القدس المحتلة ـ (الوطن):
أجمع محللون اقتصاديون أن الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية لا يمكن أن تصل بها إلى حالة الانهيار، مؤكدين أنها ستدخل في حالة شلل اقتصادي جراء حجز أموال الضرائب من قبل إسرائيل ونضوب المساعدات الخارجية.
وتوقع هؤلاء في أن لا يستمر حجز أموال الضرائب طويلاً، مشيرين إلى أنها من الممكن أن تستمر حتى الانتخابات الإسرائيلية في شهر مارس المقبل.
ويقول المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم المحاضر فى جامعة بيرزيت ، إن حجز أموال الضرائب للشهر الثاني على التوالي من قبل الحكومة الإسرائيلية تسبب بحالة شلل اقتصادي كبير للسلطة التي لم تعد لديها القدرة على الإيفاء بالتزاماتها.
وشدد عبد الكريم على أن حالة الشلل الاقتصادي لا تصب في مصلحة أحد، وأضاف " ما بقي من أمل هو أن يبقى الوضع الاقتصادي مستقر، وإذا سمح بانهيار السلطة معناه أن تفتح المنطقة على كل الاحتمالات وهذا ليس في مصلحة أحد".
وأكد أن المشكلة أكبر من الخيارات المتاحة أمام السلطة، وتابع "لا أعتقد أن الجباية الإضافية ممكن أن تحل الأزمة، الخيارات غير فعالة، فالأمثل هو استلام السلطة لمساعدات دولية أكبر وتفعيل شبكة الأمان العربية".
وشدد على أن قطاع غزة سيكون الضحية الأكبر في ظل حالة الشلل الاقتصادي التي تعيشها السلطة الفلسطينية، " هناك حاجة إنسانية كبيرة في غزة، إضافة إلى البطالة والفقر وملف الإعمار المفتوح والذي سيتضرر بشكل كبير، فلا أموال لقيام السلطة بوظائفها الأساسية فما بالك بالمتطلبات الإضافية".
وأكد أن ملف الإعمار سيتأثر، كما ستتأثر ملفات وخطط كانت تنوي الحكومة تنفيذها في القطاع، مبيناً أن الأزمة جاءت في وقت غير ايجابي إطلاقا ترافق مع نضوب المساعدات.
وقررت حكومة الاحتلال حجز نحو نصف مليار شيقل من أموال الضرائب المستحقة للسلطة بعد انضمامها لمحكمة الجنايات الدولية، وتبعتها قراراً من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بحجز 400 مليون شيقل أخرى من عائدات ضرائب شهر يناير الماضي.
وردت الحكومة الفلسطينية بالدعوة إلى إعادة النظر في العلاقات الاقتصادية مع "إسرائيل" حتى لا يبقى الفلسطينيون يرضخون تحت تبعية "إسرائيل" اقتصادياً.
من جهته، استبعد المحلل الاقتصادي رامي عبده أن تنهار السلطة اقتصادياً، مشيراً إلى أنها تحاول إيصال رسالة سياسية فحواها أن الوضع المالي ووجودها في خطر، كما أن البناء المؤسساتي الذي ضخ فيه مئات الملايين على شفا الانهيار، وأيضاً الاستقرار في المنطقة مهدد بفعل السياسيات الإسرائيلية.
وقال " هو رسالة أيضاَ فحواها أن التفاهمات الإسرائيلية بشقها الاقتصادي ومنها اتفاقية باريس جرًت الويلات على الشعب الفلسطيني ورهنت القرار الفلسطيني للمزاج الإسرائيلي" .
ويشير إلى أن السلطة تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، وأضاف " صحيح أن سياسة جباية الإيرادات المحلية شهدت تحسنا خلال العامين الماضيين بفعل اجراءات اصلاحية، وبفعل زيادة الإيرادات المتحصلة من قطاع غزة عقب اغلاق الانفاق، إلا أن أكثر من 40 % من نفقات السلطة يتم تغطيتها من خلال المنح والمساعدات ، فيما تغطي السلطة نحو 25 % من تلك النفقات من خلال ايرادات الضرائب المباشرة والايرادات غير الضريبية".
وأشار إلى أنه بقي نحو 30 – 35 % من النفقات تعتمد في تغطيتها على إيرادات المقاصة لدى الاحتلال .
وبين أنه بإمكان للسلطة على المدى القصير الاعتماد على قروض قصيرة الأجل لضمانات تحصيل لاحق للمستحقات الضريبية لدى الاحتلال، كما فعلت سابقا خصوصا وأن الاحتلال لن يستطيع الاستمرار في هذا الاحتجاز لفترة طويلة، " لأنه يخشى من مخاطر جدي تمس التعاون مع الأجهزة الأمنية".
ولم تتمكن السلطة من دفع رواتب موظفيها كاملة عن شهر ديسمبر الماضي، حيث صرفت الشهر الماضي 60 % من رواتب الموظفين عن شهر كانون أول نتيجة الأزمة المالية التي تعاني منها.
ورجح رئيس الحكومة رامي الحمد الله قبل أيام أن تستمر هذه الأزمة لعدة أشهر واستمرار صرف دفعات مالية منتظمة للموظفين.
وتحتاج السلطة إلى نحو 200 مليون دولار شهريا كرواتب للموظفين العسكريين والمدنيين الذين يتجاوز عددهم الـ156 ألف موظف في الضفة وغزة.
فيما رأى المحلل الاقتصادي سمير رشيد أن الخطوة الوحيدة في ظل الوضع الحالي أمام السلطة الفلسطينية هو استحقاقات جامعة الدول العربية وتفعيل شبكة الأمان العربية.
وشدد رشيد على أن التنازل سيكون من طرف السلطة والحكومة الإسرائيلية " لأن إسرائيل لا تترك أي ورقة دون الكسب منها".
وقال : " إن السلطة ستتنازل نوعا ما للتخلص من الوضع الاقتصادي في ظل صمت عربي وتهرب من استحقاق فلسطين لجامعة الدول العربية".