- العلم ساهم فـي تشخيص الأمراض الوراثية ورفع الكفاءة العلاجية
- عفاف الشيخ: الجينوم يشمل الحمض النووي الخاص بالإنسان ويحتوي على 23 زوجا من الكروموسومات

كتب ـ سليمان بن سعيد الهنائي:
يعد الجينوم البشري ذا تأثير كبير على حياة الانسان والجسم البشري، فهو يمثل الكثير من الأهمية في اتخاذ قراراته السليمة والصحيحة، وله ارتباط مباشرة بالحمض النووي الخاص بالإنسان والذي يحتوي على (22) كروموسومًا جسميًا وزوج من الكروموسومات الجنسية ويتميز بأنه يحمل المعلومات اللازمة لبناء الكائن الحي ويحافظ عليه طوال حياته..
للحديث عن الجينوم البشري التقت (الوطن) مع عفاف بنت محمد الشيخ التجاني احدى الكوادر الطبية في المركز الوطني للصحة الوراثية التابع للمستشفى السلطاني، حيث قالت: طب الجنيوم يعد من التخصصات المهمة في مجال الطب، ويعمل به من أجل البشرية والاستفادة منه في الحفاظ على حياة البشر، ويمكن من خلال هذا التخصص تشخيص الأمراض الوراثية التي تفتك بالنسل والأرواح وهدر الطاقات المجتمعية والتي تتناسب تناسبًا عكسيًا مع القوى البشرية والاقتصادية. وأفادت بأن علينا ان بعض توضيح الحقائق حتى لا يظل طب الجينوم محاطا بالكثير من جوانب الخوف والاعتراض والقلق، فهو ليس مجرد تخصص يمكن أن يكتشف أي خلل جيني ويمكن مشاهدته في عائلات معينه تتوزع خلال الأجيال بحسب قوانين منديل، فدور العلم المساهمة في العلاج وكشف الحقائق وتفسير الموجودات ورفع الكفاءة العلاجية دون ضرر يوجد طفرات جديدة تفتك بالنسل البشري.
مصطلح الجينوم
وأشارت الى أن المصطلح يشمل جميع الحمض النووي الخاص بالإنسان ويعرف ايضا باسم المجين البشري، وهو عبارة عن مجمل المادة الوراثية عند الانسان و يحتوي على 23 زوجًا من الكروموسومات منها (22) كروموسومًا جسميًا وزوج من الكروموسومات الجنسية (ذكر أو أنثى)، حيث يحمل الرجل الطبيعي تركيبًا كوروسوميًا وتحمل المرأة الطبيعية (46)، ويحتوي الجينوم على المعلومات اللازمة لبناء الكائن الحي والحفاظ عليه طوال حياته، منوهه بأنه يمكن القول ان الجينوم هو دليل التشغيل الذي يحتوي على جميع التعليمات التي ساعدت على التطور فيشمل النمو ومساعدة الأعضاء على القيام بوظائفها، ويصلح نفسه عندما يتلف بطرق تتداخل فيها العوامل الاخرى كالبيئة او التغذية.. وغيرها، وكلما زادت معرفتك بالجينوم الخاص بك وكيف يعمل، تعرفت على حقيقة صحتك واتخذت قرارات صحية مستنيرة يمكن أن تفيد نفسك والمجتمع بها.
اللقاحات والعلوم الحيوية
وأفادت أيضا بأن معرفة الجنيوم وخصائصه عبر طب الجينوم هو الذي مكننا من انتاج لقاحات عالية الجودة الفعالية والمأمونية، وصنع أدوية وهرمونات ضرورية جدًّا لآلاف المرضى.. وغيرها من الفوائد الأخرى، ومنذ أن بدأت العمل في مجال الوراثة البشرية، وزادت معرفتي لكثير من جينات الجينوم البشري والذي يعد من أهم الاكتشافات العظيمة بما قدمه لنا من فوائد جمة بالنسبة لكافة العلوم الحيوية. وأكدت عفاف الشيخ بأن نشر التوعية مهم جدًّا وله صدى عالي في معرفة فوائد الجينوم وطب الجنيوم والاقبال عليه يؤدي إلى التخفيف من انتشار العديد من الأمراض الوراثية بين أجيال المستقبل ويساعد الأجيال الحالية في تلقي العلاج وكذلك في الإقبال على الفحوصات الجينية للكشف المبكر عنها وتفاديها بفحوصات ما قبل الزواج، وعليه أن يكون ذا دراية ووعى وإدراك فالكشف المبكر يقلل ويحقق تفادي الاصابة بالكثير من الامراض الوراثية. أما عن دور العلم في إيجاد بعض الحلول المكتشفة حديثا، أوضحت تم توفير علاج بديل للأنزيمات المتعلقة في بعض الامراض الاستقلابية والذي يتطلب أخذ جرعات في أوقات متقاربة طول العمر ناهيك عن علاج الأعراض المصاحبة أو الناتجة عن الخلل الجيني أو الطفرات ومعظمها يحتاج إلى علاج طويل الأمد وقد تتطور الى ابعد من ذلك هو العلاج بالجينات وهذا موضوع واسع له بعض الجوانب الأخلاقية والشرعية وبإذن الله سوف نتحدث عنه في العدد القادم.
