عمَّان ـ العُمانية: يتسم ديوان (سبية الغزو الأخير) للشاعر الشعبي خالد الداؤدي بقوة تشبيهاته وبساطة مفرداته المستقاة من البيئة الشعبية في سلطنة عُمان، إلى جانب التعابير الرائقة التي تلامس الوجدان، وتعكس ثقافةً عميقة الجذور، وتحيل إلى تاريخ فكري إبداعي ممتد قام في البداية على التناقل الشفهي للأشعار، ثم جاءت بعده مرحلة التدوين والتصنيف.ويستمد الشاعر موضوعات قصائده من مجريات الحياة الواقعية الشعبية، إذ كُتبت القصائد بلهجة محكية قادرة على الوصول إلى أذن سامعها بسهولة؛ لأنها تتناول قضايا الناس وهواجسهم واهتماماتهم، وتجسد مشاعرهم وعواطفهم، وتتفاعل مع مجريات الأحداث التي يمر بها المجتمع عمومًا.ففي قصيدته “عودة القائد” كتب الداؤدي عن عودة المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيّب الله ثراه ـ من رحلة علاجية قائلًا:“سما طرق القصيد وصافح الغيم الندي مسكوببلادي جنّة لأجمل عصور المجد نسْردهاكتبها إرث من مولد صباها واهتدتها قلوبيا كثر اللي فتنهم سحرها من يوم مولدهالقت من يشعل الظلماء سراج وينصر المغلوبوولّته الزمام تقول والدها وسيّدهابناها لرفعة ترقى مفاهيم العمار بطوبوبنى إنسان ما ينكر جميله قبل يحصدها”.وفي قصيدة “كفو” يقول الشاعر:“كفو والله أبد ما هي لغيرك سيّدي السلطانكتبنا كفو ثم مر الغمام كفوفنا وهلّت، عليكأجمل تعابير الولاء ومخضبه بعرفانفدتك أرواحنا وسيوف في وجه العدو انسلّت”.وتحضر البيئة العمانية في العديد من قصائد المجموعة الصادرة ضمن منشورات الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، بالتعاون مع “الآن ناشرون وموزعون” بالأردن، حيث يحكي عن بحرها وشمسها ونخلها:“خلت البحر من محبرة مجدٍ عظيموجيت لكألوّن بريشة تفاصيلك وَرقيا الغافيهفي حمْرة خدودك على كف الشفَقأستسمحك إذا نسيت آصابعيتتلمس الرمل وتشمّك من عبَقأو بَشّ فجرٍ في نوافذ غرفتييختال من دونك أو بدونك شرَقأو كلما يممتني لغيرك طريقثم مرّني بأمطار ورياح وزلقانا ابن طينك لااا تَمرجح نخْلك بوسع الفضاءوانا ابن عم البحر صهر الموج وأنسام الدجىالغافي على صدرك واحساسٍ نَطق”.ويصف الشاعر بيئته بأرقّ الأوصاف القريبة من القلب، وهو يتأمل في الطبيعة حوله عاكسًا حالته الوجدانية عبر صور تلامس الحواس، فيسهل تلقّيها والتفاعل معها. وإلى جانب ذلك، تظهر قصائد الداؤدي غنية بالصور الفنية القادرة على التعبير عما يجول في خاطر الناس ويؤرقهم، وبخاصة ما يتصل بقضايا الوجود الكبرى التي تشكّل سؤالًا إنسانيًّا عامًّا.كما يشتمل الديوان على قصائد تحمل الحكمة وتدعو إلى صون المنظومة الأخلاقية في المجتمع، ومن ذلك نقرأ:“لا خرت بسجدة على تالي دياجيها تتوبرقيت ما دون الطريق الصعب رغبة حافله،ما غير بالأخلاق تتفرد مخاليق وشعوبولما الوقار يمرّك بطهره ثقيلٍ كاهله،تأكد أن الطيب يلمح في ينابيعه نضوبولمّا الحياء يمرّك بقارورته متمايله”.