- يطرح خيارات متعددة للتمويل ويوفر سوقا عادلة

- عبدالله السالمي :
- سوق رأس المال استطاع خلال الفترة المنصرمة تأسيس منظومة متكاملة من الأنظمة التقنية
- القانون يسهم فـي توفير المظلة القانونية لصناعة الأوراق المالية تتراوح ما بين 10-15 سنة
- توفير مظلة قانونية تتعلق بتنظيم متطلبات التكنولوجيا المالية المعروفة بـFintech


كتب ـ عبدالله الشريقي:
ناقشت الهيئة العامة لسوق المال مستجدات قانون الأوراق المالية الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم 46 /‏2022 والذي يأتي في إطار الانطلاق بالمستوى التنظيمي لصناعة الأوراق المالية في سلطنة عمان إلى مستويات تواكب المتطلبات الراهنة والمستقبلية في ظل الثورة التقنية، وما تفرضه من معالجات قانونية لتنظيم التكنولوجيا المالية وإيجاد مظلة قانونية لأدوات التمويل المبتكرة.

يهدف قانون الأوراق المالية إلى ضمان تنظيم التعامل بما يتسم بالعدالة والتنافسية والشفافية ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال تنظيم حصول هذه المؤسسات على تمويل من الجمهور وحماية مصالح المتعاملين، بالإضافة إلى ضمان نزاهة سوق الأوراق المالية وكفاءته، وتحقيق العدالة والشفافية في المعاملات التي تتم من خلاله، وإدارة المخاطر الناشئة عن التعامل بالأوراق المالية أو المتصلة بها. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي نظمته الهيئة العامة لسوق المال بمقرها بمسقط.
وأكد سعادة الشيخ عبدالله بن سالم السالمي، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال بأن قطاع سوق رأس المال استطاع خلال الفترة المنصرمة تأسيس منظومة متكاملة من الأنظمة التقنية التي تواكب ما يشهده العالم من تطور سواء على مستوى الخدمات الإلكترونية التي تقدمها الهيئة وأنظمة الرقابة والإشراف ولعل آخرها نظام الإفصاح الإلكتروني (XBRL)، بالإضافة إلى أنظمة التداول الإلكتروني الذي تقوم عليه بورصة مسقط وكذلك نظام انعقاد الجمعيات العامة إلكترونيا عبر قاعة افتراضية، وما يصاحبها من إجراءات وعمليات يتم تنفيذها قبل وأثناء وبعد انعقاد الجمعية منها التصويت الإلكتروني، كل هذا الأنظمة سبقت صدور القانون وهو ما يجعل صياغة القانون واللائحة التنفيذية سيكون بعد تجربة ومخاض عملي يسهل تحديد الإجراءات والضوابط التنظيمية التي توفر الحماية والعدالة لكل الأطراف المتعاملة في سوق الأوراق المالية.
وقال سعادته: إن القانون جاء لحماية المتعاملين بالدرجة الأولى في سوق رأس المال العماني، وضمان توفير بيئة تمويلية ذات خيارات متعددة، وقدرة عالية على استقطاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية من خلال تعزيز ثقة الجمهور بتوفير بيئة استثمارية عادلة قوامها النزاهة والشفافية وسوق ذات متطلبات وأدوات توفر الحماية الكافية لأصحاب رؤوس الأموال، مشيرا إلى أن الإطار الأساسي الذي تم الاعتماد عليه لضمان نجاح القانون والذي يتمثل في أن أسواق الأوراق المالية قائمة على مبدأ الثقة، وبالتالي فإن بناء هذا المبدأ لدى المستثمر عن السوق يكون بمقدار ما يشعر به من الاطمئنان والارتياح حول كفاءة البنية القانونية في تنظيم الأنشطة المرتبطة بالأوراق المالية.
وأكد سعادة الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال بأن القانون يتضمن معالجات كثيرة في تنظيم صناعة الأوراق المالية وبات تركيزه في وضعه الحالي على الأنشطة المرتبطة بالأوراق المالية كالصناديق وأنشطة شركات الوساطة الشركات العاملة في مجال الأوراق المالية والتقاص والحفظ والأمانة فضلا عن المشتقات وغيرها من المنتجات المحددة في القانون، وذلك بطريقة موسعة ووفق صلاحيات تساهم في تحقيق الأدوار الأربعة التي تعكف الهيئة العامة لسوق لمال على تحقيقها والمتمثلة في التنظيم والتطوير والرقابة والتوعية التي تترجم الاستراتيجية التي تعمل عليها الهيئة خلال الفترة (2021-2025) ، مؤكدا إلى أن القانون يبتعد عن كل ما يتعلق بتنظيم وتأسيس الشركات المساهمة العامة، وما يرتبط بها من أعمال مثل انعقاد الجمعيات وإجراءاتها تاركا هذا الجانب المهم إلى قانون الشركات التجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (18/‏ 2019) ولائحة الشركات المساهمة العامة الصادرة بالقرار رقم (27 /‏ 2021)، موضحا بأن القانون وسع صلاحيات الهيئة لتكون مشرفة بشكل شبه كامل على قطاع الخدمات المالية المتمثلة حاليا في سوق رأس المال ومؤسسات التصنيف الائتماني في سلطنة عمان إذا ما تم استثناء البنوك وشركات التمويل التي يشرف عليها البنك المركزي العماني وصناديق التقاعد الخاضعة لإشراف وزارة المالية وهيئة التأمينيات الاجتماعية.

