[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لمن نعتذر، عن الأردن الذي تلظى بحريق جسد ابنه البار، أم بمصر التي تتألم على جمر سيناء، ام لدمشق التي لاتغادر حزنها الدفين، أم العراق الحاني على جراحه، أم ليبيا التي تمرد دم أبنائها ولم يستطع الإنقاذ .. أما ماذا بعد وبعد.
الكل مشغول بدواعشه، بتلك البربرية التي تعيدنا إلى قرون التلذذ بكيفية قتل البشر، بتقطيع أوصالهم، بالرقص على جثثهم .. عشنا وشفنا زمن " داعش"، وهو يتنقل بنا بين الذبح والسحق والصلب والرمي بالرصاص ثم بالحرق .. لايعرف هؤلاء ـ المتلطين خلف رايات دين طاهر من البربرية ـ سوى موضة واحدة هي موت كل آخر .. لم تصل إليهم المدنية التي تجاوزت المقصلة الأوروبية والسيوف التي انهالت على رؤوس بشر، وحريق جان دارك الفرنسية التي رميت بالنار فأكلتها حتى لم يبق منها عظم ولحم.
لايكفي ان يكون الاردن غاضبا وبردات فعل سريعة، بحاجة الى تأكيد فتحه لحرب دائمة على برابرة لا يقتلون فقط أبناءه، بل كل من هو آخر من أي عالم، فلقد ذبحوا الفرنسي والبريطاني والاميركي والعربي، ورموا بشرا من أماكن عليا، ثم دفعوا رتلا من الجيش العربي السوري بعدما خلعوا ثيابهم في قمة البرد ليتلذذوا بالمشهد الذي يروق لهم وهو التعذيب قبل نيل الموت.
باتت البشرية اصغر من ان تعرف انسانيتها في هذه الأيام وهي تتلقى المشاهد المخزية وتتنقل بين تنوعات اجرامية لن تتوقف عند هذا الحد .. كأنما أبرم " داعش " اتفاقا مع الشيطان ليظل يوسوس له اشكال قتل الانسان .. بل هو الشيطان بعينه ذلك الداعشي الاول الذي يعطي الأوامر، ويفتح شهية إرهابييه على ما يحلو له من أنماط مستحدثة لعمليات الموت.
كأني بهذا الرئيس أوباما على كثرة تصريحاته ضد المشاهد المروعة التي رآها وهو رئيس لأقوى دولة، من كونه عاجزا عن انقاذ الأرض وهو الاكثر قدرة من تحقيق واقع مختلف لها. فغير مفهوم مايقوم به اتجاه برابرة سوى انه يتصرف معها كالخجول المحبط. لا يساعد ولا يريد مساعدة احد، سيظل الشك بأسلوبه هذا مخجلا، بل هو من يمنح هذا التنظيم البربري امكانية البقاء طويلا وممارسة اقسى افكاره الجهنمية ضد الانسان المعاصر.
لايكفي ان يثأر الأردنيون من التنظيم الذي لا تعنيه صراخات البشر وتأففهم وقرفهم من وجوده طالما ان ثمة رعاية معروفة له لتجاوز كل اعتبار ضده . فهو صنيعة من يمثل، والذين مازالوا على دعمهم له، هم المسؤولون عن مشهد الكساسبة وكل مشهد مماثل وما قد يختاره العقل البربري ايضا في مستقبل قتله وتصفياته المجنونة.
اذا لم تتحد قوى العالم من اجل الاجهاز على تلك الظاهرة، فلن يكون مفاجئا لو صحا كل منا ذات يوم ليرى داعشيا في بيته او ينتظره على الطريق .. مانفذ حتى الآن ضد الدواعش لا يكفي اطلاقا، خارطة الشرق الاوسط باتت مثقلة بالدواعش الذين ظهر بعضهم والبعض الآخر نائم بانتظار الاوامر او الساعة المحددة له. ولطالما كنا في سباق معه، فليس ممكنا تلك الحالة الرمادية التي يقفها البعض من مسألة المصير الانساني وليس مصير ابناء المنطقة.