عام دراسي جديد ينطلق اليوم عدما تفتح 1242 مدرسة أبوابها أمام (729331) طالبًا وطالبةً، هم مستقبل هذا الوطن، لذا تحرص الدولة على إكسابهم مهارات تعليمية، تفتح الطريق لديهم نَحْوَ مستقبل واعد، فسلطنة عُمان، منذ انطلاق نهضتها المباركة وانفتاحها على العالم، أدركت أنَّ التعليم هو مفتاح تلك النهضة، وهو الأساس الذي تنطلق منه لتضاهي الدول المتقدِّمة والكبرى، حيث حرصت على تطوير كافَّة أطراف المعادلة التعليمية، سواء كانت بنية أساسية قادرة على استيعاب النُّمو السكَّاني في كافَّة رُبوع الوطن، أو استحداث أفضل المناهج التي تواكب التطور العصري، بالإضافة إلى بناء قدرات المعلمين والإداريين، بما يتناسب مع تطلعات الحاضر وطموحات المستقبل، وجلب أحدث الأدوات التي تساعد على تطوير مهارات أبنائنا الطلاب، لتواكب الاحتياجات المستقبلية، وتكون قادرة على مواجهة تحدِّيات المستقبل ملتحفةً بأدواته، ليكون لها دَوْرها في بناء مستقبل عُمان في الغد القريب.
وقد حرص حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ على تطوير تلك المنظومة التعليمية، إيمانًا منه بأنَّ التعليم من المكوِّنات الأساسية لبناء الحضارة الإنسانية، فهو قيمة إنسانية ومنطلق مهمٌّ لبناء الأفراد الذين يعدون نواة المجتمع، كما أن تطوير منظومة التعليم تجعل الدولة قادرة على التطوير المستمر، وتملك أفضل خيارات الحياة في الحاضر والمستقبل، الذي حرص جلالته ـ أيَّده الله ـ على أن يجعل من التعليم ركنًا أساسيًّا لتقدم المجتمع وحقًّا مكفولًا لجميع أبنائه، فقد أكَّد جلالته منذ تولِّيه مقاليد الحُكم على الاهتمام بقِطاع التعليم بمختلف أنواعه ومستوياته، وأنْ يكون في سلَّم الأولويات الوطنية، ووجَّه بتوفير البيئة الداعمة والمحفِّزة للبحث العلمي والابتكار، وتعهد بمدِّه بكافَّة أسباب التمكين باعتباره الأساس الذي من خلاله سيتمكن أبناؤنا من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة.
إنَّ اهتمام سلطنة عُمان بالمنظومة التعليمية يبدأ بالمعلمين، حيث تحرص الحكومة على تطوير وتنمية مهارتهم بما يواكب التوجُّهات العالمية الرامية إلى رفد قِطاع التعليم بالمعلمين المؤهلين تأهيلًا جيدًا، لتأمين مستقبل أفضل للمتعلمين، تحقيقًا لغايات الهدف الرابع من أهداف الأُمم المتَّحدة للتنمية المستدامة، وانسجامًا مع التوجُّه الاستراتيجي لرؤية عُمان 2040 المعني بالتعليم، بالإضافة إلى ما قامت به الدولة من جهود سَعَتْ إلى إحداث نقلة نوعية في المناهج التعليمية، لتتواكب مع رؤية عُمان 2040 والتحوُّل الرقمي في العملية التعليمية، وتحقيق الجودة ومواكبة متطلبات التنمية المستدامة، وتنويع مصادر التمويل، وطرح مسارات تعليمية لتعزيز مهارات المتعلمين وتلبية الاحتياجات المستقبلية لسوق العمل.
ويبقى دَوْر مهمٌّ وحيَوي لكي تحقق المنظومة التعليمية أهدافها الطموحة وتطلعاتها نحو المستقبل، وهو دَوْرُ أبنائنا الطلبة، فبجهدهم واجتهادهم تجدد سلطنة عُمان نهضتها، وتحقق ما تصبو إليه في المستقبل القريب، وقد بيَّن بناة المستقبل قدراتهم الواسعة في الأعوام القليلة الماضية، فقد أظهروا وعيًا تامًّا ومسؤولية في التعامل مع الظروف التي مرَّت بالعالم، وحققوا مستويات تحصيلية تؤكِّد أنَّنا نسير في الاتِّجاه الصحيح، وعليه ستمضي الحكومة وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم وجميع المؤسسات التربوية والتعليمية والأكاديمية في دعمكم للارتقاء بمهاراتكم التقنية، مواصلة التركيز على البيئة التعليمية من خلال التفاعل الاجتماعي والتنوع والاستمرار في تطوير المدارس لتكون مراكز إشعاع ثقافية وعلمية ورياضية، ويبقى على أولياء الأمور دَوْرٌ وطني، يتجسد في متابعة الأبناء وتطورهم، ومدى استفادتهم مما يقدَّم لهم، لنضمن أكبر فائدة تعود على الأبناء ثمَّ الوطن، الذي يحتاج سواعدهم القوية وعقولهم النابهة لاستمرار نهوض البلاد، ووضعها في مصاف الدول الكبرى على مستوى الإقليم والعالم أجمع، فحاضر عُمان وتاريخها يؤهلانها لتكون في مصاف الدول المتقدِّمة، وبالتعليم فقط نستطيع أنْ نبني هذا المستقبل الواعد بتكاتف الجهود وتكامل الأدوار تحت القيادة الحكيمة لعاهل البلاد المفدى ـ أبقاه الله ـ.