في انتخابات هي السادسة خلال عشر سنوات، وتحت “شعار تصحيح المسار” توجَّه الكويتيون لمراكز الاقتراع يوم 29 سبتمبر للإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم الـ50 لمجلس الأمة الكويتي الجديد 2022م، في أجواء حرة ونزيهة ومنظمة وتغطية إعلامية عالية.
قال الكويتيون كلمتهم، وتوجهوا زمرا لمراكز الاقتراع في كل المحافظات، وقد شاهدنا بأعيننا سلاسة التصويت ورُقي التعامل مع الناخب؛ لأن الكويت تقف على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو جانب في غاية الأهمية، إنها مرحلة تعكس الرؤية الحكيمة للعهد الجديد لتعزيز المشاركة الديمقراطية والشراكة الحقيقية من أجل بناء الكويت ونموها وتطورها في المرحلة القادمة.
لذا ظهرت الإرادة الشعبية وقالت كلمتها في العرس الكويتي الديمقراطي باختيار كفاءات وقدرات ترى أنها مناسبة لهذه المرحلة، وتسهم في العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وهذا ما تمخضت عنه الانتخابات بخسارة 20 مرشحا لمقاعدهم السابقة وفوز 15 نائبا جديدا وعودة للمرأة لقبة عبدالله السالم بمقعدين.
ورغم ما حملته الانتخابات من مفاجآت وأرقام ومشاركة جميع أطياف المجتمع الكويتي بعد مقاطعة البعض للدورات الماضية لأسباب معلومة، إلَّا أننا نأمل أن تعمل الحكومة الجديدة بعد تشكيلها مع المجلس الحالي كفريق واحد لمصلحة الكويت وشعبها والابتعاد عن المشاكسة وتأجيل المشاريع والتأزيم.
ومن هنا نأمل أن تجسد نتائج هذه الانتخابات رؤية سمو الأمير نواف ـ حفظه الله ـ وولي العهد الأمير مشعل ـ أعزَّه الله ـ في رؤية جيل من الديمقراطيين يعملون للمصلحة العامة ويبتعدون عن القشور التي تؤثر على العلاقة مع الحكومة التي تسعى في المقام الأول إلى رسم خريطة طريق جديدة لمستقبل الكويت وتنفيذ رؤيتها 2035، وتنمية البلاد في كافة المجالات الحيوية.
ولا شك أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الفائزين بعضوية المجلس للمشاركة بفاعلية في المرحلة القادمة دون النظر للخلف، ولكل مرحلة رجالها، وما شهدناه في عيون أهل الكويت وسمعناه يثلج الصدر “لتغيير وتصحيح المسار” يجعلنا متفائلين هذه المرة بأن التغيير قادم وأن الجميع سيضع مصلحة الكويت وشعبها فوق كل شيء.
حقا الكويت بحاجة ماسَّة لمجلس أمة يلبِّي طموحات شعب الكويت، وكما سمعنا خلال مشاهداتنا في الشارع الكويتي ومجالس الديوانيات، وقليل من أعضاء مجلس الأمة الفائزين، فإن التوقعات بالتغيير شيء لا بُدَّ منه سياسيا واقتصاديا، ودخول وجوه فاعلة للمجلس سيخدم هذه المرحلة، لذا فإن الكرة تحت “قبة عبدالله السالم” إذا أرادوا الإصلاح وتنمية البلاد وركوب سفينة الحكومة الجديدة التي سيكون شعارها أيضا مجسدا لرؤية وطموح الأمير الوالد وولي عهده الأمين والفكر الجديد المستنير.
مرحلة مهمة تنتظر أهل الكويت من مجلس الأمة الجديد والمتجدد باحتفاظ 24 نائبا بمقاعدهم، والذي يعلق عليه الكثيرون آمالا كثيرة في تحقيق التطلعات وتجاوز العراقيل التي تسببت نوعا ما في تأخر البلاد في بعض المجالات، ولن يتحقق هذا إلَّا بالمشاركة الفاعلة والتعاون والتعاضد بين المجلسين والأحمدين “أحمد النواف وأحمد السعدون”. إذا تم اختيارهم لقيادة دفة المرحلة القادمة.
وكما جاء في كلمة سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد ـ حفظه الله ـ والتي ألقاها عنه ولي عهده الأمين سمو الشيخ مشعل ـ أعزَّه الله ـ التي كانت رسالة في غاية الأهمية لتصحيح المشهد السياسي الديمقراطي واللجوء إلى الشعب باعتباره المصير والامتداد والبقاء والوجود ليقوم بدوره على أكمل وجه لتصحيح المسار بالشكل الذي يحقق مصالحه العليا، واليوم وبعد أن وضع الكويتيون ثقلهم في الاختيار، فعلى السلطتين أن تتعاونا مع القيادة الحكيمة وصانعة التغيير والرؤية في تسيير السفينة الكويتية لبر الأمان، كما تمناها المؤسس عبدالله السالم في ستينيات القرن الماضي، وأن يكون دور ممثلي الأمة هو الالتزام بالدستور والشراكة في تحقيق الرفاهية والرخاء والأمن للوطن والمواطن.
صراحة لا أخفي إعجابي بالعملية الانتخابية الكويتية، والتغطية الإعلامية المتميزة، وما قامت به وزارة الإعلام في الدولة الشقيقة والجهات المختصة الداخلية والعدل وجمعية الشفافية وغيرهم من دور في نجاح العملية الانتخابية بكل شفافية، دمتم يا أهل الكويت منارة للديمقراطية، ونأمل أن تكون جهودكم قد كللت في الاختيار ووفقت هذه المرة بعيدا عن المحسوبية والقبلية؛ لأن الكويت تحتاج للأفضل والأكفأ في هذه المرحلة والمراحل القادمة، تحتاج لمجالس تعمل لا تهدم، وتضيف لا تقلل، فالحياة تتطور بوتيرة متسارعة، والعهد الجديد رمى الكرة في ملعبكم يا أهل الكويت، وكنتم الأحرص على اختيار من تفتخرون به للسنوات الأربع القادمة، وقد قال الشعب كلمته في تغيير المسار، وهذا ما ستثبته الأيام.. حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه.. والله من وراء القصد.

د. أحمد بن سالم باتميرا
[email protected]