صلالة ـ من عوض دهيش:
بدأت أمس بمجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة فعاليات “ملتقى السرد الخليجي”، الذي تستضيفه سلطنة عمان في دورته الرابعة ممثلة في وزارة الثقافة والرياضة والشباب بمحافظة ظفار، تحت رعاية سعادة السيد سعيد بن سلطان بن يعرب البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة، بحضور سعادة خالد بن سالم السيل الغساني مستشار وزارة الثقافة والرياضة والشباب وممثلين عن الأمانة العامة لدول مجلس التعاون ووزارات الثقافة للدول المشاركة.

يشارك في الملتقى الذي يقام خلال الفترة من 29 - 31 أغسطس الجاري دول مجلس التعاون الخليجي متمثلة في المستضيف سلطنة عمان، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة قطر، ومملكة البحرين، ودولة الكويت، إلى جانب مشاركة المملكة الأردنية الهاشمية، والمملكة المغربية، وجمهورية العراق، ويتضمن 17 ورقة عمل في مختلف المضامين الأدبية. كما يصل عدد المشاركين في الملتقى ما يقارب 25 مشاركا ما بين باحثين وأدباء ومتحدثين.
ويهدف المتلقى تعزيز التواصل الثقافي وتأصيل فن السرد في الثقافة العربية، وتعميق الشعور بمكانة فن السرد ودوره في الثقافة الوطنية والقومية، وتأكيد أهمية اللغة العربية الفصحى في المنطقة وتعزيز التوجه للتعبير بها من خلال فن السرد باعتباره أحد الفنون الرئيسية في الثقافة العربية، والتعرف على ظواهر حركة فن السرد المعاصر في الدول المشاركة واتجاهات ها، وتعميق الدراسات التحليلية والنقدية حول حركة فن السرد في الوطن العربي، وإفراز المواهب الجديدة في فن السرد في كل دولة من الدول المشاركة في الملتقى وإبراز المتميز منها وصنع جو تنافسي فيما بينها.

منطلقات الاستراتيجية الثقافية الخليجية
يأتي إقامة الملتقى تنفيذا لمنطلقات الاستراتيجية الثقافية الخليجية التي تضمنت العديد من الفعاليات الخليجية المشتركة، والتي تسهم من خلالها للارتقاء بالعمل الثقافي الخليجي المشترك، من خلال أبرز الأهداف المرجو تحقيقها جراء تنظيم وتنفيذ مثل هذه الملتقيات الثقافية ترجى إلى تعزيز التواصل الثقافي وتأصيل فن السرد في الثقافة العربية في دول المجلس، كذلك تأكيد أهمية اللغة العربية الفصحى في المنطقة وتعزيز التوجه للتعبير بها من خلال فن السرد باعتباره أحد الفنون الرئيسية في الثقافة العربية، هذا إلى جانب تعميق الشعور بمكانة ودور فن السرد في الثقافة الوطنية والقومية، وكذلك من خلالها يتم فرز المواهب الجديدة في فن السرد في كل دولة من دول المجلس والعمل على إبراز المتميز منها وخلق جو تنافسي فيما بينها، ومن ضمن أهداف الملتقى التعرف على ظواهر واتجاهات حركة فن السرد المعاصر في الدول الأعضاء، وتعميق الدراسات التحليلية والنقدية حول حركة فن السرد العربي في دول المجلس.
افتتح الملتقى بكلمة الوزارة ألقتها هدى بنت سعيد الريامية مديرة دائرة الأنشطة الثقافية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب قالت فيها: نرحب بجميع المشاركين في الملتقى الذي يقام في ولاية صلالة بمحافظة ظفار هذه المدينة الزاهية المتشحة بثوبها الأخضر المتزينة بعبق التاريخ والمستلهمة لإشراق الحاضر لنحتفل سويا بهذا التجمع الخليجي العربي الذي يمزج بين تجارب الإبداع القصصي والروائي استشرافا للمستقبل الواعد مستفيدين من تجارب المشاركين لتكون لبنة للوسط الثقافي ونبراسا لهم وأساسا للنشء ليكون أيضا

نقطة الانطلاق والإلهام لهم.
