- أحد أوائل رجال الأعمال العمانيين ووكلاء الشركات العالمية

- قدم خدمات البريد والحوالات المالية للمجتمع العماني كعمل خيري دون مقابل

- نال وكالة شركة «BP» وشركة السيارات «بدفورد Bedford» ومضخات الماء ومكائن الكهرباء «Lister» و «Petter»

- خصخصة أول محطة كهرباء فـي سلطنة عمان.. وأسس شركة المطاحن العمانية

أضيف مؤخرا كتاب جديد إلى رفوف المكتبات العمانية، كتابٌ يوحي من عنوانه بأنه من كتب السِيَر، وهو كذلك إلا أنه يتعدى السيرة إلى أبعاد أخرى، ومنها البعد التاريخي لسلطنة عمان وتجارتها عموما ولمسقط بوجه أخص، وارتباطها تجاريًا مع عدد من دول العالم. كتاب (موسى عبدالرحمن حسن.. جوانب من سيرته ودوره الاقتصادي والاجتماعي 1902 – 1987)، يسلط الضوء على واحد من أبرز تجار سلطنة عمان، وأحد أهم رجال الأعمال فيها قبل عصر النهضة المباركة بأعوام طويلة إلى ما بعدها، ليواصل الشركاء من أبنائه وأحفاده من بعد رحيله في عام 1987 إدارة الشركة، والباقية إلى اليوم والتي تُخلِّد اسمه (موسى عبدالرحمن حسن وشركاءه).

يسلط الكتاب الضوء على شخصية رجل الأعمال العماني الراحل الشيخ موسى بن عبدالرحمن بن حسن الرئيسي والمشهور تجاريا باسم (موسى عبدالرحمن حسن) وكان معاصراً لثلاثة من سلاطين عمان، السلطان تيمور بن فيصل والسلطان سعيد بن تيمور والسلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراهم-. الكتاب غني بالوثائق والصكوك التاريخية القيّمة وصور أثرية عن مناطق عُمان في فترات زمنية مختلفة وكذلك هناك صور أثرية قديمة عن مسقط القديمة وحاراتها وخاصة حارة التكية. وهذه تعتبر مواد علمية دسمة تثري القارئ والمحلل والباحث والمؤرخ في مجال التاريخ والبحث الأكاديمي وغيرهم وتحفّزهم على البحث في اغوار التاريخ العماني ودراسته والنظر اليه من جوانب مختلفة كالتجارية والاقتصادية والمصرفية والتجارة الخارجية والعملات المتداولة في تلك الحقبة الزمنية وكذلك العلاقات الدولية والاجتماعية والإنسانية وغيرها. وقد سعى فريق البحث والعمل والتحرير والاشراف العام المكون من الدكتور محمد بن حمد العريمي والباحث المشرف العام عبد الرحمن بن علي بن موسى الرئيسي (حفيد صاحب السيرة) وأيضاً الباحث المشرف الفني محمد بن أنور بن عبدالله الرئيسي في توصيل هذه الرسالة. وقد عمل الفريق ككتلة واحدة متعاونة مكملة لبعضها البعض ، حيث تولى الدكتور محمد بن حمد العريمي عملية تحرير وصياغة الكتاب وتزويده بالوثائق التاريخية المهمة وقام الباحث والمشرف العام عبدالرحمن بن علي بن موسى الرئيسي بتزويد الكتاب بالوثائق والصكوك التاريخية المهمة والصور الأثرية وله مساهماته البحثية القيمة وكذلك قام بعملية المراجعة والتدقيق والأشراف العام على الكتاب وقام الباحث محمد بن أنور بن عبدالله الرئيسي، بالإشراف الفني على الكتاب، وله مساهمات بحثية جليلة وقيمة من الوثائق والصور.
