«.. ومع هذا الإجماع على اتجاه نزولي للأسعار بعد العامين القادمين، فإن الواجب على المنتجين استغلال هذه الفترة لتوظيف عوائد ارتفاع النفط في دعم المالية العامة جنبا إلى جنب مع تسريع التعافي الاقتصادي..»
فيما تختلف التوقعات حول السعر المنتظر للنفط بحلول عام 2024 خصوصا بعد الاتجاه الصعودي الذي شهدته الأسعار مع ارتفاع الطلب في مرحلة التعافي من فيروس كورونا “كوفيد19”، وأيضا جراء اضطراب سوق الطاقة إثر الحرب الروسية الأوكرانية.. إلا أن هذه التوقعات تجمع في أغلبها علة انخفاض الأسعار عن الوضع الحالي، الأمر الذي حدا منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وشريكاتها في إطار تحالف “أوبك+” إلى الاتجاه للنظر في خفض الإنتاج خلال اجتماعهم في فيينا الأربعاء القادم.
فمن ناحيتها ترى وكالة ستاندرد آند بورز أن متوسط أسعار النفط نحو 100 دولار أميركي للبرميل خلال العام الجاري وسيكون 85 دولارا أميركيا للبرميل في عام 2023م، في حين من المتوقع انخفاض متوسط أسعار النفط اعتبارا من عام 2024م إلى ما يقارب 55 دولارا أميركيا للبرميل على أساس سنوي.
لكن مركز “فاندا إنسايتس” المعني بأسواق الطاقة يرى أن انخفاض أسعار النفط إلى مستويات 50 دولارًا أو أقل يحتاج إلى تدمير واضح وحالي للطلب العالمي على النفط مستبعدة حدوث أمر كهذا، ليتشارك ذلك الرأي أيضا خبير اقتصاديات الطاقة، مستشار تحرير منصة “الطاقة”، الدكتور أنس الحجي حيث إن الانخفاض الكبير يحتاج ركودا اقتصاديا، واضعا احتمالية هبوط الأسعار تحت 70 دولارا للبرميل، ويرى أن احتمال الانخفاض تحت 50 دولارا ضعيف جدا في الوقت الحالي، خصوصا وأن تحالف أوبك و(أوبك+) سيدافع عن الأسعار وسيخفِّض الإنتاج إذا اتجهت الأسعار إلى 60 دولارا للبرميل.
وفي هذا الصدد فإن التحالف سيعد اجتماعا في فيينا يوم الأربعاء بحضور الممثلين “للمرة الأولى منذ مارس 2020” وظهور وباء “كوفيدـ19” ـ حيث عقدت الاجتماعات السابقة عبر الاتصال المرئي ـ وسط شائعات عن تخفيضات كبيرة في الإنتاج في مواجهة مخاوف من الركود، ومع تراجع الطلب على النفط.
وكانت “أوبك+” تركت في ربيع عام 2020، طواعية ملايين البراميل تحت الأرض حتى لا يتم إغراق السوق بالنفط في ظل القيود الصحية. وبفضل ذلك ارتفعت الأسعار بعد أن هبطت إلى مستوى سلبي.
بعدها قررت “أوبك+” زيادة الإنتاج العام الماضي. لكن في مواجهة مخاوف من الركود، اختار التحالف في أوائل سبتمبر خفض الإنتاج، وهو قد يلجأ إلى ذلك مجددا. كذلك نقلت وكالة رويترز عن مصادر القول إن المحادثات حول خفض إنتاج النفط تركز على زيادة محتملة لتخفيضات الإنتاج من 500 ألف برميل يوميا إلى مليون برميل يوميا لدعم السوق.
ومع هذا الإجماع على اتجاه نزولي للأسعار بعد العامين القادمين، فإن الواجب على المنتجين استغلال هذه الفترة لتوظيف عوائد ارتفاع النفط في دعم المالية العامة جنبا إلى جنب مع تسريع التعافي الاقتصادي وتوظيفها في مشاريع تعمل على تنويع مصادر الدخل.


هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري
[email protected]