على الرغم من الجهود التي تبذل من قبل الجهات المعنية لتأمين فرص العمل لآلاف الباحثين عنه من المواطنين، إلاّ أن المعروض لايزال أقل من تلك الأعداد، مما يدفع بالكثيرين منهم الانتظار لفترات طويلة، ويتسبب ذلك في عبء مالي ونفسي على رب الأسرة المطالب بتكفل تبعات اولئك الابناء الذين انهوا دراستهم الجامعية وينتظرون الفرج، فتجد في بعض البيوت اكثر من باحث عن عمل يحتاج الى جانب المأكل والمشرب والملبس الاحتياجات الاساسية والضرورية الاخرى، في ظل ظروف دخل صعبة تعاني منها الكثير من الاسر، وبالتالي فان البحث عن بديل من قبل اولئك الشباب لاشك يمثل ضرورة لابد منها، من خلال السعي إلى الاعتماد على الذات في تأمين ولو جزءا بسيطا من الدخل للاسرة سواء كان ذلك بانشاء مجموعات عمل بين اصحاب التخصص الواحد المنتظرين للوظيفة والمشاركة في انشاء مشروع، أو قيام الشخص نفسه ومن خلال أدوات بسيطة بمزاولة مهنة، خاصة خريجي التخصصات الفنية مثل الكهرباء والهندسة والتكييف والتبريد، لما لهذه الحرف من حاجة مجتمعية ودخل كبير مقابل ادوات بسيطة.
فما نلمسه حاليا من قيام القوى العاملة الوافدة بهذا الدور وما تكسبه من دخل، أولى به ابناء الوطن الذين لديهم القدرة المكتسبة عبر ما حظوا به من علم ومعرفة ومهارة، فنحن بطبيعة الحال نلامس هذا الواقع بشكل يومي نتيجة الاعطال التي تحصل في المنازل، حيث ان تنظيف مكيف على سبيل المثال وليس اصلاح عطل فيه لا يقل عن 10 ريالات في فترة زمنية لا تتعدى 15 دقيقة، فماذا لو احتاج الى تصليح او قطع غيار فضلا عن تبديل الانارة وانابيب المياه واصلاح الاجهزة الالكترونية، وغيرها من الأجهزة التي لا يخلو منها اي منزل، فالى متى شبابنا سينتظر الوظيفة وامامه كنز لو عرف كيف يستغله لاستغنى عن العمل لدى الغير ؟ اذا هناك امور لابد ان يدرك اهميتها شبابنا ذكورا واناثا، وان يستغلوا ما في أيديهم من حرف ومهن ذهبية ذات عائد مادي تفوق بعضها عشرات المرات راتب الوظيفة، وانا اعتقد جازما لو تحرك الشباب في هذا الاتجاه سيكون هناك تجاوب من الحكومة لتأمين حماية لهم من خلال وقف التصريح للسماح للوافدين بمزاولة هذه المهن، التي ندرك جميعا ان البعض منهم يعمل بطريقة غير قانونية وان البعض الأخر تحت غطاء التجارة المستترة، الا ان حاجة المجتمع لهذه الخدمة في ظل عدم توفر من يمارسها من أبناء البلد تعد من الظواهر المسكوت عنها، على اعتبار ان خدمة المجتمع من الأولويات فما حدث في خريف ظفار هذا العام دليل على دعم مثل هذه المبادرات، حيث ان تواجد ابناء البلد الذين كانوا يقدمون الخدمات للسائحين سواء في مواقع المهرجان المختلفة او في التجمعات يكاد يكون قد غطى على الوافدين الذين منعوا من ممارسة مثل هذه الاعمال. اذا هناك حرص حكومي على دعم مثل هذا التوجه من قبل الشباب الذي لا يتطلب منه سوى المبادرة، والعمل منفردا أو من خلال مجاميع على تولى زمام قيادة مثل هذه الاعمال التي تخدم المجتمع بشكل لحظي، والاستفادة من تلك التجارب القليلة التي اطلقها البعض في بعض المجالات، بدأت صغيرة وها هي الان وصلت إلى العالمية بعد ان ثبتت اقدامها في السوق المحلي، ما يدعو الشعور بالاسف ذلك الأب الذي يعتصره الألم نتيجة وجود اكثر من ابن لديه باحث عن عمل، وفي انتظار فرصة لهم تخفف من ثقل المسؤولة عليه، الا ان هذا الشعور لابد ان يدركه الابناء لطرق ابواب العمل الحر والحصول على الفرصة، فلا تنتظروها لكي لا تحبطوا وتحبط اسركم.

* طالب بن سيف الضباري
امين سر جمعية الصحفيين العمانية
[email protected]