وتطرق الكتاب -الذي يقع في 336 صفحة من القطع الكبير- إلى مجموعة كبيرة الجوانب، منها الجانب الخيري، والجانب الدبلوماسي، والجانب الدولي، وجانب العلاقات الاجتماعية، ومسيرة الشركة ومواقعها المتعددة وانتقالاتها، كما تضمن الكتاب أكثر من 300 صورة متنوعة، بين وثائق تعود إلى قبل وبعد سبعينيات القرن الماضي، ومن أقدم الوثائق المنشورة صكٌ شرعيٌ يعود إلى عام 1925م ويشير هذا الصك الى شراء موسى عبدالرحمن حسن أحد المزارع بوادي البحائص في ولاية السيب بمبلغ ٧٠٠ قرش فضة فرنسي وهو مبلغ يعد كبيراً في ذلك الوقت، وهناك صور قديمة لمعالم مسقط ومينائها، وصور عديدة لشخصيات فاعلة في الحركة السياسية والتجارية والاجتماعية في سلطنة عمان وعدد من الدول الخليجية والعربية ودول العالم، ليجد القارئ نفسه في رحلة تاريخية ومسيرة تجارية حافلة بالتحدي والثقة والنجاح والخير، مسيرة جابت البلدان والأمصار.
ويشير الكتاب إلى أن الشيخ موسى بن عبدالرحمن بن حسن الرئيسي ولد ما بين عامي 1902 و 1904، حيث تباينت مصادر الكتاب في تاريخ ولادته، ولكنه ولد في مدينة مسقط وتحديدا في حارة التكية. وجاء في الكتاب أنه كان نابغا في طفولته، ويعرف أن العلم طريق نحو الرزق، فقد درس القرآن الكريم، إلى جانب تردده على مبنى الإرسالية الأمريكية كي يتعلم اللغة الإنجليزية، كما كان يوثق علاقته مع جميع أطياف المجتمع والجاليات المختلفة وبالاخص التجارية في مسقط، فبدأت بذلك شخصيته تكبر في وسط التجار، كما كان يلازم والده التاجر عبدالرحمن بن حسن الرئيسي المعروف بلقب “السركال”، الذي كان تاجرا يوفر احتياجات البواخر الكبيرة القادمة إلى مسقط في تلك الأيام وكذلك ارتبط لفترة من الزمن مع صديق والده التاجرخان بهادرنصيب بن داؤود الرئيسي.
ومن هذه النشأة والمكتسبات المعرفية والعملية، وفي عمر العشرينيات تقريبا أدرك التاجر موسى أنه وصل إلى مرحلة تمكنه من الاستقلال بنشاطه التجاري، وأنه قد أصبح قادرًا بحكم الخبرة التجارية والإدارية الكبيرة التي اكتسبها من خلال عمله، ومن خلال السمعة الطيبة التي بناها خلال فترة عمله السابقة، ودائرة المعارف الكبيرة التي كونها مع الوسط التجاري والمجتمعي، أن يدخل عالم التجارة من أوسع أبوابه، فأخذ بعض الذهب من والدته، فرهنه، وأضاف مبلغ الرهن إلى المبالغ التي كان قد حصل عليها من نشاطه التجاري السابق، وكان ذلك بداية رأس ماله. وحسب وثائق السجل التجاري لمؤسسة موسى عبدالرحمن حسن لسنة ١٩٧٤م ، يبدو أن موسى عبدالرحمن حسن قد بدأ نشاطه التجاري الخاص في العشرينيات من القرن الماضي.وقد عُرف عنه قوته ورباطة جأشه واصراره على العمل، فلم يخش حينها من الخسارة، وخاصة في تلك الفترة التي قرر بها أن يستقل بعمله التجاري الخاص، حيث كانت السلطنة حينها تعاني أزمة اقتصادية لأسباب مختلفة، من بينها الحرب العالمية الأولى، والكساد العالمي عام ١٩٢٩م، وديون الدولة، وغيرها.
بدأ موسى عبدالرحمن حسن المتاجرة بالمواد الغذائية من خلال توفير المواد الأساسية مثل الأرز والبر والسكر وغيرها لمحلات التجزئة في مسقط ومطرح، وكذلك تصدير بعض من انتاجات سلطنة عمان لدول عديدة مثل دبي والكويت والبحرين والعراق وإيران والهند وباكستان وسيريلانكا وسنغافوره، ثم بدأت تجارته بالتوسع وعلاقاته بالتشعب، فدخل بذلك مجالات تجارية أخرى وثقته مع العديد من العلامات التجارية العالمية فكان وكيلا لها في سلطنة عمان، ومن تلك العلامات التجارية العالمية المشهورة “BP”، و شركة مضخات الماء ومكائن الكهرباء “Petter” و “Lister”، و شركة السيارات “Bedford” و “Vauxhall”، وشركة المقاولات Costain وغيرها من العلامات التجارية.
