غاية آمالنا وأمنياتنا أن تزيد تلك العلاقة الغالية صلابة بين الأرض والحدود، تتعمق بين الأشقاء أكثر وأكثر كل يوم لنسمع من الأخبار والتنسيق والتواصل والعلاقات ما يثلج الصدر ويفرح النفس، سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الشعبي..

الحديث عن العلاقات العمانية الإماراتية يتجذر فيما هو أكبر بكثير من حتمية الروابط السياسية والأمنية للدول ذات الحدود المشتركة، كما أنه أعمق بكثير من ضرورة توطيد العلاقات بين الدول ذات المصالح المتبادلة بطبيعة الحال؛ لأنها تتشارك كذلك مع بعضها البعض في الكثير من الروابط والتحديات والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية. بمعنى آخر، هي علاقة تأخذنا بعيدا جدا عن الالتزامات المادية والعلاقات الرسمية.
العلاقة بين سلطنة عُمان والشقيقة دولة الإمارات العربية المتحدة علاقة تربط الجسد الواحد بباقي الأعضاء، علاقة تربط أفراد الأسرة الأكبر ببعضهم البعض، وهذا أمر لا مبالغة فيه أبدا؛ لأنه يتحقق عبر تلك المشاعر الإنسانية التي ترتبط بصلة الرحم وبالدم وبالنسب قبل أي شكل آخر من الروابط المادية، وهذا الأمر يدفع إلى التزامات أخلاقية وإنسانية واجتماعية من جهة، وهي الأهم والأبرز، وأخرى ذات التزامات سياسية واقتصادية وأمنية وغير ذلك.
أكدت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لأخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق “حفظهما الله ورعاهما” لسلطنة عُمان عُمق تلك الروابط واللواصق الإنسانية والاجتماعية أولا، وكانت النتائج التي انبثقت عن تلك الزيارة دليلا على عمق ومصداقية العلاقات والتنسيق المشترك وتعزيز التعاون في الجوانب الأخرى مثل السياسة والاقتصاد والأمن وغير ذلك، وهو ما عبَّر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، بقوله: “الإمارات وعُمان أخوة متجذرة، وعلاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخًا وقوة ومحبة”( 1)
هذه الزيارة الأخوية تعيدنا حتما وحبا إلى التاريخ الماضي القريب والبعيد، إلى سنوات سابقة حيث عهود أعز الرجال وأنقاهم، حيث القادة المؤسسون، المغفور لهم بإذن الله تعالى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد، والشيخ زايد بن سلطان، والشيخ خليفة بن زايد “طيب الله ثراهم جميعا” الأصل الذي تربت ونبتت منه الفروع، الأصل المتجذر في تراب الأرض العُمانية الإماراتية، والخلف الذي شرب وتنفس على إلزامية الأخوة والترابط وصلة الرحم وأن الأمل والألم واحد، فلا غرابة ولا استغراب إن تعدت العلاقات العُمانية الإماراتية روابط المصالح ومشاركة الحدود إلى روابط وصلات الوجود المشترك.
لا أرغب في الحديث أو الدخول في تفاصيل النتائج التي انبثقت عن الزيارة الأخوية، فهي معلنة وتناقلتها مختلف وسائل الإعلام، ولكنها باختصار ليست إلا دليلا واضحا على عمق تلك الروابط واللواصق المشتركة سابقة الذكر، سواء كانت تلك النتائج واضحة في حجم الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المختلفة أو في مستوى حفاوة الاستقبال الرسمي، أو في تلك المشاعر التي نشاهدها ونسمعها بين أبناء البلدين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فكل ما سبق سيكون له بإذن الله تعالى ما بعده من تعميق العلاقات الأخوية بين الأشقاء في سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة.
غاية آمالنا وأمنياتنا أن تزيد تلك العلاقة الغالية صلابة بين الأرض والحدود، تتعمق بين الأشقاء أكثر وأكثر كل يوم لنسمع من الأخبار والتنسيق والتواصل والعلاقات ما يثلج الصدر ويفرح النفس، سواء على المستوى الرسمي أو المستوى الشعبي، ومن ضمن ذلك بشارة الدخول إلى البلدين الشقيقين دون الحاجة إلى أي بطاقة أو هوية أو جواز سفر، فنحن أبناء عُمان وأبناء الإمارات نتشارك الهوية الجغرافية والتاريخ المشترك والقيادة الأخوية والمصير الوجودي الواحد.
ختاما، نسأل الله العلي القدير أن يديم بين الشقيقتين سلطنة عُمان ودولة الإمارات نعمة الأخوة وصلة الرحم والقربى، وأن يزيد ما بينهما من العلاقات والروابط والصلات، وأن يحفظ سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة الأرض والشعب والقيادة من شر الكائد الحاسد الحاقد. اللهم آمين.

مراجع
1 ـ - صحيفة البيان الإماراتية، بتاريخ 27/ 9/ 2022 على الرابط: https://www.albayan.ae/uae/news/2022-09-27-1.4523558


محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
[email protected]
MSHD999 @