وفقا لمصادر صحفية عمانية، فإنه على افتراض وصول متوسط سعر النفط إلى 80 دولارا للبرميل في العام المقبل مع عدم اتخاذ أي خطوات إضافية لتعزيز الإيرادات فستسجل الميزانية العمانية على الأرجح عجزا قدره 3.05 مليار ريـال (7.9 مليار دولار). ومن ثم اقترح مجلس الشورى إجراء إصلاحات لزيادة إيرادات السلطنة من الضرائب غير النفطية ومن بينها توسيع القاعدة الضريبية ومراجعة المعدلات وإضافة مصادر ضريبية جديدة وتحسين كفاءة نظام التحصيل.
وبطبيعة الحال سوف تلجأ بقية دول المجلس إلى إجراءات مشابهة أيضا. فمن المتوقع أن يحدث تراجع الإيرادات النفطية اضطرابات في الموازنات العامة لدول الخليج في الأجل القصير مع احتمالات كبيرة لتحقيق عجز في موازناتها في الأجل الطويل إذا ما استمر هذا الاتجاه الهبوطي، حيث تعتمد دول الخليج بشكل كبير على عائداتها من النفط لوضع ميزانياتها الوطنية، وإذا ما انخفضت أسعاره، فمن الطبيعي أن تبدأ الحكومات في مواجهة عجز مالي. ويدفع ذلك بالتالي إلى ظهور التباطؤ الاقتصادي وتأثر مشاريعها في مجال البنية التحتية والقطاع الخاص سلبياً.
ولمواجهة هذه المخاطر والإشكاليات، تتوافر العديد من الوسائل أمام دول مجلس التعاون الخليجي، وأهمها (الموازنة العامة للدولة، وتفعيل مصادر الدخل غير النفطية)، حيث تعد الموازنة العامة للدولة بمنزلة الواجهة الأولى التي تواجه بها الدولة المصدرة للنفط مخاطر وإشكاليات انخفاض أسعاره، أي أنها المدخل الذي يمكن للحكومة من خلاله امتصاص الآثار السلبية لانخفاض أسعار النفط وتلافي عدم انتقاله أو التقليل من حدة انتقاله إلى باقي قطاعات الاقتصاد الوطني.
أما تفعيل مصادر الدخل غير النفطية لدول الخليج، فقد أصبحت ضرورة استراتيجية لمواجهة المخاطر والإشكاليات التي يفرزها خطر انخفاض سعر النفط الخام، وهي بمنزلة الوجه الثاني المقابل لدور الموازنة العامة، خصوصاً إذا علمنا أن نسبة مساهمة الإيرادات غير النفطية في إعداد الموازنة العامة لبعض دول الخليج لا تتجاوز (5%).
كما يمكن أيضا اللجوء إلى خفض الإنفاق والتركيز في ضبط أوضاع المالية العامة على احتواء نمو النفقات الجارية، خاصةً أجور القطاع العام، وتحديد أولويات النفقات الرأسمالية، وتعزيز الإيرادات غير النفطية. فقد أدى ارتفاع الإنفاق الحكومي في السنوات الأخيرة إلى ارتفاع سعر النفط التعادلي - مستوى السعر الذي يحقق توازن الموازنة الحكومية - وفيما عدا قطر والكويت، يبلغ عجز المالية العامة الأولي غير النفطي مستوى أعلى مما يلزم لضمان إمكانية استمرار الإنفاق الحكومي عند نضوب الاحتياطيات النفطية.
كما يمكن أيضا اعتماد سياسة مالية تعمل على زيادة تنويع مصادر الإيرادات المالية للدولة، وتوجيه السياسة المالية لزيادة الإنفاق الاستثماري ووضع سياسة مالية واقتصادية تأخذ موضوع مخاطر تقلبات أسعار النفط بعين الاعتبار عند إعداد الموازنات، مع وضع سياسات خاصة للتحوط من شأنها معالجة اختلالات الموازنة (العجز والفائض).
ومثلما حدث في عدد من دول المجلس، يبرز أيضا خيار تقليص دعم أسعار الطاقة، وتقليل خسائر هدر الطاقة التي تُكلّف دول الخليج مجتمعة حوالي 50 مليار دولار سنوياً، وذلك بتطبيق إجراءات ترشيد الطاقة وسن القوانين لإيقاف هدر الكهرباء، علاوة على استخدام الفوائض المتحققة من السنوات السابقة في معالجة هذه المعضلة.

حسن العالي