رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تجتاح العالم، إلا أنه ـ وبحمد الله وفضله والفكر الحكيم لمولانا جلالة السلطان المفدى ـ ما زالت تتوالى التقارير الدولية التي تؤكد على قدرة الاقتصاد العُماني على الصمود أمام التيارات المالية العاتية التي تقف عقبة كؤودا في طريق التنمية، وتعمل على تباطؤ النمو وتدني الوضع المالي للدول.. فمن ناحية، التضخم يلتهم جهود التنمية. ومن ناحية ثانية، الارتفاع المتواصل لسعر الدولار نتيجة رفع قيمة الفائدة من قبل الفيدرالي الأميركي. ومن ناحية ثالثة، تذبذب أسعار النفط إلى جانب تصاعد التوترات الأمنية والسياسية، خصوصا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى تأثيرات جائحة “كوفيد19” التي ما زالت تضرب بتحوراتها الشعوب يمينا ويسارا.. وغير ذلك من العوامل الاقتصادية التي يعددها المحللون والتي تؤثر بشكلٍ سلبي على اقتصادات الدول وتحجم معدلات النمو.
لقد أشار تقرير اقتصادي بريطاني مؤخرا إلى أن الاقتصاد العُماني يشهد نموا متصاعدا، وأن الدولة استطاعت أن تحقق فائضا في الميزانية وصل لأعلى مستوى له خلال 8 سنوات.. وبالطبع هذا مؤشر قوي على أننا نسير في طريق التنمية بخطى ثابتة وواثقة ومتقدمة.. وهذا التقرير البريطاني لم يكن الوحيد الذي يشير إلى استقرار وضع سلطنة عُمان المالي، بل سبقه تقارير عديدة أميركية وكندية وسويسرية وأسترالية وغيرها من شركات ومؤسسات ووكالات تصنيف ائتماني وجميعها أكدت على أن الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها السلطنة وزيادة الإنفاق على مشروعات معينة نجحت في تحقيق مكاسب غير متوقعة، وإعادة التوازن للموازنة العامة، وخفض الدين وإنعاش الاقتصاد بصفة عامة.
لا شك أن سياسة التنويع في مصادر الدخل غير النفطية، وتشديد السياسات النقدية، وتحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وغير ذلك من التدابير والإجراءات المالية التي انتهجتها سلطنة عُمان أسهمت بشكلٍ كبير في تحقيق فوائض مالية أمكن استغلالها للحدِّ من الاقتراض بل وتسديد الدين السابق.. فرغم التضخم العالمي غير المسبوق والركود الاقتصادي وتغير سعر الدولار الأميركي وغيرها من عوامل التباطؤ، إلا أن تأثيرها كان محدودا للغاية، وتمكنت الدولة من رفع مستويات السيولة وتحسين القطاع المصرفي المحلي وتحفيز النمو الاقتصادي.. حتى بورصة مسقط شهدت ارتفاعات جيدة تشير إلى تعافي الوضع المالي للدولة.
إن السياسة الحكيمة التي يتبعها عاهل البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ منذ أن تولى مقاليد الحكم في البلاد استطاعت أن تجلب الخير على الوطن والمواطن.. حيث واجه التأثيرات الحادَّة والركود الشديد الذي خلَّفته جائحة “كوفيد19” ومن ورائها الحرب الروسية الأوكرانية التي تراجعت على أثرها السلع والخدمات في معظم دول العالم.. إلا أن بلادنا لم تتأثر بدرجة كبيرة واستطاع مولانا المفدى ـ أبقاه الله ـ أن يفي بوعده ويحقق التنمية والرفاهية والخير للبلاد والعباد.
حفظ الله مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، وأيَّده بنصره وأرشده لما فيه خير البلاد والعباد وأنعم على بلادنا بالنماء والاستقرار والرخاء.
✱✱✱
رغم أن وطننا الحبيب أصبح يتعرض في السنوات الأخيرة لأنواء مناخية عديدة تصاحبها أمطار غزيرة وجريان للأودية والشعاب مثلما تتعرض له بعض الولايات حاليا، إلا أن حوادث الغرق والفقد ما زالت تحوِّل فرحة الاستبشار بأمطار الخير إلى حزن وكآبة.. ومن يتأمل السبب في هذه الحوادث يجد أن معظمها ـ إن لم يكن جميعها ـ سببه الإهمال أو المجازفة بعبور الأودية أو ارتياد البحر، وهو ما يشير إلى أن المواطنين ما زالوا في حاجة إلى نشر الوعي بأهمية الحفاظ على السلامة والحياة وكيفية التعامل مع الوضع في مثل هذه الحالات.
إن هيئة الدفاع المدني والإسعاف تتلقى أثناء الحالات المناخية مئات البلاغات ما بين حوادث على الطرق وحوادث حرائق وإسعاف وإنقاذ مائي، والتي تدل على إصرار البعض على تعريض حياته وحياة الآخرين للخطر إما بهدف حب المغامرة أو مجرد التباهي والاستعراض أمام الآخرين أو محاولة التقاط صور بهدف الحصول على عدد من المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي.. بل الأدهى والأمر هو ترك بعض الآباء أولادهم يلعبون في البرك المائية ويسبحون في الأودية مما يشكِّل خطرا كبيرا على حياتهم.
السؤال الذي يفرض نفسه: كيف يمكن الحدُّ من حوادث الأنواء المناخية؟
في المقدمة لا بُدَّ من نشر الوعي بين المواطنين بكيفية التعامل الصحيح مع مثل هذه الحالات والأجواء.. فجريان الأودية ليس وسيلة للترفيه أو استعراض القوة بل خطر داهم ولا بُدَّ من التعامل معه بحذر.. والجهات المعنية لم تألُ جهدا في التنبيه مرارا وتكرارا من أجل أخذ الحيطة والحذر وتجنب عبور الأودية، وضرورة التزام المواطنين بالإرشادات التي تنشرها تباعا حتى يكتب لهم السلامة.
على الجانب الآخر من لا يلتزم لا يلومن إلا نفسه.. وهنا يجب على الدولة أن تسن تشريعات وقوانين رادعة لكل من تسوِّل له نفسه عدم الالتزام بتعليمات السلامة، وتعريض نفسه وغيره وأولاده للخطر.. فالخسائر هنا تعود على الوطن ككل وليس الشخص وحده.. فهو يُعد عبئا على الدولة ومواردها؛ كون المسؤولين يقضون الساعات والليالي الطوال في البحث عن مفقودين أو إنقاذ عالقين مستخدمين في ذلك المروحيات وطائرات الدرون والزوارق البحرية وغيرها.
كذلك لا بُدَّ من غرس التوعية بإرشادات السلامة وضرورة تجنب المخاطرة في نفوس الأطفال منذ الصغر.. فتقام لهم الفعاليات المختلفة، سواء في المدارس أو الأندية أو في وسائل الإعلام المختلفة حتى يشبوا على الالتزام وعدم الاستهتار.
نتمنى ألا نرى خلال الحالات المدارية القادمة المزيد من المشاهد المأساوية التي تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي، وأن تختفي الظواهر السلبية التي تشوِّه صورة مجتمعنا الراقي.

ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني