[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لولا إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة لما قرر الأردن حربا بلا هوادة ضد التنظيم الإرهابي، فهل يعني ذلك البقاء على الحياد، فيما النار تشتعل في كل المنطقة وبين جنبائها وعلى تخومها، وفي قلبها، وهل يمكن لمنطق المحايدة أن ينجح مع تنظيمات من نوع " داعش " و " النصرة " ومشتقاتهما، فيما لاحيادية أمام أي كان، طالما أن مستقبل الجميع مرهون أما بالقدرة على الخلاص أو وقوعهم جميعا في الأمر الواقع القائم اليوم.
نظرية توسع " داعش " هي على حساب أقطارنا، كلما تقدم الإرهابيون نحو المزيد من الأرض، كانت هي خسارتنا .. العراق يستعد لاستعادة الموصل، وسوريا تتحضر لمعركة فاصلة في دير الزور والرقة، وفي الجولان حيث النبت الصهيوني .. كلها معارك بأهميات متشابهة .. يقال ان معركة الموصل قد وضعت على نار حامية وانه تم اتخاذ الخطط اللازمة لها، يعرف الارهابيون ان معركتها قادمة، وان قضيتها ليست بمساحتها الجغرافية بل بعناوينها الكبرى .. ومثلما يقال بتحرير الجولان من الإسرائيليين ونبتهم من " النصرة "، يقال ايضا بالحرية لتلك المدينة العراقية التي هي في قلب العراق، تماما مثلما قال يوما الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد عندما سئل عن موقع الجولان بالنسبة لسوريا أكد أنها ليست على حدودها بل في وسطها، وكان يقصد سوريا بالمعنى الأوسع، البقعة التي تضم لبنان وسوريا والأردن وفلسطين، ألم تغني فيروز لجنوب سوريا، اي لفلسطين.
من الطبيعي استنفار كل الأقطار المهددة من قبل الإرهاب باعتباره شاملا، وملاقاته بقوة عربية ضاربة، تماما كما دعت سوريا اثناء محنة الاردن الاخيرة بقيام تحالف عربي واسع ضد الارهاب، وكل مايتحدث به السوريون ناتج عن خبرة ومعلومات ودراية، قهم يخوضون المفهوم بلحم جيشهم الحي وبوحدة شعبهم الأبي. ومثلهم العراق ولبنان ومصر .. أحوج ماتكونه الأقطار العربية في هذه الايام الصعبة، ان يكون لها غرفة عمل موحدة تستند فيها الى قوة متآلفة وخطط مشتركة وسلاح موحد. لايمكن الركون فقط لردة فعل ثم ننام على نتائجها .. من خصائص المعركة الكبرى انها مفتوحة على زمن وعلى ضرورة لتحقيق نتائج باهرة فيها قبل ان يستدل الإرهاب ويتعمم فيأكل الأمة من الداخل والخارج.
بقدر الضرر الذي نتج عن إحراق الطيار الأردني والاسى الذي تركه في النفوس، الا انه عجل برد فعل من المفترض ان لايتوقف، بل ان يتقدم الأردنيون لملاقاة السوريين والعراقيين والمصريين واللبنانيين، كي لاتكون المعركة قطرية، كل على حدة، هذا النظام من العمل العسكري ضمن الاجواء القائمة في المنطقة لايفيد لا القطر ذاته ولا البقية ايضا، وسيظل ينطبق علينا المثل المعروف من اني أكلت يوم أكل اثور الأسود.
كتب معاذ الكساسبة بجسده المحترق استنفارا أردنيا عميقا، ماصنعه الإرهاب بالأردن ليس جديدا، وكل أردني يعلم الضربات التي كالها الإرهاب لبلدهم قبل الآن، ومدى المخططات الدائرة لإدخاله في اللعبة القائمة.
كل تفرد إذن عبارة عن هذيان، ليس من مصلحة قطر عربي بعينه أن يظل على اعتبارات قطريته، فيما الإرهاب تخطى ذلك المفهوم ويريد بلادنا بالجملة.