تأتي الزيارة الرسمية التي يقوم بها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة إلى سلطنة عُمان والتي تبدأ اليوم وتستمر ليومين، في خضمِّ مرحلة في غاية الخطورة والحساسية يمرُّ بها الإقليم والعالم على كافَّة الأصعدة السياسية منها والاقتصادية. لذا ستكُونُ فُرصةً كبيرة للبلدَيْنِ للتشاور والتنسيق بَيْنَ القيادتيْنِ بما يُسهم في تعزيز العمل العربي المشترك، وبحث مختلف التطوُّرات على الساحتين الإقليمية والدولية، “انطلاقًا من العلاقات الراسخة التي تربط سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، فمنذُ عقود والعلاقات العُمانية الأردنية تسير في خطًى مميزة، حيث لم تألُ السَّلطنة جهدًا في دعم قضايا الأردن الشقيق وتوجُّهاته. وقد أرسى دعائمَ هذه العلاقة المميزة المغفورُ لهما جلالة السُّلطان قابوس بن سعيد وجلالة الملك الحسين بن طلال ـ طيَّب الله ثراهما ـ واستمرَّت مع تولِّي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية، لتنمو بشكْلٍ مُطَّرد وتتواصل مع تولِّي جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ أعزَّه الله ـ مقاليد الحُكم في السَّلطنة في عام 2020.
وأهمُّ ما يميِّز العلاقات بَيْنَ البلدَيْنِ الشقيقَيْنِ أنَّها اتَّسمت على الدوام بتبادل وجهات النظر والتشاور والتنسيق حيال القضايا العربية والإقليمية، وبما يخدم مصلحة البلدَيْنِ والشَّعبَيْنِ الشقيقَيْنِ اللذيْنِ يقفانِ في خندق واحد لخدمة الأُمَّة ونصرة قضاياها؛ لِمَا لهما من ثقل إقليمي وعالمي، يجعلهما يحملان صوت الحكمة دومًا، خصوصًا عندما تحتدُّ الصراعات، ليعملا معًا بما يملكانه من مُقوِّمات دبلوماسية رصينة تحمل صوت العقل، لحلحلة القضايا ورأب الصدع قَبل أنْ تنفجر الأمور. وكما أنَّهما يحملان قدرًا كبيرًا من التطابق في وجهات النظر بَيْنَ البلدَيْنِ حيال القضايا الأساسية العربية والإقليمية والدولية، فإنَّهما يشتركان في تبنِّي النهج الوسطي السِّلمي والمتوازن الدَّاعم للشرعية الدولية، والمُناصِر لأصحاب الحقوق، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
إنَّ العالم أجمع يحتاج إلى القمَّة الأخويَّة المنتظرة اليوم بَيْنَ جلالة القائد المفدَّى، وأخيهِ العاهل الأردني الضَّيف، حيث ستكُونُ فُرصةً لنقاشات تحمل حلولًا لأزمات عالمية، يَجِبُ الاستماع لها بعناية، فالبوصلة العُمانية الأردنية، دائمًا تسعى إلى التعاطي بحيادٍ إيجابي، يحمل صوت الحكمة والعقل في قضايا المنطقة وتحدِّياتها، بَلْ في أزمات العالم أجمع، وذلك عَبْرَ اعتماد الحوار وسيلةً ناجحةً وناجعة للإسهام في حفظ السِّلم والأمن الدوليين، وعلى الصعيد الثنائي تعمل كُلٌّ من سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية على عقد مشاورات في مختلف المجالات من خلال الزيارات المتبادلة، منها جلسة المباحثات التي عُقدت في العاصمة الأردنية عمَّان خلال شهر يوليو الماضي، وأكَّدت المُضي قُدمًا في اتِّخاذ كُلِّ الخطوات اللازمة لتعميق العلاقات بَيْنَهما وزيادة التعاون في مختلف المجالات والتوافق حول سُبل تعزيز العمل العربي المشترك ومواجهة التحدِّيات، كما أسهمت هذه الزيارات في تعزيز العلاقات في مجالات التعاون المشترك للقوات المسلَّحة في البلدَيْنِ الشقيقَيْنِ .
كما تتلاقى وجهات النظر العُمانية الأردنية في ضرورة تقوية أواصر الأخوَّة والعلاقات الثنائية، بمصالح اقتصادية مشتركة تعمل على تحقيق تطلُّعات وطموحات شَعْبيهما، خصوصًا مع توجُّه البلدانِ بجهودٍ حثيثة نَحْوَ تحقيق تنمية شاملة تتَّسم بالاستدامة، تسعى إلى إحداث التنويع الاقتصادي المنشود، لذلك ستكُونُ تلك الزيارة فُرصةً كبيرة تدعم تلك الجهود، وإحداث تعاون اقتصادي يتبادل فيه البلدانِ ما يملكانِه من قدرات ومقدَّرات كبيرة، خصوصًا موقعهما الجغرافي الفريد، وما حققاه من طفرة على صعيد الكفاءات البَشَرية في العديد من المجالات. لذلك يتوقع أنْ تُسهم زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية إلى سلطنة عُمان في توطيد هذه العلاقات الأخويَّة من خلال زيادة التبادل التجاري والاستثماري، بالإضافة إلى مدِّ أواصر التعاون في العديد من القطاعات الأخرى كالسياحة والثقافة وغيرها من الأنشطة التي يمتلك فيها البلدانِ مُقوِّمات عملاقة.