يُعد بروتوكول وإتيكيت حضور الدعوات الرسمية من أولويات فن الدبلوماسية التي تهتم بها الدول المتقدمة؛ لأنها تعكس الثقافة والمدنية المتحضرة للبلد، ومواكبتها للتطور الحاصل في هذا المجال، ومرآة عاكسة لكاريزما المضيف.

يتفاخر الدبلوماسيون من مختلف المدارس الدبلوماسية الأجنبية، وخصوصًا الغربية منها، حول طبيعة بروتوكول وإتيكيت الدعوات الرسمية، وكيف يتبارون في إتيكيت هذا المجال للضيوف في المناسبات الرسمية (النهارية أو الليلية) وبمختلف أنواعها، ويتفننون في إنجاز وتنفيذ الدعوات بدءًا من إرسال بطاقات الدعوة إلى حين الانتهاء منها، فكثير أو أغلب المدارس تبدأ بإتيكيت وطبيعة وشكل بطاقة الدعوة وصولًا إلى الانتهاء من الدعوة.
صراحة يحتاج لنا أكثر من مقال لبيان وشرح إتيكيت حضور الدعوات الرسمية؛ لما فيها من تفرعات وبنود كثيرة نتطرق إليها لاحقًا. فعلى سبيل المثال، الكثير منها لا يعرف معنى ما هو مكتوب على بطاقات الدعوة (PF/PPC/PPN/AC/ PP/PC).
على الرغم من اختلاف الدعوات بشكل كبير، ومع تطور العلاقات العامة وإثرائها وتنوع الأنشطة الرسمية وغير الرسمية، تكثر الأنشطة والفعاليات في عصرنا، حيث هناك عدَّة أنواع من الدعوات الرسمية نذكر منها: (دعوة حفل شاي، دعوة غداء، دعوة عشاء)، فكل مناسبة تحتاج إلى بروتوكول وإتيكيت خاص بها، تبدأ من كتابة بطاقة دعوة للمدعوين؛ لأن بطاقة الدعوة لها عدَّة مهام ومسؤوليات وهي: ترسل بطاقة الدعوة: إلى الضيف وبعد التأكد من موافقته ترسل إلى بقية المدعوين، التأكد من مشاركة الضيوف المتلقين للرسالة لكي يتم ترتيب المقاعد حسب نظام الأسبقية، يتم استخدام اثنين من الأزمنة في خطاب الدعوة وهما الحاضر والمستقبل، تعمل خريطة ورقية إلكترونية باسم وأماكن الدخول والخروج والمقاعد، يتم تحديث قوائم الأسماء قبل 3 إلى 6 ساعات من يوم بدء الدعوة.
وتُعدُّ بطاقة الدعوة هي الواجهة والمرآة لنوع الدعوة؛ لذلك علينا الاهتمام بما يلي:
تخصيص بطاقة لكل مدعو مع كتابة اسمه ومنصبه عليها، البدء بعبارات الترحيب.. يُسعدنا دعوتكم إلى، ثم ذكر التفاصيل مثل: تضمين نوع الحفلة أو الحدث فهذا الأمر بغاية الأهمية، تحديد للضيوف نوع ارتداء الملابس وما هو مناسب للحدث واختيار الهدايا المناسبة إن وجدت، ذكر مكان وزمان الحفلة من خلال كتابة تاريخ الحفلة ووقتها مع وصف المكان (فندق، مقر السفارة، منزل، حديقة.. وغيرها).
ويُفضل ذكر موعد وصول الضيوف، وتحديد من تتم دعوته مع المدعو، حيث يجب تحديد ما إذا كان المدعو المرسل إليه فقط أو مع زوجته، وتضمين معلومات الاتصال لغرض التأكيد أو الاعتذار، ويكون من خلال ذكر رقم الهاتف أو البريد الإلكتروني ليستطيع الضيوف الرد على الدعوة.
يراعى إرسال الدعوات الرسمية قبل الحفل بوقت كافٍ، وعلى المدعو أن يبادر إلى تأكيد قبول الدعوة أو الاعتذار عنها، كما يتجنب إقامة الحفلات في الإجازات الرسمية ونهاية الأسبوع مع مراعاة عدم إقامة حفلات متزامنة في نفس الوقت لجهات أخرى، وفي حالة الدعوات بمناسبة زيارة كبار الشخصيات (VVIP &VIP) ويجب أن يكون الاعتذار بسبب قاهر كالمرض أو السفر خارج البلد.
ويراعى حضور الحفلات الرسمية قبل الدقائق الخمس عشرة الأولى من الموعد المقرر، على أن تكون المغادرة بعد مغادرة الضيف، ولا يجوز إطلاقًا مغادرة المكان لأي سبب كان مع تجنب الحضور في اللحظات الأخيرة من الدعوات الرسمية وخصوصًا بعد وصول الضيف.
ترتيب الجلوس في الموائد، فيراعى فيه أن يدخل ضيف الشرف وزوجته أولًا وعلى كافة المدعوين أن يقفوا خلف مقاعدهم، ثم يدخل الضيف ومضيفه وبعد جلوسهما، ثم يجلس المدعوون بعدهما.
تراعى بعض القواعد في الدعوات الرسمية: فبعد دخول الضيف والمضيف لا يخرج أحد المدعوين من مكان الحفل، وعند المصافحة باليد يجب أن تكون لطيفة وليس المسك بالقوة، وبالنسبة للنساء المسلمات لا تمد يدك إلا بعد أن تبادر هي بمد اليد إن رغبت بذلك، ويفضل وضع خريطة بالمقاعد وأرقامها ووضع بطاقة على كل مقعد، ويحدد نوع الزي بالنسبة للرجال بدلة كاملة أو الزي الوطني (البشت ولونه، الخنجر، العصا).
عدم دعوة أشخاص بينهم تنافر أو خلافات، وبالنسبة لحضور النساء يرجى عدم التكلف في ارتداء الملابس الباهظة الثمن والمجوهرات الكثيرة وكأن لديها استعراضا؛ تجنبًا لإحراج المدعوين. وتُعد السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظهما الله ورعاهما ـ النموذج الراقي للمرأة العربية والإسلامية في الظهور بالمناسبات الرسمية، حيث الاعتدال بنوع الملابس وكذلك نوع وقطعة واحدة من المجوهرات وبتناسق من حيث الألوان ونوع المناسبة، وعلى المضيف مراعاة حسن الاستقبال والتواجد بين المدعوين والاطمئنان على سعادتهم وراحتهم، وتفادي المناقشات الحادَّة، وعدم التكلم بالهاتف طويلًا أو همسًا بين الضيوف، وأن يكون مستوى المدعوين متقاربًا، وأن يحاول المضيف إضفاء البهجة على الحديث والجلسة، وتجهز الأطعمة المناسبة اجتماعيًّا ودينيًّا مع مراعاة كبار السن والأطعمة الخاصة في مناسبات دينية خاصة، ولا يجوز دعوة مسيحيين على أطعمة لا تناسب صيامهم أو مسلمين على أطعمة محرمة أو فيها زيوت الخنزير.
وفي الختام.. يُعد بروتوكول وإتيكيت حضور الدعوات الرسمية من أولويات فن الدبلوماسية التي تهتم بها الدول المتقدمة؛ لأنها تعكس الثقافة والمدنية المتحضرة للبلد، ومواكبتها للتطور الحاصل في هذا المجال، ومرآة عاكسة لكاريزما المضيف.

د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق وأكاديمي