■ مطالب بالعناية بها ودعم توسيع انتشارها وأعدادها
■ استنكار لاستيرادها من الخارج بسبب النقص وتساؤلات عن مشروع 100 ألف شجرة
■ الآفات تقف وراء تراجع إنتاجيتها وغياب الصناعات التحويلية عنها
■ جهود وزارة الثروة الزراعية والسمكية مطلوبة للحفاظ عليها ومواجهة التحديات البيئية

تحقيق ـ ليلى الرجيبية:
«تصوير : وفي الفهدي»
شهدت محافظة ظفار خلال موسمها الحالي تساؤلات كثيرة حول نوعية النارجيل الذي يعد واحدا من اهم المقومات السياحية التي تشتهر بها محافظة ظفار في الوقت الراهن، خصوصا في موسم الخريف، والذي يتوافد فيه أعداد كبيرة من السياح .. تلك التساؤلات خرجت من متذوقي النارجيل بمصدره بين الإنتاج المحلي او المستورد والذي فتح المجال في التحقق بشكل كبير عن هذه الشجرة ومدى الاهتمام بها بالمحافظة والدور الحكومي لها وكذلك ابرز التحديات التي تواجهها شجرة النارجيل النادرة في منطقة الخليج والاستفادة منها ومن صناعاتها التحويلية. نتطرق في هذا التحقيق إلى العديد من الجوانب الهامة لهذه الشجرة والدور الكبير الذي تلعبه في الترويج السياحي للمحافظة وآلية المحافظة عليها وغيرها من التساؤلات الهامة عن عدم الاهتمام بها من قبل الوزارة المعنية بالإضافة الى الأنواع المستوردة من تايلند وسيريلانكا وغيرها من الدول، إلى جانب عدم استحداث و استبدال الأشجار الكبيرة بالصغيرة، وحتى يتم تغطية الطلب من زوار خريف صلالة يتم جلب الثمار من دول أجنبية؛ مثل سيريلانكا والفلبين وتايلند وكذلك انتشار عدد من الافات التي تهدد شجرة النارجيل والتي تعاني منها المزارع الى يومنا هذا، كما تساءلوا عن مشروع 100 ألف شجرة نارجيل اين وصل به الحال ؟ ..

اكتفاء ذاتي
أكد الدكتور أحمد بن بخيت الشنفري مدير البحوث الزراعية بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياة بصلالة أن الموسم الحالي يوجد به اكتفاء من انتاج اشجار النارجيل وعلى حسب المصادر التي اطلعت عليها الوزارة، بأنه تم استيراد ثلاث شحنات بناء على طلب التجار وذلك لتنويع المعروض من ثمار النارجيل وقد تم طلبه من الهند وليس هناك عجز في الانتاج المحلي، كما انني قمت بالاشراف بنفسي خلال الموسم الماضي على عدم تصدير ثمار جوز الهند الى خارج المحافظة وبخاصة في فصل الخريف، حتى يستطيع تغطيه الطلب عليه في فترة الخريف بالذات لذلك يوجد لدينا اكتفاء في السوق من النارجيل المحلي.

مساحات شاسعة لأشجار النارجيل
وقال الشنفري : بذلت الحكومة الرشيدة الكثير من الجهود للمحافظة على أشجار النارجيل ( جوز الهند ) كونها احد الموارد الاقتصادية الهامة في المناطق الساحلية بمحافظة ظفار، وقد بلغ عدد الاشجار المزروعة حسب التعداد الزراعي الاخير أكثر من 150 ألف شتلة لشجرة النارجيل، بعدما قامت الوزارة منذ العام 2018 بتوزيع ما يقارب 50 الف شجرة نارجيل على عدد من ولايات المحافظة ونحن مستمرين في توزيع تلك الشتلات الى ان نصل الى العدد المطلوب كما ان توزيع الشتلات لا يقتصر على فئات معينة، بل انه شمل الجهات الحكومية والخاصة والمواطنين واصحاب المزارع، لذلك من الملاحظ ان اشجار النارجيل اصبحت تزدهر بالمحافظة في كل مكان على الشوارع والمنتزهات والمنتجعات وغيرها من الاماكن التي تشكل اكبر تجمع سكاني وبخاصة في فصل الخريف .

