ليس جديدا أن يجد الإرهاب طريقه الى مصر العزيزة، وهي الدولة العربية التي تعرضت قبلا، وتتعرض اليوم حيث تتحول صحراء سيناء الى مجمع للارهاب، فيما دائرة الخطر تقترب احيانا من بقية محافظاتها ثم تبتعد لكنها لاتغيب.
ما حصل في سيناء قبل ايام ضربة موجعة، دفعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى العودة على عجل، وسط حزن مصري شديد، فمصر لم تعتد على هذا النمط الفاشي وان كان له في تاريخها بعض الشبه، خصوصا في الثمانينيات حين تحولت عمليات التكفير والهجرة وغيرها من التنظيمات الارهابية الى معارك متلاحقة وسط شوارع القاهرة تحديدا.
لكنها اليوم تتجدد بطريقة مختلفة، وهي تحول سيناء الى مهبط للارهاب يتجاوز كل الحدود، في الوقت الذي تؤكد مصادر مصرية عليمة ان عددا من مسلحي " داعش " وصلوا الى تلك الأمكنة حيث النار المشتعلة، بل ان بعضهم دخل العاصمة المصرية، وانه تتم ملاحقتهم في صحراء سيناء على امل التمكن منهم، لكنه الارهاب كما نعلم، ومهما كانت تسميته سواء مجموعة بيت المقدس او "داعش" او مجموعة سيناء وغيره، فهم جميعا من تلك المجموعات الارهابية التي أرادت أن تلعب دورا في المكان الخطأ، فمصر لاتهزها عمليات من هذا النوع وان كانت تتأثر بها، تستطيع مصر تجاوز المحنة دائما، وصولا الى انهاء الوضع الشاذ كما فعلت في السابق، فهي تملك اقوى جهاز امني، كما تملك جيشا قادرا مدربا على الكثير من هكذا حالات، وتملك الآليات الجاهزة لهذا الدور.
صحيح ان مصر تعيش وسط توقيت صعب أصاب المنطقة برمتها، خصوصا وان الواقع الليبي مفتوح على الاحتمالات التي تكاد تؤكد تسريب هذا الواقع الى مصر وبالذات الى سيناء. وبعضهم يرى ان مصر قد لاتكتفي ان تظل مكتوفي الايدي لما يحصل من ليبيا في ربوعها، اضافة للارهاب الذي خرج من الاراضي السورية ليغزو ترابها.
لاشك ان مصر تنسق مع شقيقتها سوريا في مجال مكافحة هذا الارهاب، كما تنسق ايضا في المعلومات الأمنية المشتركة بين البلدين. لأن جرح القاهرة هو ذاته جرح دمشق، ومما تتألم القاهرة مصابة به دمشق، انه الارهاب العالمي الذي يتحرك وفق قواعد مرسومة له بأبعد مما يكون، وبارادة تتجاوز قدراته. لهذا نفهم نجاحه في ضرباته الارهابية والتي هي ضمن مخطط تمهيدي يعمل له من أجل السيطرة والتحكم.
لاشك أن مصر قادرة على الخروج من الأزمة بالكثير من الصبر والتأني، تماما كما هو حال سوريا والعراق حيث الصراع في البلدين الشقيقين في ذروته. لن نقول إن مصر على مفترق، بقدر ما نعلم انها على قدر من القوة في تصفية الواقع الارهابي الذي يحتاج لوقت وصبر وتأمل في معناه، وهو إرهاب لن يلغي بلدا عظيما كمصر، بقدر ما سيظل يشكل حالة إرهاب وتعد ليس إلا.
مصر العزيزة على قلوب العرب تخوض معركة المصير الوطني والقومي، وبقدر التمكن من المواجهة تكون قد أصابت في الصميم إرهابا هو جزء من حملة كبرى على الأمة العربية بأسرها يراد لها تخريب حياتها ورميها في فوضى خلاقة هي بنت أفكار الغرب وإسرائيل لكن أدواته محلية الصنع والتنفيذ.