َوأضافت: إن ما يميز هذا الملتقى أنه يحتضن نخبة من الروائيين الخليجيين والعرب في مكان واحد ويأتي تنظيم هذا الملتقى ضمن باقة الفعالية الخليجية المشتركة التي تشرف عليها اللجنة الثقافية العامة بدول مجلس التعاون وإدارة الثقافة والسياحة والآثار بالأمانة العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي يهدف إلى تعزيز التواصل الثقافي وتأصيل فن السرد في الثقافة العربية وتقديرا لمكانة السرد في الأدب العربي فقد تم تخصيص ملتقى خليجيا خاصا به.
وحول برنامج الملتقى قالت: برنامج الملتقى يتضمن جلسات لعرض التجارب الروائية للمشاركين وحلقة عن السرد الخليجي، إضافة إلى أوراق نقدية متخصصة في السرد الخليجي والعربي، التي بلا شك ستسهم في إبراز وقراءة الساحة السردية خليجيا وعربيا..
وألقى بندر حيلان منار المخلفي ممثل الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي كلمة الأمانة العامة قال فيها: أتقدم باسم الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ممثلة بمعالي بالأمين العام الدكتور نايف فلاح الحجرف بأسمى آيات الشكر والتقدير لوزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة بصاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد.
وأضاف: يأتي الملتقى انسجاما مع الاستراتيجية الثقافية التي تفضل أصحاب الجلالة والسمو قادة مجلس التعاون الخليجي باعتمادها لمدة عشر سنوات، لترسم بسياستها طريقا واضحا يسعى إلى تطوير البنى الفكرية لمجتمعاتها وصون حضارته الخليجية والإسلامية ووجدانه الوطنية.
وأردف: نحن الآن وفي سلطنة عمان بمحافظة ظفار المكان والثقافة والجمال نعيش أياما أدبية تعني بفن السرد أحد الأفرع الثقافية التي أولتها الاستراتيجية الثقافية لدول المجلس اهتماما واسعا ونظمت لها الفعاليات والملتقىات المشتركة واتاحت عرض تجارب الرواد ليكونوا رافدا نعرفيا وفكريا لحركة النقد والدراسات والأدبية.
وألقى الدكتور سعيد بن بخيت بيت مبارك قصيدة شعرية بعنوان: “اكتب”، وفقرة فنية لفن الشرح كما تضمن برنامج اليوم الأول على برنامج سياحي خلال الفترة المسائية من خلال زيارة إلى منتزة البليد الأثري وسوق الحاف.

جلسات الملتقى
بدأت جلسات أوراق عمل الملتقى بجلستين، أدارهما الشاعر الروائي محمد بن مسلم قرطاس، واشتملت الجلسة الأولى على عدة اوراق عمل، حيث تناولت الأردنية سمية خريس خلال ورقتها: (تجربة الكتابة) وقالت: يعني لي ملتقى السرد الخليجي كثيرا، فقد واكبت نمو الحركة الأدبية في الخليج، وشهدت على تناميها ونضجها وهي تتخذ موقعها المهم والفاعل في قلب الحركة السردية العربية، لقد راهنت طويلا على قدرة مبدعيها وتميزهم، وكسبت الرهان.. عندما أدخل النص الروائي، يقيني بأني سأكتب عن الانسان، ودائما أكتشف أنه طين شكله المكان إنسانا، في القرمية ودفاتر الطوفان ويحيى وبابنوس وغيرها، واجهت تحديا حقيقيا، لأن مجمل الحقائق حول الحدث والحقبة مكتوبة سلفا وموثقة في عشرات الكتب أو مضيعة في وثائق مجهولة، ولا أخفيكم، دائما يستفزني المكتوب ويتحداني، لا أصدق الواقع كما سطره المؤرخون والعسكريون والقادة والسادة والعبيد، كما يرفع من همتي ما لم يكتب بعد ولكنه خفي في التفاصيل”.
