراتب معلوماتي إحصائي في ثلاثة معدلات للنمو، الأول كان يمكن أن يكون أحسن، الثاني وفق ما مرسوم له، أما الثالث فقد حقق فائض قيمة بالمنجز ويُمثِّل علامة متميزة في كل الأحوال، علمًا أن الكتاب غطى فترة زمنية لم تكن خالية من تحديات معروفة، أغلبها كان قاسيًا.
وبقدر نتائج قراءتي الشخصية للكتاب أيضًا، من المهم جدًّا أن يكون المواطن العُماني البسيط على معرفة بما تضمنه في أقسامه الثمانية عشر الموزعة على عشرة فصول ضمن مساحتي القِطاعين، العام والخاص.
لقد تضمن بيانات عن مختلف المجالات، الزراعية، الثروة السمكية، الطاقة، التعدين، التجارة، النقل، الاتصالات، الخدمات العامة (الصحة، التعليم، الخدمات الاجتماعية، الأمن والسلامة العامة، الإعلام والثقافة) وما يحسب للذين كلّفوا بإنجازه، أن الآلية التي أُستخدمتْ فيه تتطابق مع المعايير العالمية في إعداد هذا النوع من التقارير. وبمعنى مضاف يُمثِّل وثيقة إنجازية تتناسب وحاجة الدولة العُمانية للمزيد من توطين منزلتها التنموية بين دول المنطقة، خصوصًا وأن المنجز المتحقق قد اعتمد على القدرات الذاتية الوطنية دون أن يسقط من الاعتبار التعرف على تجارب الدول الأخرى في هذا المجال الحيوي.
وحسب مراجعتي للكتاب أيضًا، أرى وجود رابط تخادمي بين مضمون هذا الكتاب وتقرير البنك المركزي العُماني الذي صدر في الشهر الماضي (العدد العاشر من تقريره السنوي) الذي أشار فيه إلى تراجع المخاطر المتعلقة بالاستقرار المالي للسنة الحالية 2022، وكذلك التأكيد الميداني الواضح على رعاية منهجين متلازمين، المنافسة، والحدِّ من الاحتكار.
بخلاصة استنتاجية للأصداء التي أشرت إليها في البداية، يظل إيصال ما تضمنه الكتاب إلى عقل المواطن العُماني البسيط واحدًا من المهام الضرورية؛ لأن ذلك من شأنه أن يتيح تتبع عناوين التنمية، وهو بذلك يكون قد تعرف على إحدى أهم المعارف الوطنية، وتلك من محركات الثقة المتبادلة بين مكوِّنات الدولة العُمانية.
وبخلاصة أخرى، تتيح المعلومات التي عرضها كتاب المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إجراء قياسات عمل بين كل الجهات التنفيذية الميدانية المعنية بالتنمية من زاوية الاقتداء بالنموذج، ويرى علماء النفس الإداري أن ذلك أحد أهم معايير التنافس، فضلًا عن أن الكتاب يضع في يد الباحث أو المعنيين في التخطيط التنموي الخيارات المتاحة ليكون إعداد الخطط للمدى المنظور في ضوء المعلومات التي أوردها تأسيسًا على مضمون التواصل بين مفاتيح التنمية ضمن إطاراتها المتنوعة، وهكذا فإن ما أورده الكتاب ـ التقرير ـ ليس للتوثيق فحسب، وإنما لتأشير معالم المحتوى التنموي المطلوب للمرحلة المقبلة.


عادل سعد
كاتب عراقي
[email protected]