[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
ظاهرة يعيشها العراقيون تعكس الوضع الجديد لما بعد الاحتلال، وهي تعدد وتنوع الرايات في المناسبات والفعاليات السياسية والاجتماعية، غير أننا لاحظنا مشهدا مخالفا تماما يجري بالعراق عندما رفع الفرنسيون وتوحدوا تحت علمهم الوطني في الحشد الدولي الذي لم يسبق له مثيل في تأريخ الدولة الفرنسية.
الراية التي احتشد نحو ثلاثة ملايين فرنسي تحتها كانت رسالة للجميع مفادها أن الفرنسيين بكافة ألوانهم السياسية والعرقية توحدوا في مواجهة المخاطر والتحديات، وأظهروا وعيهم الحضاري بالتعاطي مع الأزمات من دون اللجوء إلى الرايات العرقية والمذهبية المفرقة للأوطان.
وحسنا فعلت الرئاسة الفرنسية عندما لم توجه الدعوة لممثلي اليمين الفرنسي المتطرف للمشاركة بالتظاهرة المليونية لمنع استغلال جريمة صحيفة شارلي ايبدو وتداعياتها في عملية الشحن والتحريض والكراهية على الوافدين والمقيمين في فرنسا.
وهذه الالتفاتة تعكس الموقف المسؤول للقيادة الفرنسية التي تفرق بين الإسلام والإرهاب، وأن ما جرى ليس له علاقة بالإسلام حسب ما أكد المسؤولون الفرنسيون مرارا.
والمفارقة في التظاهرة الدولية لدعم فرنسا في مواجهة الإرهاب تصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقادة العالم وكأنه حمامة سلام، في حين أن آلته العسكرية تقتل يوميا وتمارس كل أنواع الإرهاب بحق الفلسطينيين على مرأى العالم الذي يقف عاجزا عن وقف تماديها على حقوق الشعب الفلسطيني.
واستغل نتنياهو المناسبة بدعوة يهود فرنسا إلى العودة "لأرض الميعاد إسرائيل" في إشارة مبطنة أن فرنسا لم تعد آمنة بعد حادثة شارلي ايبدو.
إن ما شهدته باريس ومدن فرنسية أخرى والهبة الدولية للتضامن معها، وتوحد الفرنسيين في مواجهة الأخطار ينبغي أن يعي دلالاتها سياسيو العراق ويشرعوا إلى الإقلاع عن خلافاتهم، وتجاوز التخندق الطائفي التي أبقت العراق في خانق ربما لا يمكن الخروج منه لا سيما وأن ما يجري بالعراق منذ احتلاله وحتى الآن أخطر وأكبر مما جرى لفرنسا بعد حادثة شارلي ايبدو.
وهذا يتطلب أن تتوحد الرايات براية واحدة هي علم العراق؛ لأنه رمز لوحدته وقوته مهما علت رايات الأحزاب والفعاليات الأخرى؛ لأنها لن تستمر إذا لم تستظل وتستمد القوة من الراية الأم وهي العلم العراقي.