منظومة التشريعات
وأضاف سعادة عبدالله السالمي: إن القانون الجديد للأوراق المالية يساهم في إعادة النظر في منظومة التشريعات المنظمة للعمل بالهيئة العامة لسوق المال بشكل يضمن المعالجة القانونية ويوفر المتطلبات والبيئة الاستثمارية، التي تحقق الأولويات الاستراتيجية لرؤية عمان 2040 والمتمثلة في دعم المبادرات التي تساهم في التنويع الاقتصادي وضمان الاستدامة المالية، وكذلك دعم القطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي، بالإضافة إلى توفير بيئة أعمال تنافسية وجاذبة للاستثمار تمارس فيها الحكومة الدور التنظيمي المقترن بكفاءة إدارية ناجحة، إلى جانب الشفافية والإفصاح المؤسسي الراسخ ويكفل حق الوصول إلى المعلومة، كما أن مواد القانون جاءت لترجمة الاستراتيجية التي وضعتها الهيئة المتمثلة في تعزيز أداء قطاع سوق رأس المال ليكون محركا أساسا في التنمية الاقتصادية.

قانون مستقل
وأشار سعادته إلى أن قانون الأوراق المالية الجديد يساهم في إيجاد قانون مستقل ينظم صناعة الأوراق المالية في سلطنة عمان يتماشى مع متطلبات المرحلة التنموية الراهنة والمستقبلية، موضحا بأن القانون سيسهم في توفير المظلة القانونية لصناعة الأوراق المالية على مدى طويل تتراوح ما بين 10-15 سنة، حيث يتسم بالمرونة الكافية التي تحدد المبادئ العامة ويترك التفاصيل للقرارات واللائحة التنفيذية التي يتم حاليا صياغتها من قبل فريق العمل الذي تم تشكيله لهذه المهمة، ومن المقرر أن تعتمد خلال عام من صدور ، وأوضح سعادة وهو اليوم التالي من تأريخ النشر، والقانون يمنح الهيئة ممكنات افضل في مجال التنظيم والتطوير وضبط إيقاع القطاع بما يحقق الأهداف المرجوة والتطلعات المعقودة.

الاستثمارات الرقمية الافتراضية
وأضاف السالمي: إن القانون يواكب مستجدات ما أحدثته الثورة التقنية على اعتبار أنه يوفر مظلة قانونية تتعلق بتنظيم متطلبات التكنولوجيا المالية المعروفة بـFintech ، وهو ما يساهم في توفير الدعم المالي للقطاعات الاقتصادية باستخدام الحلول المالية المبتكرة ، حيث إن القانون يعطي الهيئة العامة لسوق المال صلاحية لتنظيم التمويل المبتكر والموافقة على تطبيق التكنولوجيا والاستثمارات الافتراضية الرقمية. كما أن القانون يتيح توسيع خيارات التمويل من خلال تنظيم منتجات وخدمات جديدة مثل ايصالات المستودعات والمشتقات والمستقبليات وغيرها. مشيرا إلى قانون الأوراق المالية يدعم البرامج والمبادرات الخاصة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، نظرا للأهمية الاقتصادية لهذا النوع من المؤسسات والتي تكون احتياجاتها التمويلية ذات طبيعة خاصة الأمر الذي يعالج واحد من أهم التحديات التي تواجه رواد الأعمال من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

