اذا كانت العلاقات العمانية الاماراتية لها جذور تاريخية منذ عقود، وانعكست على الحراك المجتمعي في البلدين وتعزز ذلك بشكلٍ جلي مع بداية النهضة الحديثة لكليهما برعاية مؤسسيهما المغفور لهما بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد وأخيه صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراهما، فان الزيارة التاريخية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ال نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الى سلطنة عمان، ولقاءه باخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، تعد منطلقا لارساء دعائم وأسس جديدة مستمدة من ذلك الارث المشترك نحو مستقبل اكثر تفاعلا مع كافة الجوانب والسمات التي تربط البلدين وتعزيزها ، ليس في المجال الاقتصادي فحسب وانما في المجالات الاجتماعية والاستثمارية والثقافية والشبابية والاخرى المرتبطة بالعمل على بناء جسور تواصل مستمرة لا تنقطع، انطلاقا من قوة العلاقة التي اوصلت ليس فقط القيادات وانما كذلك مواطني البلدين ان يكون كل منهما عمقا للآخر في كافة الاحوال والظروف، حيث اعتقد ان من المستبعد التأثير على تلك العلاقة طالما ان هناك فهما وتقاربا وانصهارا مجتمعيا مشتركا.
واذا كانت الدول تتقارب فيما بينها انطلاقا من مبدأ تبادل المصالح والمنافع، فان سلطنة عمان ودولة الامارات العربية المتحدة تضيف على ذلك مبدأ آخر ايضا اكثر اهمية وهو التاريخ المشترك والرابط الاسري، وبالتالي فان الامكانيات المادية لدى الامارات والمقومات التي تمتلكها السلطنة في الجوانب السياحية والاستثمارية والاقتصادية والتجارية، ستسهم في قيام اقتصاد قوي ومستمر يخدم المنطقة وكذلك العالم والاقاليم المجاورة، ويتيح الفرصة لان يكون البلدان بهذه الامكانيات نافذة مهمة نحو العالم نظرا لموقع عمان الاستراتيجي المطل على بحر العرب والمحيط الهندي اللذين يعتبران معابر تجارية هامة للتجارة العالمية، ان مجموعة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعها البلدان في عدد من المجالات خلال هذه الزيارة لاشك سيكون لها اثرها الكبير في زيادة حجم التبادل التجاري ، خاصة متى ما انجز مشروع القطار الذي سيربط بين العاصمة ابوظبي ومدينة صحار الواعدة اقتصاديا وتجاريا في شمال السلطنة، ومن ثم ربطه بشبكة القطار الخليجي مستقبلا.
ان الاحتفاء الشعبي والرسمي الكبير بزيارة سمو الشيخ محمد بن زايد ال نهيان، عبر كافة وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام المختلفة، دليل على محبة الشعب العماني لاشقائهم في دولة الامارات العربية المتحدة، وعلى طبيعة التوجه القادم لمفهوم الشراكة المتجدده في عهدين جديدين يقودان مسيرة البلدين، فكلاهما يدرك عمق الروابط وشارك في وضع الكثير من المرتكزات والاسس لها خاصة خلال العقود الخمسة الماضية، وبالتالي فان القادم بعد هذه الزيارة سيكون اكثر تاثيرا واثرا ايجابيا على كافة المسارات التي تم الاتفاق عليها لارساء دعائم التعاون بين البلدين نحو مستقبل وغد مشرق نرجو ان يصل الى انتقال المواطنين دون الحاجة الى حدود جغرافيا كما كان ذلك قبل سبعينيات القرن الماضي.


* طالب بن سيف الضباري
امين سر جمعية الصحفيين العمانية
[email protected]