[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/nawafabohyga.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]نواف أبو الهيجاء[/author]
”(الدولة الفلسطينية) العتيدة على الورق أمر ممكن ـ ولكن في ظل وجود سرطان الاستيطان وهو سرطان عنصري مدمر ـ لا يمكن أن ترى النور على الطبيعة. ممكن ـ كما يريد الصهاينة ـ أن يبقى الوضع على ما هو عليه ما ييسر لمزيد من الاستيطان والهيمنة والتهويد وخاصة القدس ـ أما أن ينسحب المحتلون من الأراضي في الضفة الغربية فهو أمر مستحيل ..”

بنى الكيان الصهيوني حتى الآن 151 مستوطنة في الضفة الغربية (و26) تسور القدس العربية. تضم المستوطنات 350 ألفا من غلاة المستوطنين العنصريين إضافة إلى 180 ألفا في القدس (المحتلة عام 67). معنى ذلك أن الإجمالي تجاوز نصف مليون. إضافة إلى ذلك فإن مجموع ما صادرته حكومات الاحتلال من أراضي الضفة يعادل 40% من مجموع مساحة الضفة. ولم يصغ الاحتلال ومستوطنوه إلى أي من قرارات الأمم المتحدة المتكررة بالصدور منذ عام 1976.
كما أن الاحتلال لا يقيم وزنا ـ حتى الآن ـ لقرارات من أوروبا وبريطانيا بمقاطعة منتجات المستوطنات بالرغم من هذه المقاطعة تؤثر سلبيا في اقتصاد المستوطنات خاصة واقتصاد الكيان الاحتلالي عامة.
لكن استمرار الدعم الاميركي ـ اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ـ يقوي شوكة الاحتلال ويدفعه إلى مزيد من العربدة والاستعلاء والاستهتار بالقرارات الأممية.
وواضح أن (الأحزاب) الصهيونية في مجملها تؤيد الاستيطان وترى فيه ضرورات أمنية ووجودية في الوقت عينه. ليس هناك أي حزب يتجرأ على إعلان رفضه الاستيطان. دوليا الاستيطان على طول الخط يناقض القرار والقانون الدوليين اللذين يحرمان إجراء إلى تعديل أو تغيير في الوضع الديمغرافي للمحتل من الأراضي أو البلدان.
وواضح أن الصهاينة متعصبون جدا بإصرارهم على تهويد القدس وتثبيت ما يسمونه (الحدود الآمنة) شرقا ـ أي على طول الضفة الغربية. وهذا من شأنه أن يلغي بصورة عملية إمكانية قيام دولة فلسطينية ممتدة جغرافيا إلى قطاع غزة. إن رفض الكيان الصهيوني بدعم وإسناد من الولايات المتحدة الانسحاب من الأراضي المحتلة (عام 67) ـ وخاصة في إحباط المشروع العربي في مجلس الأمن نهاية 2014 يعني بصورة مباشرة عرقلة قيام دولة بالمفهوم المتعارف عليه للدول من السيادة على الأرض والناس في وطن محدد الحدود.
(الدولة الفلسطينية) العتيدة على الورق أمر ممكن ـ ولكن في ظل وجود سرطان الاستيطان وهو سرطان عنصري مدمر ـ لا يمكن أن ترى النور على الطبيعة. ممكن ـ كما يريد الصهاينة ـ أن يبقى الوضع على ما هو عليه ما ييسر لمزيد من الاستيطان والهيمنة والتهويد وخاصة القدس ـ أما أن ينسحب المحتلون من الأراضي في الضفة الغربية فهو أمر مستحيل في ظل التوازنات والسياسات القائمة وفي ظل ضعف الإرادة العربية على الفعل وقدرة الولايات المتحدة على إحباط أي مشروع في الأمم المتحدة لإرغام الصهاينة على الانسحاب.
والحال أنه بمزيد من الضغط الدولي وتصميم فلسطيني وعربي يمكن للمحتلين حين يرون أن الانسحاب في حسابات الربح والخسارة أفضل لهم ـ مع تفكيك المستوطنات ـ سيرضخون. لكن ذلك لا يعني وجود إرادة ولو بنسبة ضئيلة لأي خطوة انسحاب لدى المحتلين.
جنوب إفريقيا نموذجنا في كيفية إنهاء الاحتلال. خنق العدو ومحاصرته ـ إقليميا ودوليا ـ يمكن أن يرغم العنصريين على التراجع .. وإن خطوة واحدة إلى الخلف.
ويبقى أن (دولة فلسطين) مشروع على الورق عمليا، ومن الصعوبة أن تكون دولة فعليا في ظل الاستيطان والتراخي والانقسام.