ونظير نجاحاته التجارية حظي موسى عبدالرحمن حسن بثقة وتقدير السلطان سعيد بن تيمور – طيب الله ثراه - فأسند إليه -بالتعاون مع مجموعة من التجار- مناقصة إنشاء محطة كهرباء مطرح فـي بلـدة ريـام بولايـة مطـرح، وتعتبر هذه أول خصخصة في قطاع الكهرباء في تاريخ سلطنة عمان وكان ذلك في الستينيات من القرن الماضي.
كما ساهم رجل الاعمال الراحل موسى عبدالرحمن حسن في تأسيس العديد من الشركات المساهمة العامة في عصر النهضة، ومنها شركة المطاحن العمانية وكان ذلك في عام ١٩٧٣ برأس مال قيمته مليوني ريال عماني آنذاك.
خدماته
قدم موسى عبدالرحمن حسن بعد أن توسعت تجارته خدمات جليلة كثيرة للدولة قبل النهضة وبعدها، فأصبح بذلك من رجالات عمان حينها وذا مكانة اجتماعية مرموقة، فتم تعيينه في عهد السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه - في عضوية بعض المؤسسات منها اللجنة التأسيسية لغرفة تجارة وصناعة عمان، ومجلس النقد العماني (البنك المركزي العماني حاليا) ولجنة حسم المنازعات التجارية.
كما منحه السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وسام عمان من الدرجة الرابعة في عام 1981 نظير أعماله الجليلة.
وفي الجانب الاجتماعي قدم الكثير من الخدمات للمجتمع، أهمها في مجال البريد، هذا المجال الذي أحبه الراحل فكان أحد رواده، فقد كان من أوائل العمانيين أصحاب صناديق البريد، وحمل رقم صندوق البريد الخاص به (ص.ب 4 - مسقط - سلطنة عمان)، وقد نذر هذا الصندوق لوجه الله في خدمة المجتمع، فيتلقى ويرسل من خلاله آلاف الرسائل، كما برز حينها في تقديم خدمات الحوالات المالية. إضافة إلى خدمات كثيرة قدمها لوجه الله، ولم تكن تعرف حينها إلا بعد أخذ العديد من الشهادات والرجوع للمصادر، كما جاء في الكتاب.
إصدار طابع بريد شخصي (تذكاري)
وتخليدا لسيرة رجل الأعمال العماني الراحل الشيخ موسى بن عبدالرحمن بن حسن الرئيسي، وتزامنا مع اصدار الكتاب، سعى ناشر الكتاب الحفيد “عبدالرحمن بن علي بن موسى بن عبدالرحمن بن حسن الرئيسي” لإصدار نسخة طابع بريد شخصي (تذكاري) من قبل “بريد عمان”. الطابع البريدي يحمل صورة رجل الأعمال الراحل الشيخ موسى عبدالرحمن حسن الرئيسي، كنوع من الوفاء من قبل الحفيد وتخليدا لذكرى جده الراحل، ويحمل الطابع رمزية تاريخية توثق ارتباط اسم “موسى عبدالرحمن حسن” بالمجتمع العماني و بالحركة البريدية في سلطنة عمان والحوالات المالية فيها قبل ان تكون هناك مصارف تقدم هذه الخدمة أو تقوم بهذا الدور. ويملك ناشر الكتاب الحفيد عبدالرحمن بن علي بن موسى بن عبدالرحمن الرئيسي حاليا حقوق الطابع البريدي والكتاب وتوزيعهما ونشرهما.
أرشيف الوثائق
ويقول حفيد رجل الأعمال الراحل عبدالرحمن بن علي بن موسى الرئيسي: “الكتاب غني بالوثائق الدالة على حجم العلاقات التجارية بين مؤسسة جدنا – طيب الله ثراه- وبين عدد من الشركات العالمية، كما أن تلك الوثائق كثيرة وعديدة ومتنوعة فكان لا بد من توثيقها في كتاب يرصد هذه المسيرة التاريخية الحافلة بالإنجازات ويخلدها، جزء كبير من الوثائق احتفظ بها، وجزء من الوثائق والصور أمدنا بها عدد من الأصدقاء والشخصيات التي عاصرت جدنا، أما بالنسبة لي فأنا احتفظ بالكثير من الوثائق التي لا يتسع الكتاب لها جميعا، كما أن ما احتفظ به ليس كل الوثائق، بل غاب الكثير منها بعد انتقال مكتب الجد من مسقط القديمة إلى روي، سعيت لجمع الكثير من الوثائق التي حصلت عليها من والدي رحمه الله وصورت الكثير منها ووضعتها في كُتَيب خصصته لتوثيق العلاقات التجارية فكان منها وثائق مع تجار من عدن من بيت الفكري، ومع تجار الكويت واشهرهم اسرة البحر، والصقر، والفليج، وتعاملات مع تجار دبي منهم جمعة الماجد والفطيم وأبناء الحاج محمد آل رحمة، وتعاملات مع تجار البحرين منهم التاجر محمد رفيع الشيخ عبدالقادر الفقيهي، وتعاملات مع تجار البصرة ومع تجار الاهواز في إيران ومع تجار جوادر وكراتشي وغيرها من البلدان ومن ضمنها الهند سريلانكا و استراليا، وتلك الوثائق التي جمعتها في الكتيب تعود إلى عام 1949، وهناك وثائق أقدم موجودة في وثائق المكتبة البريطانية ومنها وثيقة تعود لعام 1937 وفيها إشارة الى استيراد وبيع المنتجات النفطية من قبل جدنا موسى عبدالرحمن حسن.”
غلاف الكتاب
وتحدث الحفيد عبدالرحمن بن علي بن موسى الرئيسي عن الغلاف قائلا: “غلاف الكتاب يمكن اعتباره عملا فنيا – أبدع في تصميمه المشرف الفني الباحث محمد بن أنوربن عبدالله الرئيسي مع فريق عمله - يختصر سيرة جدنا الراحل موسى عبدالرحمن حسن الرئيسي ، ففي أطراف الكتاب خطوط باللونين الأحمر والأزرق، وهي نفس الخطوط الموجودة على الظرف التقليدي لإرسال البريد، في إشارة إلى ارتباط الجد بالحركة البريدية في سلطنة عمان، حيث كان صندوق البريد الخاص به (ص.ب 4) من أشهر صناديق البريد ولا نبالغ اذا قلنا اشهرها، وهو واحد من روادها ورواد حركة الحوالات المالية، وذلك قبل أن تكون هناك خدمات صندوق البريد، فكان الجد معروفا بهذا الصندوق وكان ذا سمعة وثقة يقدم خدماته للمجتمع دون مقابل، فكل ما يصل من بريد يتم نقله بسيارات (البدفورد Bedford) وتصل إلى أصحابها في ربوع عمان، لذلك كانت هذه العلامة البريدية بارزة في غلاف الكتاب، كما يتضمن غلاف الكتاب على الجانب الأيمن صورة للبيت الذي ولد فيه جدي رحمه الله وترعرع وتأسس به وانطلق منه إلى أن أصبح من أبرز التجار في سلطنة عمان وأحد أهم المساهمين في حركة التقدم والتطور و الازدهار، ولا زال البيت قائما إلى اليوم في مسقط القديمة بحارة تعرف بـ (التكية)، وعلى يسار صورة الجد بغلاف الكتاب مباشرة صورة لمكتب الجد (مؤسسة موسى عبدالرحمن حسن) وهذا المبنى لم يعد موجودا اليوم لتطوير تلك المنطقة، وهي منطقة مسقط القديمة التي كانت تحوي على سوقين، سوق خارج سور مسقط، وسوق داخله وكان مكتب الجد به، ونظرا لتطوير المنطقة انتقل المكتب في منتصف السبعينيات إلى روي، وصورة المكتب في روي في الطرف الأيسر من غلاف الكتاب، وهو المكتب الباقي إلى اليوم، كما يحتوي الغلاف على أبرز الوكالات التي حصل عليها، منها وكالة شركة النفط (BP)، وكذلك على الغلاف سيارة (بدفورد) الإنجليزية التاريخية التي حصل على وكالتها جدنا الراحل، وفي الكتاب كذلك توقيع الجد، هكذا يعتبر الغلاف سيرة بصرية لحياة الراحل”.
وأشار الحفيد عبدالرحمن بن علي بن موسى بن عبدالرحمن الرئيسي إلى أن الكتاب موجود حاليا في (أوبرا جالريا) في الطابق الأول في فرع بريد عمان، وسيتم توزيعه على عدد من المكتبات والناشرين في مرحلة قادمة.