وتحدثت الإماراتية صالحة عبيد حسن عن: (الكتابة في وجه التمظهر): وقالت إن تكتب يعني أنك تعي، يعني أنك قد بدأت بمحاولتين، إما أن تحاول فهم العالم المحيط عن طريق تحليله أو إنكار هذا العالم بخلق عالم مواز هو عالم المخيلة، الذي منه صنع الوعي الإنساني إدراكه الأول للعالم الذي يحيط به..... أنت لا تصنع الحكاية فقط، لا تصنع شخصا ورقيا، لا تمارس مغامرة سردية، أنت تصنع معناك الخاص أيضا، الذي يجب أن يتقاطع بشكل ما مع نواة المعنى في الكون، تصور شاسع وبعيد عن الفهم العميق لإدراك فتاة العشرينات الأولى، ومن هنا اتجهت القراءة للتنوع، لقد أصبحت مشروعا موازيا للكتابة، لم تعد قراء الحكاية هي المتعة فقط، بل كل ما يحيط بالنتاج الفكري البشري من فلسفة وعلم نفس واجتماع واقتصاد وسياسة، لكي تصنع معنى الحكاية، لكي يصبح للمصائر في السرد لحم ودم”.
فيما تحدث المغربي الدكتور مبارك احمد ربيع عن: ”معالم قراءة ذاتية في تجربة روائية“ وقال: حاولت في عرض تجربتي، أي قراءتي الذاتية هذه، أن أمزج بين هذه الذاتية، من جهة؛ والمعالجة التحليلية النقدية عبر قراءة الغير، من جهة ثانية؛ وذلك باتجاه التكاملية المنشودة، وهي تكاملية ليست تطابقية على كل حال، ولا يكون لها ذلك، سواء بالمقارنة مع القراءة الذاتية للكاتب، أو بالقياس إلى قراءة أخرى مماثلة، أي تحليلية خارجية؛ ويبقى جوهر التكامل، متمثلا في التوجه العام الذي يلامس بمختلف القراءات وتعددها، فاعلية ذائقية مشتركة، تحتمل الاختلاف حتى فيما هو إيجابي بينها، ذلك أن أية قراءة للعمل الروائي، مهما كان مصدرها، لا يمكن أن تستوعبه في كافة أبعاده وتفاصيله، بل في حدود ما تكتشفه من عالمه؛ والمفروض أن العمل الروائي يبقى أغنى وأكثر قابلية لاستثارة استكشافات جديدة، لأنه بنوعية وجوده، يمثل رحابة وعمق الطبيعة مقابل أي عالِم مكتشف، بحيث تظل دائما ملهمة، وقابلة للتطلع المتسائل. فيما تحدث البحريني حمد علي الشهابي عن تجربته الخاصة في مجال الكتابة والسرد الأدبي.
واشتملت الجلسة الثانية على ثلاث أوراق عمل تحدث من خلال الورقة الأولى الكويتي عبدالله العتيبي الحائز على جائزة الدولة التشجيعية في مجال القصة القصيرة ٢٠٢٢م، عن المجموعة القصصية “أرق العشيش” وقال: “العشيش” التي أتحدث عنها هنا، هي مناطق سكنية عشوائية من الصفيح والخشب انتشرت في الكويت وبرزت في فترة الخمسينيات وحتى أواخر الستينيات من القرن الماضي، وبعدها أزالتها الحكومة ونقلت سكانها إلى مناطق سكنية جديدة، ومعظمهم من الذين قدموا للعمل في الكويت قبل النهضة الاقتصادية أو بعدها. وكانت بؤرة الحياة التي صنعها الكاتب «المقوع»، وهي منطقة قريبة من الأحمدي ظهرت بعد اكتشاف النفط وتصديره. لكن توسعت العشيش بعد ذلك لتظهر في مناطق مثل خيطان والفروانية وغيرها.
فيما تحدثت الكاتبة العمانية بشرى خلفان عن تجربتها الكتابية بدوافعها وخطواتها، وتطرقت البحرينية ضياء عبدالله الكعبي استاذة الشرديان والنقد الأدبي الحديث المشارك بكلية الآداب بجامعة البحرين خلال ورقتها عن: خطاب التخيّل التاريخي في الرواية الخليجية النسائية الجديدة: “مقاربة ثقافية لنماذج مختارة”.