الكثير من لم يعش البدايات الأولى لانطلاقة النهضة الحديثة لسلطنة عمان عبر المسيرة المباركة، التي اوقد شعلتها المغفور له باذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ في الثالث والعشرين من يوليو سنة 1970م ، يتفاعل مع بعض الجوانب التي يعتقد بأنها يشوبها نوع من عدم التحقيق لمتطلبات واحتياجات افراد المجتمع بسلبية مفرطة وسخط يسيء فيه احيانا عدم التوفيق في الطرح، ولو تمعن قليلا كيف او اين كنا في بدايات الانطلاقة لتراجع عما يحدثه من اثاره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث إن التحول الذي شهدته سلطنة عمان يعد ملحمة وطنية الانسان محورها فانارت العقول وتعافت الابدان وشبعت البطون وسهلت للناس الدروب وقصرت المسافات بين المدن والولايات، فتواصلت المدن بالاتصالات وتقاربت القرى بالتعمير وانتفت بينها تلك العوامل الجغرافية التي تميز كل قرية عن الاخرى، حيث ان القرية التي كنا نسكنها على الشريط الساحلي بينها وبين القرية الاخرى مسافة تصل الى اكثر من كيلو متر وبعضها اكثر من ذلك، وتبدلت تلك المساكن التي الى عام سبعين وبعده بسنوات قليلة كانت مبنية من سعف النخيل الى حوائط وغرف اسمنتية، واصبح ذلك المغترب لسنوات منقطع التواصل مع اهله طلبا للرزق في دول اخرى ويعتمد على المراسلات الخطية متى ما قرر احدهم العودة الى الوطن، قادرا في اي لحظة من ليل او نهار الاتصال الهاتفي، هذا فضلا عن ان السواد الاعظم كان لا يمتلك هوية او جواز سفر فاصبح يملك تلك الهوية، كما ان النهضة الحديثة مع بداية انطلاقتها سدت تلك الفجوة في الجانب الصحي من خلال نشر المظلة الصحية فترك الناس الطبيب الشعبي ولجأوا الى العيادات والمراكز الصحية.
قصة 23 يوليو وحكاياتها تطول فهي زاخرة بالمنجزات وفي كل عقد منها تطور وتحول وبناء في الانسان والعمران، وقافلة لاتهدأ في مسيرتها الظافرة تحمل بين جنباتها حاجة المواطن والوطن، كانت متسارعة في خطاها لتعويض سنوات من الحرمان والاستفادة من الخيرات التي حبا الله بها عمان تحت الأرض وفوق الارض، لانها حظيت بقائد يحمل مشروعا وحركة مستمرة لا تهدأ بين الجبال والسهول والشواطئ والوديان، ففي كل وقفة يولد منجز وفي كل جولة اعادة هيكلة لمدينة او قرية، هكذا كانت المسيرة وهكذا لمسنا وعشنا الكثير من التحولات الكبيرة التي اوجدت انسانا لديه القدرة على التفاعل الايجابي مع حركة الحياة المعاصرة، وإذا كانت المسيرة ونهضتها المباركة بدأت بقيادة السلطان الراحل طيب الله ثراه، فانها تتجدد مع حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ برؤية ترسم لواقع جديد سيتحقق باذن الله خلال العشرين سنة القادمة، وستضيف مع ما تحقق من منجزات خلال العقود الخمسة الماضية منجزات اخرى تعزز البنى الاساسية لمرتكزات الوطن، وتبني اقتصادا ذا استمرارية وديمومة ينعم بخيره الوطن والمواطن ويرتقي بالقوى العاملة الوطنية لتقود المشهد في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار .
نعم سلطنة عمان من خلال نهضتها المتجددة لاشك تمضي بخطى ثابته ومتأنية نحو المستقبل، وهي تراهن على الانسان وقدرته على قيادة التغيير والتحول الى التنوع الاقتصادي والتوسع في تمكين العماني، واذا كان هناك تحديات وصعوبات اعترضت المسيرة والتحول المنشود وابرزها الازمة الاقتصادية وكورونا، والتركيز الحالي على سداد الدين العام الذي يشكل هاجسا امام الحكومة، فان ذلك اعتقد لا يؤثر على الجانب الاخر للحكومة في معالجة مشكلات وقضايا المواطن المتمثلة في توفير فرص العمل والتقليل من حجم الفواتير التي يدفعها على شكل رسوم خدمة او ضرائب، اذا ادركت تلك القيادات التي منحت الثقة السامية لادارة مرافق الدولة، فمن يعرف أين كنا وما نحن عليه في الوقت الحاضر ردة الفعل لديه عقلانية الا ان الاجيال التي توالت بعد ذلك الاندفاع لديها اكبر نحو طلب الاسراع في احداث فارق تستشعر نتيجته، حيث ان متطلبات ومغريات الحياة المعاصرة تدفعها الى رفع سقف المطالبة وسرعة تلبيتها.


* طالب بن سيف الضباري
امين سر جمعية الصحفيين العمانية
[email protected]