في الوقت الذي ينتظر فيه عشرات الآلاف من الباحثين عن عمل فرصة للتشغيل، البعض مضى عليه عدة سنوات ، تصاب بالذهول عندما تدخل مباني شركة من الشركات الكبرى وتجد العشرات إن لم تكن المئات من القوى العاملة غير العمانية في الأعمال الإدارية والفنية المختلفة، شبابنا قادرون على القيام بها، فما تدعيه تلك المنشآت بأنها حققت نسب التعمين المطلوبة منها ليس له اساس من الصحة، حيث ان التعمين ليس في مهن السواقين والمنسقين وانما في تلك المهن التي تغطى بالوافدين، ممن حظوا بفرص التدريب في موقع العمل من اقرانهم المسؤولين الذين مكنوا من ذلك حتى اصبحت مستعمرات، المواطن العماني فيها يعتبرا غريبا، فإلى متى هذا السكوت وعدم الحراك لتغيير الصورة التي اصبحت تزعج المجتمع عندما لا يجد ابناؤه فرصة العمل وهو يعلم بسيطرة الوافد عليها؟ لقد كثر الحديث عن الاحلال وعن ضرورة ان يمكن المواطن من تلك الفرص التي يزاولها الوافد، الا ان القوة التي يمتلكها القطاع الخاص حتى الان تقف سدا منيعا امام خطط الحكومة في هذا المجال، وتحبط كل المحاولات التي تعمل عليها الجهة المعنية لتمرير برامج التشغيل والاحلال، فانا لها أي الادارات الوافدة ان تشغل مواطنا اذا كانت لا تؤمن بتواجده في الاساس، فهي تدرك ان الحكومة لن تستطيع ممارسة الضغط عليها حفاظا على استمرار هذه الكيانات، التي تعتقد انها تمثل عصب التجارة والصناعة، وبالتالي قد حصلت على ورقة ضمان بعدم المضايقة في ما يتعلق بالزامها بنسب التعمين التي يفترض ان توفيها.
فكيف لشركة ما على سبيل المثال تصل القوى العاملة الوافدة فيها الى قرابة 15 الفا ولا يتواجد فيها سوى اعداد قليلة من القوى العاملة الوطنية قياسا بالوافدة اذا فرضنا بان نسبة التعمين في القطاعات مجتمعة والتي تعمل على ادارتها تصل الى 40 ‎%‎ وهذه النسبة بطبيعة الحال مثال، الا يفترض ان تكون أكبر في الوقت الراهن؟ نتيجة الأعداد المتزايدة من الباحثين عن عمل ، وكذلك التقنية التي يجب ان تستخدم في هذا القطاع، وفي القطاعات الاخرى التي تحتاج الى مراجعة ووقفة جادة مع الجهة المعنية وهي وزارة العمل من قبل الوحدات المعنية او المشرفة على تنظيم هذه القطاعات ، فمن الصعوبة بمكان ان تحارب الوزارة المعنية على كل الجبهات دون ان تسند لتنفيذ خطط التشغيل والاحلال من القطاع الخاص ومن القطاعات الحكومية ذات العلاقة، سواء قطاع النفط والغاز اوالسياحة اوالزراعة اوالتجارة والصناعة أوالتأمين او اللوجستيات، وغيرها من القطاعات التي تستحوذ فيها القوى العاملة الوافدة بالنصيب الاكبر بتواجدها الملحوظ.
ان قطاع التعليم بعد نحو خمسة عقود من مسيرة النهضة المباركة افرز لنا عشرات الالاف من الشباب في مختلف التخصصات ولديه القدرة متى ما اتيحت له الفرصة على الاستجابة لعملية الاحلال للمساهمة في عملية البناء والتطوير المستمرين ، فهو بتأهيله العلمي ليس اقل من ذلك الوافد الذي مكن من فرصة العمل ومن ثم تم تدريبه عليه، واذا كانت حجة القطاع الخاص بان الوافد اقل كلفة فتلك حسبة تعتمد على الاجر المدفوع وليس التبعات والالتزامات الأخرى، التي تتمثل في تذاكر السفر وقيمة ترخيص العمل والتراخيص الاخرى ، ناهيك عن العلاج الطبي والتأمين الصحي وفوق كل ذلك 3 ارباع راتبه الشهري يرحله الى بلده ولا يخدم الاقتصاد، بخلاف القوى العاملة الوطنية التي لا تكلف سوى ذلك الاجر الشهري فقط فلا رسوم تراخيص وعلاج ولا تذاكر سفر، فآن لكل الجهات ان تعمل مع الجهة المعنية المباشرة عن عملية التشغيل والاحلال ، كشريك حقيقي اولا لتنظيم سوق العمل وثانيا لتوفير فرص عمل قبل ان يفقد السيطرة على عدم القدرة في ذلك ، عوضا عن البدء في تنفيذ مشاريع تستقطب المعروض الحالي من الباحثين والزيادة السنوية في اعدادهم.


* طالب بن سيف الضباري
امين سر جمعية الصحفيين العمانية
[email protected]