تؤدِّي الموانئ ذات الموقع الاستراتيجي المميّز دورًا لوجستيًّا مُهمًّا ورئيسًا، خصوصًا في القِطاعات الحيَوية مِثل النفط والغاز، حيث تعمل تلك الموانئ على تحقيق القِيمة المُضافة المرجوَّة من تلك الثروات الطبيعية، كما أنَّها تمتلك القدرة على استيراد الموادِّ الخام، والعمل على إعادة تصنيعها، ثمَّ العمل على إعادة التصدير، خصوصًا إذا كانت تلك الموانئ تمتلك مساحات كبيرة قادرة على استيعاب مِثل تلك المشاريع العملاقة، التي توفِّر فُرص عمل كبيرة للقوى العاملة الوطنية، كما أنَّها ستؤدِّي دورًا رئيسًا في توجُّه البلدان الموجودة فيها نَحْوَ التنويع الاقتصادي الذي يخرج هذه الدولة أو تلك من رحم الاعتماد على سلعة واحدة في شكلها الخام، خصوصًا السِّلع النفطية، إلى رحابة إقامة المشاريع الصناعية المتطوِّرة، المستخرجة من هذه السِّلع الخام، وإعادة تصديرها في شكْلِ منتجات أخرى تزيد من قدرة البلاد على توفير العملات الأجنبية، ليصبَّ ذلك في مصلحة ميزانها التجاري.
وتتوافق تلك الرؤية الاقتصادية مع طموحات سلطنة عُمان وتوجُّهاتها نَحْوَ التنويع الاقتصادي، مستفيدةً ممَّا تملكه من قدرات لوجستية متنوِّعة، تتَّسم بموقع جغرافي فريد يقع في قَلْبِ طُرق التجارة العالمية، وتسعى من خلال تلك التوجُّهات إلى الانعتاق من سيطرة النفط كسِلعة رئيسة على اقتصادها الوطني، والسَّعي بشكْلٍ دؤوب نَحْوَ إقامة اقتصاد وطني متنوِّع، وذلك وفق الخطَّة الطموحة رؤية عُمان 2040، التي تقوم على تنمية عددٍ من القِطاعات الاقتصادية الواعدة، وعلى رأسها القِطاع اللوجستي ذي المُقوِّمات الواعدة، وعمدت ـ في سبيل تحقيق ذلك ـ إلى إقامة عددٍ من الموانئ البرِّية والبحريَّة والجوِّية، ذات الموقع المتفرِّد، والمرتبطة بعددٍ كبيرٍ من الطُّرق القادرة على استيعاب التجارة الإقليمية والدولية في البلاد، وتعظيم الاستفادة من موقعها الجغرافي الرابط بَيْنَ آسيا وإفريقيا.
ويُعدُّ ميناء الدقم أحَدَ أهمِّ الموانئ العُمانية التي استثمرت فيها الدولة العوائد النفطية، وأقامت صرحًا عالميًّا، قادرًا على تحقيق الأهداف التي أُنشئ من أجْلها. ومن هذا المنطلق واستمرارًا لتعظيم الاستفادة الكبرى، جاء تنظيم شركة ميناء الدقم بالتعاون مع الجمعية العُمانية للخدمات النفطية والجمعية العُمانية للوجستيات منتدى “فُرص الأعمال في ميناء الدقم”، والذي استهدف مجموعة من الشركات العاملة في قِطاع النفط والغاز بسلطنة عُمان، حيث أتى تنظيم هذا الملتقى ضِمْنَ جهود شركة ميناء الدقم الرامية إلى تعزيز التعاون التجاري بَيْنَ ميناء الدقم وشركات النفط والغاز وعرض فُرص الأعمال التي يقدِّمها الميناء لهذه الشركات، وما ستُقدِّمه الشركات لميناء الدقم وعملائه من جانبٍ آخر، حيث إنَّ الميناء يُمثِّل بوَّابةً تجاريةً جديدة بفضل موقعه الاستراتيجي الذي يتمتع به ويفتح آفاقًا كبيرة للتعاون التجاري وإيجاد فُرص أعمال لشركات النفط والغاز، كما يُعدُّ الميناء مركزًا يستقطب، ويُعزِّز مختلف الأنشطة التجارية والاقتصادية التي تستهدف الشركات الرئيسة العاملة في مجال النفط والغاز، فهو يسهل عمليات استيراد الموادِّ الخام وإعادة تصدير البضائع، كما أنَّه يوفِّر عَبْرَ المساحات والأراضي الشاسعة التي يمتلكها ومرافق البنية الأساسية فرصًا للاستثمار لإقامة مرافق التخزين والتوزيع للخدمات اللوجستية والشَّحن للشركات العاملة في قِطاع النفط والغاز.
إنَّ تلك الجهود المبذولة بميناء الدقم، وسَعْيَها إلى إيجاد مجموعة من الخدمات المتكاملة سيُثري الاقتصاد الوطني ككُلٍّ ويدعمه، خصوصًا في قِطاع النفط والغاز الذي يؤدِّي في دعمه الميناء دورًا مُهمًّا وحيويًّا، سيُعظِّم الاستفادة، حيث من المتوقَّع زيادة النُّمو في أحجام البضائع والحمولات التي يستقبلها الميناء لمختلف الأعمال والمشروعات بالدقم ومناطق الامتياز المجاورة مع التطوُّرات التي تشهدها مشروعات البتروكيماويات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم. كما أنَّ الميناء سيُسهم بشكْلٍ أساسي عَبْرَ عملياته المختلفة في دعم مسيرة تطوير محافظة الوسطى على وجْهِ الخصوص، والتي تتميَّز بوجودِ أغلب مناطق الامتياز فيها.