[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]لم تعد هنالك ثقافة تختلط فيها الأوهام بالقليل من الحقائق، بقدر ما هنالك ثقافة الوعي الآمن تجاه المسؤوية عن أمة وعن تاريخ. وهذه لا ترى اليوم سوى عند حزب الله الذي إن نبت في لبنان، فهو فلسطيني الروح، ومصري الإرادة، وسوري العشق، وعراقي القلب، بل هو العربي الذي كلما زاد جهادا، ازداد الأمل بالمستقبل وانزاحت عن روح الشرق غصات الزمن الذي لم يكن فيه.
فلماذا بعد هذه الثقافة التي تجمع وتنشد بلاد العرب أوطاني ويختلج فيها كل فؤاد عربي من المحيط إلى الخليج ألا تكون هنالك وحدة للقوى التي تتألم في هذه الأيام، تقاتل التكفير والإرهاب، كما تقاتل إسرائيل باعتباره الرأس المدبر له .. فمشروعه الصراع المفتوح في المنطقة لن يكون سهلا السيطرة عليه أو إنهاء ملامحه، إنه طريق طويل معبد بالدم والعذاب، مفتوح على مصراعيه أمام أجيال، ربما، وبالتالي يستأهل من مصر مثلا أن تعرف أين مصب قواها كي تمد إليد إلى سوريا، أن يزور الرئيس السيسي دمشق ليؤكد كما هو المؤكد أن العاصمتين العربيتين دمشق والقاهرة هما مفتاح الأمن القومي، وهما أهل الإرادة في صنع الحقائق التي بدأت منذ وحدة البلدين حين صار الجيش العربي السوري الجيش الأول والجيش الثاني والثالث في مصر. وأن ينتبه المصريون إلى أن ثقافة حزب الله، ليست حديثة في مرماها، إنها إدارة للتاريخ من باب إعادة الاعتبار لثقافة المقاومة التي إن فتحنا دفاتر تاريخنا العربي والإسلامي لوجدناها في أعلى عليين.
في لبنان لا تقرأ عملية مزارع شبعا النموذجية من باب رد الفعل وإن كانت النظرة إليها هكذا، إلا أنها تندرج تحت بند الصراع القائم الذي توفره القدرة والإمكانية والشجاعة لحزب بات يمثل طريقا لإعادة لمِّ الشمل العربي من أجل أن لا يكون العرب مرة أخرى مسرحا لعبث الصهاينة كما فعلوا مرات. أن يكتب حزب الله مشروعه هذا، فإنما يدعو الجميع إليه، فهو الفرصة السانحة لأن يكون الطليعة العربية، بوجهه اللبناني وعمقه العربي والإسلامي، وإذ يدعو إلى هذا التكوين، وقد شاء بعض المفكرين العرب الإشارة إليه في لقاءات مع نخب عربية، فلأن الوضع العربي القائم يستدعي التفافا عربيا إلى حد الانصهار، ومثلما فتكت إسرائيل بالعرب كل قطر على حدة، يجب أن لا تتمكن من تطبيق فعلها على مقاومة موجودة، بقدر ما يجب أن تكون مقاومات سائرة في فلك التوحد والتكامل كي تحقق مشروعها الأكبر في التحرير.
تعرف ظروف كل بلد عربي وخصوصا العزيزة مصر، لكن القاهرة أحوج ما تكون وهي تواجه إرهابا يتربص بها على مدار الساعة، أن تخرج عن نظرتها النمطية، وتتقدم خطوة إلى الأمام، وليس غيرها في هذه الظروف من يقلب الطاولة على رؤوس اللاعبين، الذين إن تم تسلسل ترتيبهم فقد يصل بنا المطاف إلى مسؤولية بعض العرب، وهنا نستصرخ مصر أن لا تخضع لعدد من ملايين الدورات مقابل التضحية بأمنها وواقعها السياسي والمعيشي والاجتماعي وكل ما له علاقة بقدرتها وإمكانياتها.
هنالك حزب لا يعلن طليعته، لكنه يتوثب كل يوم لأن يكون الجامع للعرب، وهو الذي لم يبخل أن يكون في سوريا وفي العراق وفي أي مكان عربي يتطلب وجوده الفاعل.