الجينات
أما فيما يتعلق بالجينات أفادت بأن الجينات جمع جين وهو جزء من الموروث البشري ومجموعها يمثل الجينوم البشري، و‏‏يعتبر الجين‏‏ الوحدة الأساسية للوراثة‏‏ تنتقل الجينات من الآباء إلى الابناء تحتوي على المعلومات اللازمة لتحديد السمات الفيزيائية والبيولوجية، كما أن معظم الجينات ترمز لبروتينات محددة، أو أجزاء من البروتينات، والتي لها وظائف مختلفة داخل الجسم.
الطفرات الجينية
فيما يتعلق باختلاف الجينات بين البشر ذكرت عفاف الشيخ بأن كل البشر يحملون نفس عدد الكروموسومات ونفس عدد الجينات يعني نفس كمية المادة الوراثية ولكن هناك اختلافات معينة تجعلنا نختلف عن الآخر تسببها الطفرات الجينية والتي تعتبر من اهم القضايا التي نشغل العلماء التي زادت من البحوث والتجارب لمعرفة أسراها بسبب تغيرها للمادة الضبغية والتي يمكن ان تؤدي الى الأمراض السرطانية.. وغيرها من الأمراض الوراثية الأخرى، وهناك نوعان من الطفرات اما طفرات جينية مثل: مرض البيتا ثلاسيميا، والأنيميا المنجلية، او طفرات الصبغية (الكروموسومية) مثل: متلازمة داون وجود ثلاث نسخ من (كروموسوم 21) بدلًا من اثنين، ومتلازمة إدوارد وجود ثلاث نسخ من (كروموسوم 18) بدلًا من اثنين، ومتلازمة تيرنر نقص في الكروموسومات المحددة للجنس ووجود كروموسوم (اكس مفرد)، ومتلازمة (كلينفلتر) وهي زيادة في الكروموسومات الجنسية، ووجود ثلاثة كروموسومات بدلا من اثنين اي زيادة في كروموسوم اكس.. وغيرها من الطفرات الكروموسومية الاخرى كالانتقال او الانقلاب او الدوران الحلقي، ومن هنا تأتي أهمية الفحوصات الوراثية ويمكن كذلك ملاحظة ومتابعةالنتائج غير الطبيعية وكذلك استخدامات التقنيات الأخرى المساعدة في التشخيص مثل: التصوير بالموجات الصوتية للجنين أثناء الحمل في تساهم في الكشف المبكر لبعض الأمراض الوراثية للأمهات الحوامل الأكثر عرضة للاعتلالات الكروموسومية ويؤدي الاهتمام بالمتابعة الدورية خاصة لدى العوائل التي لديها أفراد مصابة بتلك الأمراض.
الفحوصات الجينية
أما فيما يتعلق عن أهمية الفحوصات الجينية قالت عفاف الشيخ: أتمنى ان احمل تفاصيل (جنيومي) في محفظتي كما احمل بطاقة (هويتي) وفي الواقع أشجع على اجراء الكشف الجيني والمبكر واتمنى ان يكون للأجنة المقدمة لان ذلك يجعلنا ندرك مدى الأمراض التي يحمله هؤلاء الأجنة (وهم يعتبرون الأجيال القادمة) ومعرفة ما هي المخاطر التي تحيط بهم وبذلك نكون اوجدنا كل الدراسات الشاملة ووضع الخطط الاستراتيجية سواء كانت علاجيه او غيرها من الخطط التي تساعد في بناء اجيال اصحاء يحملون راية الوطن.