أنواع جديدة من النارجيل
وأكد الشنفري ان لشجرة النارجيل 200 جنس و 1500 نوع، كما يوجد من شجرة النارجيل 80 صنفا ويوجد في محافظة ظفار ما يقارب 3 اصناف وفي العام 2011 قامت الوزارة بجلب ما يقارب 11 صنفا جديدا من اشجار النارجيل وتحديدا من ساحل العاج وبما يقارب 27 الف شتلة من الساحل الافريقي وقد قامت الوزارة بالاشراف على نجاح زراعتها وانتاجيتها بالاضافة الى قياس حجم الثمار وقبلها قامت الوزارة بجلب شتلات اشجار النارجيل من سيريلانكا و الاشجار معرضة لاصابتها بعدد من الفيروسات والآفات وغيرها من الافات المختلفة والتي وضعت الوزارة على عاتقها مكافحة تلك الحشرات من خلال وضع خطة حيوية للمكافحة وهذا ما حدث في السنوات الماضية، كما قامت الوزارة بعدد من الدراسات والبحوث على اشجار النارجيل وعلى الاراضي المزروعة بها من خلال عمل مسح شامل لتقييم فاعلية الاراضي المزروعة وامكانية انتاج ثمار للاشجار مستقبلا .

المحصول لا يغطي الطلب لذلك نستورد
وقال الدكتور أحمد بن سهيل الحضري رئيس فرع الجمعية الزراعية العمانية بمحافظة ظفار : محصول أشجار النارجيل في محافظة ظفار ينخفض لعدة أسباب منها أن ثمار أشجار النارجيل صغيرة وبعضها مشوهة نتيجة الإصابات الحشرية والفطرية لذلك من الملاحظ أن كميات مياهها متدنية لعدم العناية بعوامل الانتاج ويزداد الطلب عليها في موسم الخريف، وهو موسم السياحة في محافظة ظفار، حيث يكثر الطلب عليها وبسبب زيادة الطلب من قبل السائحين يتم استيراد ثمار النارجيل من سيريلانكا وتايلند والهند لتغطية العجز حيث ان المحصول المحلي لا يغطي الطلب بالرغم من أن شجرة النارجيل كانت في مقدمة المحاصيل الزراعية الاقتصادية الرئيسية من حيث المساحة المزروعة والانتاجية من هذه الشجرة والتي أدت الى تحقيق عوائد اقتصادية عالية في المجتمع الظفاري، وعززت الناتج المحلي، وبالتالي اعتمد عليها المجتمع الظفاري في غذائه وصناعاته الحرفية وصنع منها الكثير من أدواته المنزلية ومختلف أعماله اليومية، وكانت تصدر ثماره في مراحل النضج الاخيرة بالاضافة إلى الحبال المصنوعة من الالياف المتواجدة حول ثمرته ومع بداية النهضة المباركة تم الاقتصار على الاستفادة من ثماره الطازجة كشراب منعش له فوائد صحية عالية واستخراج مبشور النارجيل في صنع الحلويات .
وأكد الحضري قائلا إن شجرة جوز الهند (النارجيل) شجرة مباركة ويطلق عليها في الهند “هبة الله” ويستفاد من جميع اجزائها جذورها وساقها واوراقها والالياف حول الثمرة ومن الثمرة يؤكل المادة اللحمية البيضاء ويشرب ماؤها ويصنع منها الحبال والقوارب وتستخدم في اسقف المنازل وكذلك الفرش ومداحق الارجل كما انها تدخل في صناعة الحلويات ويستخرج منها الزيت وزيت النارجيل له استخدامات وفوائد صحية عظيمة ويستخدم مباشرة او في الطبخ او المستحضرات الطبية.

اهمال شجرة النارجيل
وقال الحضري : ومع مرور الوقت تم اهمال محصول النارجيل وتمثل هذا في عدم العناية بالأشجار من حيث تسميدها ونظافتها وعدم تأهيل حقول شجرة النارجيل واستبدال الاشجار الكبيرة غير المنتجة بأخرى جديدة أضف الى ذلك عدم مقاومة الأمراض الحشرية والفطرية والبكتيرية التي تصيبه بشكل دوري ومنتظم .

الاجتهاد في بعض الصناعات التحويلية
وقال الحضري : الصناعات التحويلية على محاصيل شجرة النارجيل تعتمد على استخراج الزيت والمبشور وبعض الصناعات الحرفية وهذه الصناعات تحتاج الى إمكانيات انتاج عالية لتغطي هذه الصناعات وهذا غير متوفر، وبالرغم من ذلك فإن بعض الشباب الذي يمتلكون مشاريع اقتصادية قاموا باستخلاص الزيت وتعبئته في عبوات وتحت اسم تجاري ونتمنى من كافة الجهات المختصة تشجيع القائمين على هذه الجهود وتمويلها حتى تكون يوما ما من الصناعات التحويلية المعتمدة محليا وخارجيا، حيث ان الكثير من الدول المنتجة لجوز الهند تستخلص منه العديد من الصناعات التحويلة من بينها مستحضرات وكريمات التجميل والصابون والشامبو والمراهم وأدوات التنظيف وإنتاج الأخشاب والأثاث إلى جانب الاستفادة من مخلفات الثمار والأوراق في إنتاج علائق علفية للحيوانات والى يومنا هذا لم نلحظ سوى الاهتمام الجمالي لشوارع المحافظة من خلال استحداث التشجير، حيث يتم نقل الاشجار الكبيرة ذات الانتاجية الضعيفة او المعدومة إلى الشوارع والمنتزهات.

