إذا صلى المسلم الوتر، ثم بدأ له أن يتنفل بشيء من الركعات، فهل له ذلك؟
لا يصح التنفل بعد الوتر، ومن شاء التنفل بعد الإيتار فلينم قبل أن يتنفل، وإلا أخر الوتر وقدم النفل، عملاً بحديث جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (أيكم خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر ثم ليرقد، ومن وثق بقيام من آخر الليل فليوتر من آخره، فإن قراءته محضورة وذلك أفضل) (رواه أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه)، وروى الجماعة إلا ابن ماجه عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:(اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا)، وبالجمع بين هاتين الروايتين يتضح امتناع التنفل بعد الوتر على من لم ينم بعده، لا على من نام.. والله أعلم.
هل تصح صلاة الاستخارة بعد أداء الوتر؟ وكيف تكون علامات الاستجابة أو عدمها؟.
ما أن صلاة الاستخارة صلاة ذات سبب فلا مانع من أن تكون بعد الوتر، ويمكن للإنسان أن يستدل على أن الخير في الإقدام على الأمر الذي استخار فيه بانشراح صدره له أو رؤيا صالحة تشجعه عليه، والعكس في العكس.. والله أعلم.
سماحة الشيخ.. نحن أسرة أصلها من أخوين شقيقين، وعدد أفراد هذه الأسرة حوالي (20) فردًا بين ذكر وأنثى من كبير وصغير، وتزوج من أبناء هذه الأسرة ينفرد في بيت مستقل بنفسه هو وأسرته، وأحيانًا تجتمع كافة الأسرة في بيت واحد لمناسبة ما، على سبيل المثال لوجبة غداء أو وجبة عشاء، أو في مناسبات الأعياد تجمعنا جميعًا أضحية واحدة، الرجال مع الرجال والنساء مع النساء، والصغير مع الكبير، من أجل التفاف الشمل الأسري، كما أن حال حصاد المحاصيل الزراعية من رطب وتمور وغيره من المحاصيل يحصل في اشتراك جميع الأسرة من ذكور وإناث صغيرهم وكبيرهم كما هو معتاد من عهد الآباء والأجداد، بنفوسٍ راضيةٍ وبضميرٍ طاهرٍ وتعاونٍ صادقٍ بالوفاء الإيمان الطاهر الزاكي النابع من صميم القلوب ـ والله علّام الغيوب، سماحة الشيخ إنه يوجد فرد من أبناء هذه الأسرة وكأنه متدين مثل الأولاد الجدد المتدينين، ومتشدد في كثير من الأمور مثل: منع مصافحة ذكور الأسرة المذكورة بإناثهم، ومنع أسرته من الاشتراك في جمع وحصاد المحاصيل الزراعية كسائر الأسر، ومنع أسرته من المشاركة في عمل ما مع أفراد الأسرة في مناسبة جامعة لكافة أفراد الأسرة، وإنه يعتقد إن مثل هذا التجمع، والاشتراك في الأسرة عمل غير جائز دينيًا.
سماحة الشيخ.. بماذا تنصح كافة هذه الأسرة؟ وبماذا تنصح هذا الفرد من هذه الأسرة؟
ملاحظة: شيخنا الجليل إن في سورة النور آية رقمها (61) قوله تعالى:(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا)، نرجو توضيح دلالة الآية؟
يحب أن تخضع عادات الناس لأحكام شرع الله لا العكس، ولا حكم مع الاختلاف إلا القرآن والسنة النبوية الثابتة، فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيّن لنا أنهما الحصنان الواقيان من الهلكة اللذان تركهما لنا، بل الحق سبحانه وتعالى قال:(فإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)، ولا مجال لاتباع هوى النفس أو الركون إلى العادات والتقاليد مع مخالفتها شرع الله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)، وفيما أنزله الله في كتابه، ونطق به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الواجبات الاجتماعية والآداب الأسرية ما يكفي رادعًا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وما يكفي لصون الأسرة والمجتمعات من التفكك والتصدع والفساد والانحلال، ناهيكم أن الله سبحانه أمر الجنسين بغض البصر قبل الأمر بحفظ الفروج، وما ذلك إلا لأن غض البصر وسيلة لحفظ الفرج، فمن أطلق لبصره العنان تردَّى ـ والعياذ بالله ـ في الموبقات، ثم أمر المؤمنات بالاحتشام التام في اللباس بحيث لا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ومحارمهن، وكذلك في الحركات والمشي بحيث لا يسمع جرس حليهن، ولا تصدر منهن أية إثارة لهواجس النفوس وخيالاتها، لأن حسَّ الرجل مرهف تجاه المرأة وكذا العكس، فبالله عليكم هل تمكن المحافظة على هذه الآداب مع اختلاط الجنسين في الأعمال ومزاولتهما الأشغال المشتركة بينهما؟ هذا وقد في الحديث الصحيح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ النهي عن الدخول على النساء بمنتهى التحذير، حيث قال:(إياكم والدخول على النساء)، فقال له رجل من الأنصار: أرأيت الحمو يا رسول الله؟ فقال:(الحمو الموت)، وهو كاف في الدلالة على أن هذه الآداب لا يجوز التساهل فيها حتى بين الأسرة الواحدة، وقد شدَّد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مصافحة النساء حتى جعل الطعن بمخيط من حديد في الرأس أهون منه، وامتنع ـ صلى الله عليه وسلم ـ نفسه من مصافحة النساء حتى في المبايعة، وقد جعل الله فيه الأسوة الحسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر، وكم وقع الناس في شر العواقب بسبب تساهلهم في هذه الأوامر والتوجيهات القرآنية والنبوية، ولو أني كنت أسجل القضايا التي مرَّت بي من هذا القبيل لجاوزت ألف قضية، منها أن فتاة حملت من زوج خالتها، وأخرى مارست معه الفحشاء ولم يصل الأمر إلى الحمل، وامرأتين تآمرتا على قتل زوجيهما مع خليليهما في أسبوع واحد من شهر رمضان المبارك، أَوَلاَ يكفي ذلك كله داعيًا إلى التمسك بهذه الأخلاق الشرعية، والتزام هذه القيود الدينية؟! فكيف ينعت المتمسك بها بالتشدد؟!، أما آية النور فهي دليل على جواز الأكل من بيوت أولئك، لا على التساهل في الاختلاط بين الجنسين من غير أن يكونوا محارم، على أن جميع من ذكروا في الآية من ذوي المحارم.. والله أعلم.




يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة
أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة