الفجوة تتسع .. والسبب تعدد المناصب وكثرة المؤسسات والهيئات، ونحن لا نحرك ساكناً تجاه من يسعى ليكون اخطبوطا، وكأن البلد تخلوا او خلت من الكفاءات والقيادات، ماعدا الكفاءات المحسوبة على اطراف محددة، حقيقة مازال بيننا من يغرد خارج السرب.!
الحكومة تسارع الخطى لتوحيد الصناديق المالية، وايجاد قانون موحد للخدمة المدنية وتوحيد كل ما يستحق الجمع بينه، لان في الوحدة فوائد وقوة ونتائج ايجابية للسيطرة وحشد الطاقات والمحاسبة والرقابة، والبعض يقترح ويقدم عكس ذلك حتى اصبحنا لا نعرف اين نقدم اوراقنا لتخليص معاملة ما ـ ان صح التعبير ـ انه الترهل الاداري الذي يتمدد بصورة غير طبيعية.
فلا يعقل ان يتولى (وزير) ـ مع احترام المقامات ـ مناصب قيادية متعددة، وننتظر منه الانتاجية، الا اذا كان من كوكب (المريخ) .. ويحمل في سيارته خمس حقائب مختلفة مكدسة الملفات والمشاريع والخطط الانمائية ونطالبه بالانجاز، وكيف (لاخر) ان يتولى ادارة مؤسسات عامة ووزارته في حاجة اليه للتحديث، وكيف يمكن (لمسؤول) لم يتول منصبا قياديا ولا يملك الخبرة الادارية التي تعينه على ادارة وزارة او مؤسسة هامة ماعدا انه يحمل شهادة (دكتوراه) ونسلمه ادارة مؤسسات وليس مجرد واحدة ومشاريعها بالملايين.
ايها (المستشارون) والنافذون، ليس بهذه الطريقة تدار الامور، فالعقلية تغيرت علميا وابداعيا، وقد ان الاوان لتصحيح الاوضاع، ولم شمل المؤسسات المتشابهة في اطار واحد بإدارة واحدة مستقلة ان امكن، حتى ننسجم مع الحاضر وتطوراته بكل شفافية، ويترك للوزير ان يعمل في وزارته للتطوير ورفاهية المجتمع، وان تلغى مؤسسات وتدمج وزارات، وان يعاد لمجلس المناقصات الذي شطر في مرحلة ولاسباب ما، الاشراف على مناقصات الشركات التي تدير الملايين ربما دون حسيب او رقيب.!
ان التخلص من هذه الاشكاليات التي حدثت بسبب عقليات ساهمت في هذا الخطأ والترهل والتجاوز الاداري، ضرورة ملحة دون اغفال لعواقب هذا التغيرات، فرغم ما يتكلفه المجتمع والمواطن والاقتصاد نتيجة ما حدث، فان الوقت قد حان لتصحيح المسار بنهج جديد قبل ان يقرع جرس الإنذار ويؤدي الى تراجعنا في كثير من الامور بسبب ضعف الادارة وليس القيادة.
الأمر المضحك والمبكي هو اننا نقيم انفسنا بانفسنا، والامر المضحك ان يتبادل بعض النواب الاتهامات مع وزراء الخدمات في ما بينهم علناً، والامر المضحك والمبكي ان نذكر الفساد ونتهم الاخرين علنا وفي الخفاء من دون تقديم الادلة لتبيان حقيقة الوضع، والامر المضحك ان ندعم الاتحادات في المشاركات الخارجية، ونترك الاندية تصارع الامواج والقذائف وغيرها في الداخل، فهل ترك البعض هموم المواطن وتنمية البلد، ليتفرغ لكيل الاتهامات وتجزئة المؤسسات واغلاق المقاهي، وتقييم الندوات واقامة المعارض باسمائها المختلفة وتجزئة المجزأ ليستفيد بعض المقربين، اننا في حاجة ماسة للتغير الجذري ليستقيم الوضع ودراسة الايجابيات والسلبيات بمعايير وطنية.
فالوزير بشر له طاقات محدودة وله اسرة وعائلة وشركات خاصة، وليس نبيا لديه معجزات سيد الانبياء، ولا عصى موسى، ليدير شركات او مؤسسات حكومية متعددة في وقت واحد، او نترك الحابل مع النابل ويسمح لمؤسسات ان تتحكم بمليارات الريالات في مناقصات دون رقابة، مع تعدد الاوامر التغييرية من قبل الجهات دون الرجوع لمجلس المناقصات.!
الواقع الحالي يحتاج إلى تغيرات للحفاظ على منجزات النهضة، وإيجاد بيئة تتوافق مع المرحلة القادمة لدفع العمل الاداري للتطوير والتحديث من خلال إنجاز المشاريع ومحاسبة المقصرين، رغم انه مما لا يدع مجالا للشك أن جلالة السلطان (حفظه الله) يحرص دوما على تخفيف هموم المواطنين والى تحسين مستوى الحياة المعيشية لهم بما ينعكس على المجتمع اقتصاديا وتنمويا في مختلف المجالات.
الوزراء المجتهدون والمبدعون موجودون، والمخلصون يبذلون جهودا مضنية وحثيثة للاصلاح ونتائجهم ظاهرة للعيان، وهلم جرا. ولا شك أن هذا الجهد المضني للوزير صاحب القدرات الخارقة سيؤثر على مهامه الرئيسية وانتاجيته وهو مايجعل البعض يجلب من يراه مناسبا لمساعدته بشكل او بآخر.
نستطيع ان نحقق مستويات أعلى في التنمية، إذا تحققت امورا هامة في هذه المرحلة منها القضاء على البيروقراطية الإدارية وتقليل أمد الإجراءات، والتخلص من تأخير البت والإنجاز بسبب تجاهل عنصر الوقت وكثرة اللجان والاجتماعات والندوات غير المجدية وازدواجية المناصب وتعدد المؤسسات واهتمام المسؤول بالتغريدات والمديح والظهور الاعلامي .. كل ذلك يرافقه ـ في حالة استمراره لا قدر الله ـ تأخر في التقدم على مسار التنمية الذي نسعى الى قطع اكبر مسافة ممكنة منه منذ بداية العهد الزاهر الذي تحققت امورا كثيرة لا تعد ولا تحصى. علينا ان نتعامل مع المرحلة بمتغيرات جديدة ضرورية لتحقيق صالح الوطن والمواطن وفق الرؤية السلطانية الحكيمة.

د. احمد بن سالم باتميرة
[email protected]