مشروع لم ير النور
وعلق الحضري حول مشروع 100 الف شجرة نارجيل قائلا : من اجل تطوير وتوسيع زراعة النارجيل كان هناك توجيه من المغفور له باذن الله تعالي السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ بزراعة 100 الف شجرة نارجيل والتي جاءت بالتزامن مع اعلان اطلاق مشروع المليون نخلة وللأسف الى اليوم لم ير النور هذا المشروع لذلك نتمنى ان يتم زراعة تلك الاشجار في اقرب وقت ممكن، حيث ان المرود الاقتصادي كبير جدا من هذه الشجرة كونها محط انظار السياح في فصل الخريف وغير ذلك ان هناك دولا كثيرة قائم اقتصادها على الصناعات التحويلية لشجرة النارجيل كما انني اقترح أن يتم التركيز على زراعة شجرة النارجيل في المناطق الساحلية المحاذية لولاية صلالة فهي الانسب وعلى امتداد من ريسوت غربا إلى ولاية طاقة شرقا وهذه الولايات تمتلك مساحات شاسعة تستوعب مئات الالاف من اشجار النارجيل، كما ان هناك امكانية كبيرة لتطوير وتوسيع زراعة النارجيل بنظام الزراعة السياحية على ان تزرع اشجار النارجيل في تجمعات زراعية يتخللها الجانب السياحي من منتجعات زراعية ومطاعم ومنتزهات لذا يكون الانتاج زراعي وسياحي، كما ان المشاريع السياحية تعزز الجانب الاقتصادي لمثل هذه التجمعات الزراعية لأشجار النارجيل.

خطة مستقبلية
وقال الحضري : يجب الحفاظ على أشجار النارجيل المزروعة والقائمة من خلال المعاملات الزراعية الجيدة ومقاومة الأمراض وآفات أشجار النارجيل، كما يجب ادخال التقنيات الحديثة من ماكينات وغيرها في حصاده وتشجيع الصناعات القائمة عليها مع وضع خطة للبدء في زراعة أشجار النارجيل في أماكن جديدة و اختيار الأصناف ذات الإنتاجية العالية والتي تتأقلم مع بيئة ظفار و انشاء وحدة خاصة بالنارجيل من ضمن البحوث الزراعية بصلالة تهتم بوضع الأسس لاستغلال النارجيل وكذلك تهتم بمقاومة امراض النارجيل وتدرس أهم العوامل لزيادة الانتاجية .

لا اشجع على استيراد ثمار النارجيل
أما الشيخ فهد سعد الشريجي جداد الكثيري نائب رئيس الجمعية الزراعية بظفار فقد قال : يوجد اكتفاء محلي من شجرة النارجيل داخل المحافظة وخلال فصل الخريف يمنع تصدير الثمار الى خارج المحافظة، وذلك بسبب زيادة الطلب عليه، حيث هناك اعداد هائلة من السياح يتوافدون في موسم الخريف، وبالرغم من زيادة الطلب إلا أننا لا ننصح بالاستيراد من الخارج، حتى لو انه سيكون عامل مهم لتغطية متطلبات السياح ولكن للاسف هناك الكثير من الافات الزراعية الخطيرة على مزارع النارجيل و يكفينا الآفات والحشرات التي تعاني منها الاشجار حاليا منها ( آفة حلم ثمار النارجيل ومؤخرا حشرة خنفساء أوراق النارجيل) حيث إن آفة خنفساء النخيل تهدد مزارع النارجيل في بلدان شرق اسيا بشكل عام .

يجب تكثيف دور الوزارة
واضاف الكثيري قائلا : مساحة مزارع اشجار النارجيل في المحافظة بلغت تقريبا ١٤٥٥.١٣ فدان والانتاج السنوي يقدر بـــ ٦٤٤٣.٨٢ طن ( حسب ما جاءت به النشرة بدائرة الاحصاء لعام ٢٠٢١م ) و نتمنى تنفيذ الاوامر السامية السابقة للمغفور له باذن الله تعالي السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ بزراعة مائة الف شجرة نارجيل بمحافظة ظفار، كما انه اذا ما اردنا زيادة المحصول لابد من اعتماد برامج بحثية لمكافحة الافات الخطيرة و ايجاد برامج وحلول بحثية للارشاد الزراعي لهذا المحصول.
جدير بالذكر بأنه لا يزال الدور الذي تقدمه وزارة الزراعة بطيء ونتمنى ان يكون دورها أكثر فاعلية تجاه هذا المحصول الاستراتيجي حيث ان جهود المواطنين واضحة وملموسة في الاجتهاد بزيادة اعداد أشجار النارجيل .