بالرغم من أن رفع سعر الفائدة يسعى لكبح التضخم المتزايد، إلا أنه قد يؤثر على نمو الاقتصاد المحلي لتأثيره المباشر على الاستثمار والإنفاق. وفيما يتعلق بسلطنة عُمان فقد حث البنك المركزي العُماني البنوك المرخصة منذ إقراره برفع الفائدة بعدم زيادة تكلفة الإقراض للمستهلكين..
لقد شهد العالم خلال الفترة الماضية ارتفاعًا كبيرًا في معدَّلات التضخم، مما دفع العديد من البنوك المركزية في عدد من الدول للتعامل مع هذا الارتفاع الحادِّ برفع سعر الفائدة. حيث أقر مجلس الاحتياطي الاتحادي (الفيدرالي الأميركي) برفع سعر الفائدة للمرة الثالثة في شهر يونيو خلال هذا العام بمقدار 75 نقطة أساس؛ لكبح جماح موجة التضخم المرتفعة.
وتماشيا مع ذلك القرار، سارعت البنوك المركزية بدول الخليج برفع سعر الفائدة؛ للسيطرة على التضخم وتثبيت سعر الصرف للعملة المحلية. يذكر أن سلطنة عُمان آخر دولة من دول الخليج تقر برفع سعر الفائدة من قبل البنك المركزي العُماني. حيث أقر البنك المركزي العُماني في شهر يوليو من هذا العام بزيادة سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء للمصارف المحلية بنفس الزيادة التي أقرها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وهي 75 نقطة أساس، ليصبح نسبته 3%. حيث يسعى البنك المركزي العُماني من تلك الزيادة إلى الحفاظ على نظام سعر الصرف الثابت للريال العماني وتثبيت ارتباطه بالدولار الأميركي.
قد يتساءل البعض عن تأثير تلك الزيادة على مؤسسات الإقراض. بشكل عام يقوم البنك المركزي في أي بلد بمهمة إقراض البنوك التجارية التابعة له محليًّا ويتقاضى مقابلها فوائد محددة، بالإضافة إلى ذلك يقوم البنك المركزي بالمحافظة على ودائع هذه البنوك مقابل فائدة يقدِّمها على تلك الودائع. وتُعد الودائع وقود العمل المصرفي، والتي يعاد استثمارها على شكل قروض، وبالتالي فإن ما يضاف على البنوك من أسعار للفائدة على القروض التي تحصل عليها من البنك المركزي، تعكسها على المستفيد النهائي من هذه الأموال.
وربما يرى البعض أن رفع سعر الفائدة يؤثر إيجابًا على البنوك التجارية وشركات التمويل نتيجة زيادة إيرادات الفوائد لديهم، حيث تقترض بالآجال القصيرة وتقرض بآجالٍ طويلة. كما يسهم قرار رفع الفائدة في زيادة الودائع المصرفية مما قد يوفر عوائد للمستثمرين أو المودعين بالبنوك المحلية. إلا أنه من جانب آخر فإن تكلفة حصول البنوك والشركات على الأموال سترتفع نتيجة ارتفاع الفوائد على الودائع. وكذلك يترتب ـ في الأغلب ـ على قرار زيادة أسعار الفائدة تراجع في الطلب على الاقتراض، وسيرتفع الطلب على إيداع الأموال، للإفادة من عوائد الفائدة المرتفعة، وهذا كله قد ينعكس سلبًا على إبطاء النمو الاقتصادي، عبر تراجع وتيرة الاستثمار وضعف وتيرة الإنفاق.
ختاما بالرغم من أن رفع سعر الفائدة يسعى لكبح التضخم المتزايد، إلا أنه قد يؤثر على نمو الاقتصاد المحلي لتأثيره المباشر على الاستثمار والإنفاق. وفيما يتعلق بسلطنة عُمان فقد حث البنك المركزي العُماني البنوك المرخصة منذ إقراره برفع الفائدة بعدم زيادة تكلفة الإقراض للمستهلكين؛ نظرًا لوفرة السيولة في النظام المصرفي المحلي.
إلا أن ضمان استمرار البنوك التجارية وشركات التمويل وغيرها من مؤسسات الإقراض بتثبيت سعر الفائدة للمستهلكين قد لا يستمر طويلًا في ضوء الارتفاع الشديد للأسعار في مختلف النواحي الاقتصادية، والذي بدوره قد يؤدي إلى رفع سعر الفائدة؛ لمواكبة التغييرات الاقتصادية الحادة. وهنا نؤكد أهمية تعزيز دور مراقبة البنك المركزي العُماني لمؤسسات الإقراض خلال الفترة القادمة تحسبا لرفع سعر الفائدة المفاجئ والذي قد يؤثر بشكلٍ مباشر على المستهلكين والمستثمرين لحماية السوق المحلي، ولتجنب إبطاء الاستهلاك والاستثمار بمختلف الأنشطة الاقتصادية بسلطنة عُمان.

د. يوسف بن خميس المبسلي
كاتب وأكاديمي عماني