يُمثِّل غرس قِيَم ومبادئ رياضة الأعمال لدى النشء أحَدَ التوجُّهات الحديثة؛ نظرًا لِمَا يُمثِّله هذا التوجُّه من فُرص حقيقية لبناء قدرات خاصَّة للطفل، حيث يتميَّز الأطفال ـ الذين يتمُّ غرس مهارات ريادة الأعمال فيهم بالقِطاعات المختلفة ـ بالقدرة على التحليل والابتكار والتفكير المستمر، وتظهر قوَّتهم العقلية بشكلٍ ملحوظ عن باقي أقرانهم في نَفْس العمر، كما يُعزِّز غرس تلك القِيَم الثقة في النَّفْس والقدرة على الاختيار الأمثل دُونَ تردُّد، ما يُوجِدُ جيلًا قادرًا على صناعة المستقبَل، جيلًا يعي لُغة العصر ويسعى إلى تعظيم الاستفادة من قدراته وملكاته بشكلٍ ذاتيٍّ، كما أنَّ الاهتمام بهذا النشاط يجعل التخطيط جزءًا ثابتًا في حياة الطفل منذ الطفولة، وسيكُونُ التخطيط الجيِّدُ القائمُ على فهْمٍ واعٍ بالإمكانات المختلفة جزءًا من شخصية الطفل، ويجعله أكثر قدرة على التنظيم. ولعلَّ هذه الإضافة في التكوين ليست الفائدة الوحيدة من غرس قِيَم ريادة الأعمال لدى الأطفال، لكنَّها تُعزِّز قدراته التجارية، وتُشجِّعه على إيجاد أفكار جديدة تخرج دائمًا من صندوق الحلول المُعلَّبة، إلى رحابة الإبداع خارج الصندوق.
ويُعدُّ قِطاع السياحة أحَدَ أهمِّ القِطاعات الاقتصادية التي يَجِبُ الاهتمام بها لدى النشء، والعمل على إكسابهم المهارات المطلوبة؛ لجعلهم روَّاد أعمال في هذا القِطاع الواعد، الذي بجانب فوائده الاقتصادية، يعمل على غرس القِيَم الوطنية، ويوجِدُ نوعًا من الاعتزاز الوطني بالموروث الثقافي والأثري والقِيَمي. ومن هذا المنطلق، جاء توقيع وزارة التراث والسياحة على اتفاقية تعاون مع وزارة التربية والتعليم لتنفيذ برنامج (عُمان وجهتي) لتدريب الطلبة على مجالات القِطاع السياحي يستهدف طلبة مدارس سلطنة عُمان للصفوف من الـ(9ـ12)، حيث يأتي هذا التعاون لتنمية قدرات الطلاب الرِّيادية وبلورتها في أفكار إبداعية ابتكارية لتكُونَ بداية الطريق للعمل الرِّيادي لتحقيق جملة من الأهداف التربوية المختلفة.
وعلى صعيد آخر، تعمل تلك البرامج والأفكار على تطوير الفرص الاقتصادية للطلبة؛ نتيجة إكسابهم مهارات ريادة الأعمال، واكتساب مهارات القيادة والمالية، حيث يحرص البرنامج (عُمان وجهتي) على تدريب الطلبة على مهارات ريادة الأعمال من خلال تمكينهم لإنشاء شركات طلابية في القِطاع في مجال (الإرشاد السياحي، الفندقة والضيافة، المنتجات الحرفية، المؤتمرات والمعارض، سياحة المغامرات) وغيرها لتسهم في تنميتهم وتمكينهم ورفع مستوى مهاراتهم المختلفة، والعمل على بناء جيل واعد قادر على رفْد قِطاع السياحة بأفكار ابتكارية خلَّاقة لتطويره؛ كونه أحَدَ أهمِّ القِطاعات التي تعوِّل عليها الدولة في طريقها نَحْوَ التنويع الاقتصادي المنشود، والتي تُعدُّ أحَدَ أهمِّ مُكوِّنات رؤية “عُمان 2040” الطموحة، وننتظر من هذا البرنامج الجديد لبنة حقيقية لتنمية قِطاع سياحي يُحاكي المستقبَل، ويشكِّل نموذجًا متفردًا لغيره من القِطاعات الاقتصادية الأخرى التي تملك سلطنة عُمان إمكاناتها. إنَّ إيجاد أفكار جديدة تغرس هذه القِيَم الشخصية والاقتصادية في صفوف أبنائنا الطلاب، يُعدُّ تحديًّا كبيرًا، فالتعامل مع هذه الفئة لا يحتاج فقط لبرامج واعدة، لكنْ يَجِبُ تنفيذها بعناية فائقة تعكس أهميَّة الفئة المستهدفة من تلك البرامج، لذا ننتظر التطبيق العملي لتقييم التجربة التي نحرص جميعًا على إنجاحها؛ لأنَّها خطوة مهمَّة في خضمِّ توجُّهنا ـ حكومةً وشَعبًا ـ نَحْوَ بناء المستقبَل، لذا يَجِبُ أنْ يحرص أولياء الأمور على متابعة هذه التجربة، والتواصل مع الأبناء لتعزيز الجهود المدرسية في غرس قِيَم ريادة الأعمال، التي ستبني شخصية مَنْ سيبنون المستقبَل الذي تستحقُّه هذه الأرض الطيِّبة.