استقلالية البورصة
وأوضح سعادة الشيخ عبدالله السالمي بأن القانون أوجد البنية التشريعية اللازمة لضمان استقلالية بورصة مسقط عن الهيئة والمُضي قدما في أن تكون مؤسسة ذاتية التنظيم، وأتاح للبورصة تنظيم أنشطة الوساطة وصناعة السوق والتمويل الهامشي، وأتاح القانون للهيئة كذلك إمكانية الترخيص لتأسيس بورصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما تُركز مواد القانون على تحقيق مبدأ العدالة والحماية للمتعاملين في سوق رأس المال في سلطنة عمان من خلال وضع العديد من المحددات والممارسات العالمية، بما فيها تلك الصادرة من المنظمة الدولية للإشراف على هيئات الأوراق المالية (الأيسكو)، كما وفر القانون الغطاء التشريعي اللازم لمعالجة أوجه القصور التي تضمنها تقرير تصنيف الذي أعدته مؤسسة توماس موري حول شركة مسقط للمقاصة والإيداع والذي من شانه تعزيز تصنيف الشركة لمستويات اعلى تدعم مكانتها بين نظرائها. مؤكدا بأن المادة التاسعة تلزم الهيئة عند ممارستها اختصاصاتها بضرورة تشجيع المنافسة والابتكار في الخدمات والمنتجات التي تقدمها الجهات الخاضعة لأحكام القانون، وتسهيل وصول العملاء إليها على قدم المساواة، والعمل على تحديد الكلف العادلة التي تفرضها الهيئة على الجهات الخاضعة لأحكام هذا القانون متناسبة مع المزايا التي ستعود على المتعاملين، إلى جانب التأكد من تحقيق التوزان بين مصالح الجهات الخاضعة لأحكام هذا القانون ومصالح المتعاملين معها.
وأشار سعادته بأن القانون عالج نقطة مهمة ستساهم في تطوير سوق رأس المال والمتمثل في تشجيع قيام مؤسسات مستقلة تمارس أنشطة بنوك الاستثمار، تُعنى بتقديم الخدمات الاستشارية المرتبطة بخيارات التمويل والاستحواذ والسيطرة وغيرها من الخدمات.
وأكد سعادته بأن القانون يخول الهيئة صلاحية تأسيس صندوق لحماية المتعاملين، والذي يهدف إلى تعويض المتعاملين في حالة وقوع خسائر قد تلحق بأصولهم المحتفظ بها لدى الشركة ، موضحا بأن الصندوق لا يغطي الخسائر الناتجة عن تغير القيمة الاسمية أو الدخول في الاستثمارات غير الملائمة أو تعثر الجهة المصدرة للورقة المالية، كما أنه لا يغطي الخسائر المتعلقة بالأصول التي قام المتعاملون بإقراضها أو تقديمها كضمان لجهة عاملة في مجال الأوراق المالية بموجب اتفاق بينهما. كما أن القانون يعزز من منظومة حماية المستثمرين أعطى القانون العملاء الذين خسروا أصولهم لدى أي من الجهات المرخصة محل التصفية المرتبة الأولى بين الدائنين. حيث تشير المادة (52) أنه يجب على الهيئة تعيين مصف إذا تبين لها أن أيا من أعضاء صندوق حماية المتعاملين أعلن عن إفلاسه، وإذا كانت أصول العملاء غير محددة فيتم توزيعها بنسب متساوية ويحتل العملاء الذي خسروا أصولهم لدى الجهة المرخصة محل التصفية المرتبة الأولى بين الدائنين.
من ناحيته أوضح هيثم بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي لبورصة مسقط بأن الجهات الخاضعة لأحكام هذا القانون تمثل مؤسسات سوق رأس المال وبورصة مسقط أو أي بورصة ترخص في المستقبل وشركة مسقط للمقاصة والايداع والجهات العاملة في مجال الأوراق المالية والجهات المصدرة ومقدمو الخدمات أو المنتجات المرتبطة بالأوراق المالية وشركات التصنيف الائتماني. مشيرا إلى أن بورصة الأوراق المالية هي الجهة المرخص لها بإنشاء أو توفير سوق حقيقية أو نظام إلكتروني يجمع بين المشتريين وباعة الأوراق المالية مثل بورصة مسقط.