أنواع الكشف وفوائده
وأوضحت عفاف الشيخ أن هناك أنواعًا للكشف الجيني ليكون على مراحل منها الفحص قبل الزواج والفحص أثناء الحمل والفحص عند الولادة والفحص عند الالتحاق بالمدرسة والفحص في سن البلوغ (المسح الوراثي)، أما عن فوائد الكشف أشارت عفاف الشيخ الى انه من ناحية الاختبار الوراثي له فوائد، سواء كانت النتائج إيجابية أو سلبية لطفرة جينية أو كروموسومية، يمكن أن توفر نتائج الاختبار شعوراً بالارتياح من عدم اليقين ومساعدة الناس على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن إدارة الرعاية الصحية الخاصة بهم، على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي النتيجة السلبية إلى إلغاء الحاجة إلى إجراء فحوصات واختبارات فحص غير ضرورية في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي النتيجة الإيجابية إلى توجيه الشخص نحو خيارات الوقاية والرقابة والعلاج المتاحة، يمكن لبعض نتائج الاختبارات مساعدة الأشخاص أيضًا في اتخاذ القرارات المتعلقة بإنجاب الأطفال، يمكن لفحص حديثي الولادة تحديد الاضطرابات الوراثية في وقت مبكر من الحياة حتى يمكن بدء العلاج في أقرب وقت ممكن.
تأثيرات الاختبارات الجينية
وحول تأثير الاختبارات الجينية والفائدة التي يجنيها الشخص قالت: تكمن في الاستقرار الأسري والمجتمعي ورفع كفاءة الاقتصاد من حيث وجود جيل من الاصحاء، وتخفيف الاعباء على مجمل تكلفة المصروفات في الجانب الصحي، وأيضًا توفير العبء على المستشفيات بسبب قلة الحالات المنومة وحفظ طاقات بنوك الدم والعمل على نظام ثابت للحد من الأمراض الوراثية وذلك من خلال التثقيف المستمر.
جودة الخدمات
وأعربت عن أهمية جودة الخدمات المتمثلة في حفظ البيانات وذلك من اجل القدرة على تبادل الخبرات وتوحيد الجهود، وهناك علينا ان يكون بحذر شديد في الاحتفاظ بالبيانات الجينية بسرية تامة وأيضًا إيجاد خارطة جينية عربية لتفسير النتائج ومقارنتها بالجينوم العربي بدلا من مقارنتها بالجنيوم الغربي من أجل ان تساهم في وضع جهود الموحدة للحد من الامراض الأكثر انتشارا في العالم التى تفتك بالبشرية وتخلف طفرات وراثية وأخذ الحيطة والحذرفي بعض التداخلات الدوائية التي تسبب بعض الطفرات الجينية، باستخدام فوائد المجين البشري والتطبيقات الطبية لعلم الوراثة الجزيئية.
بحوث الجينات والفضاء
وأشارت عفاف الشيخ إلى أن البحوث المتعلقة بعلم الجينات وعلوم الجينوم تتطورت واصبحت تستخدم في رحلات فضائية وهناك بحوث أجريت من قبل وكالة ناسا لبعض روائد الفضاء، حيث بدأ اكتشاف الحمض النووي التيلومري (نهاية الكروسوم) والتيلوميراز (انزيم) وتعتبر تلك البحوث ثورة في العلاجات العلمية لمكافحة الشيخوخة القائمة على علم الوراثة أرتبط البحث في كيفية قياس تنبؤي موثوق به عن الشيخوخة والذي أصبح من الواضح أن (لها علاقة بين طول التيلومير والشيخوخة اي بمعنى أن متوسط طول التيلومير يكون أقصر عند كبار السن)، وقامت دراسات أخرى بالمقارنة حول طول التيلومير في الخلايا السرطانية، وتبينت بأن الإفراط في التعبير عن الإنزيم تيلوميراز في الخلايا السرطانية يجعلها تعيش لفترة أطول من الخلايا الطبيعية.
دراسة التوأمين
وأوضحت عفاف الشيخ بأنها شاركت في مؤتمر الجمعية الدولية لفحص ما قبل الولادة ومقرها أميركا بموضوع بعنوان: (الصحة الوراثية والجينومية من الأرض إلى الفضاء والعلاقة بين طول التيلومير ومكافحة الشيخوخة) ونشره حيث إنها تقارن في دراسة حديثة على توأمين اثنين أجرتها وكالة ناسا عام 2019 أظهرت أن إحدى أكثر النتائج إثارة للدهشة كانت اكتشاف أن تيلومرات سكوت (التوأم في الفضاء) نمت لفترة أطول أثناء وجودها في الفضاء. هذا على عكس ما كان متوقعا بأنه مع تقدمنا في السن تصبح التيلوميرات الخاصة بنا أقصر ويمكن استخدامها كمؤشر حيوي للشيخوخة المتسارعة، أضافت بأن خطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالعمر مثل: الخرف أو أمراض القلب والأوعية الدموية (ناسا 2019)، وكانت تيلوميرات سكوت أطول أثناء رحلة الفضاء مما كانت عليه من قبل ومع ذلك عند عودته إلى الأرض، انخفض طول تيلوميرات سكوت بسرعة، وفقًا لبيلي، ويظل الارتباط بين طول التيلومير ورحلات الفضاء سؤالًا مفتوحًا.