- 21 لوحة مستمدة من أجواء التراث ورموزه

عمَّان ـ العُمانية: يتضمن معرض (لوحات قصصية) المقام على جاليري جودار، للتشكيلية الأردنية دلندا الحسن، إحدى وعشرين لوحة مستمدة من أجواء التراث ورموزه.
وتحاول الفنانة التشكيلية في أعمالها مدَّ الجسور بين الماضي والحاضر، جاعلةً من قاعة العرض مكانًا عابقًا بتفاصيل الماضي، التي تصطحب الزائر إلى عوالم الحكايات الشعبية الغرائبية، بشخصياتها وأحداثها وأجوائها الفارقة.
تقول الحسن في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن فكرة المعرض تولَّدت من عملية بحثها في القصص الشعبية التي تربَّت عليها، وكانت تسمعها من الجدات، مثل “نص نصيص”، و”فرط رمان”، و”جبينة”، و”ملك الهواء”، و”الحطَّاب والعسل”.
وتوضح أن تلك الحكايات التي كانت تطالعها في الكتب أو تسمعها من الجدات “ذات مادة حكائية جامدة وعبارة عن سرد من دون وجود أيِّ توثيق بصري أو رسم تعبيري يعكس أحداثها”.
وتضيف في هذا السياق: “شعرت أن خيالي عند قراءة تلك القصص يشتعل بمشاهد وأشكال متخيلة مرتبطة بها، ولأنها رافقت بدايات وعيي أحببت أن أرسمها وأوثّقها بصريًّا”.
وكشفت الحسن أنها قامت على مدى سنوات بجمع القصص من ألسنة الجدات ومن الكتب، وصنَّفتها، واختارت القصص الخرافية التي تتسم بالفانتازيا والغرائبية، وركزتْ على ماهية الحبكة لكل قصة والمغزى منها، لترسم في النهاية لوحة لكل قصة من تلك التي اختارتها.
نُفذت أعمال المعرض من خلال العديد من التقنيات، وأبرزها الكولاج الذي استعملت فيه الفنانة التطريز الفلاحي المعروف، كما استخدمت المنمنمات، وتقنيات “الكتاب الفني”، و”الوسائط المتعددة” التي تجمع الألوان المائية والأكريليك وألوان الجليتر. وإلى جانب ذلك كتبت الحسن بخط يدها بعض العبارات والأشعار المتضمَّنة داخل القصص.
وتنتمي اللوحات لأكثر من مدرسة وأسلوب فني، غير أنها في مجموعها جاءت منسجمة ومتناغمة ومترابطة بحيث توصل حبكة القصة ومغزاها للقارئ.
تقول الحسن حول هذه التجربة: “خلال السنوات الأخيرة أولت منظمة اليونسكو اهتمامًا كبيرًا لتوثيق التراث غير المادي للشعوب، واعتبرته قيمة وبصمة مميزة لكل حضارة ولكل شعب ولكل بلد ومنطقة، لهذا لم يكن الهدف أن أرسم القصص التراثية فقط، وإنما أن أقدم مشروعًا يسهم في توثيق التراث وحفظه، وخصوصًا أن الثورة التكنولوجية باعدت بين تلك القصص وبين الأجيال الجديدة”.
وترى دلندا الحسن في مشروعها “دعوة للجيل الجديد ليعود إلى الجذور الثقافية والحضارية التي يراد له أن ينبتَّ عنها”. وتحقيقًا لهذه الغاية، أصدرت الفنانة بالتزامن مع المعرض كتابًا بعنوان “حكايات جدتي”، وضعت فيه القصص الشعبية بتصرف، باللغتين العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى اللوحات التي تعبِّر كلٌّ منها عن إحدى القصص المختارة.
ولأن الفنانة دلندا الحسن روائية ومصممة فنية أيضًا، فقد استفادت من تعدد مهاراتها وتنوعها في إنتاج أعمال متكاملة، تقول في ذلك: “لا يستطيع الكاتب أن يمسك بتلابيب الكتابة ويكتب مشاهد تنقل القارئ إلى عوالمها إلا إذا امتلك القدرة على تخيل المشهد قبل كتابته، وأنا قبل أن أكتب أيَّ مشهد أتخيله وأرسم ملامحه وألوانه وأشكاله وطبيعته”.
ويتمحور المعرض الذي يستمر حتى 30 سبتمبر الجاري حول ثيمة واحدة هي تقديم الجمال وتوثيقه ونشره، وقد استخدمت الفنانة العديد من الإشارات التي ترتبط بالمرأة بوصفها الحكاءة الأولى والساردة الأقدم في التاريخ، فنجد لوحات لها تتضمن ملابس للمرأة كالثوب الفلاحي المطرز أو الفستان، وفي أخرى يبرز وجه المرأة، لذا جاءت أولى لوحات المعرض لتحمل عبارة “كان يا ما كان في قديم الزمان”، ثم نرى سيدة تغمض عينيها وتبدأ بسرد القصة. كما ركزت الفنانة على رسم وردة الدحنون المعروفة في بلاد الشام وهي تتحرك عكس عقارب الساعة، في إشارة إلى أن الزمن يتجه إلى الماضي؛ إلى قصص الجدات وحكاياتهن.