يأتي احتفال سلطنة عُمان بيوم المرأة العُمانية في السابع عشر من أكتوبر من كُلِّ عام، ليؤكِّد الدَّور الرئيس الذي تؤدِّيه بِنتُ عُمان في تحقيق كُلِّ ما من شأنه رفعة هذا الوطن المعطاء. فالمرأة العُمانية عَبْرَ تاريخ عُمان التليد كانت الوقود الذي يُنير عصور النُّور التي مرَّت بها عُمان عَبْرَ تاريخها الممتدِّ لآلاف السنين، فهي كانت دائمًا شريكًا في بناء الحاضر والمستقبَل، واستطاعت مع انطلاق النهضة العُمانية الحديثة أنْ تثبت جدارتها من خلال دَوْرِها الريادي في بناء الحضارة على جميع الأصعدة، واستطاعت ـ بفضل ما تملكه من صفات استثنائية ـ أنْ تتقلَّد المناصب الإدارية في شتَّى المجالات فأثبتت كفاءتها، وكان لها دَوْرُها القيادي في النهضة والتنمية، وهو دَوْرٌ لا يستطيع منصفٌ إنكاره، لذا فمن الواجب علينا أنْ نحتفي بيوم المرأة العُمانية والذي يأتي هذا العام تحت شعار “المرأة شريكة في التنمية”.
إنَّ ما حققته المرأة طوال العقود الماضية من عمر نهضتنا الحديثة، يجعلنا أكثر حرصًا على تمكينها بأداء دَوْرٍ يليق بما تملكه من إمكانات في شتَّى المجالات؛ إيمانًا بِدَوْرِها الفاعل في عهد النهضة المتجدِّدة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي أكَّد حِرصه السَّامي على أنْ تتمتَّع فيه المرأة العُمانية بحقوقها التي كفلها القانون طالما رضيَتْ أنْ تكُونَ شريكةً في إيجاد واقع مُلهمٍ لمستقبَلٍ مُشرِق ومستدام على مختلف المستويات، وهي تؤدِّي دَوْرَها في مختلف التخصُّصات لتحقيق هدف التنمية وغايتها، وقد حقَّقت نجاحات كبرى هذا العام مؤكِّدةً ما تملكه من إمكانات عالية، حيث شهد هذا العام فوز (4) أربع عُمانيَّات بجوائز فريدة من نوعها، تتنوَّع بَيْنَ العلوم والآداب، حيث تُوِّجت الباحثة سميَّة السيابيَّة بلقب “نجم العلوم” بعد منافسة قويَّة في البرنامج الأشهر على المستوى العربي والمتخصِّص في العلوم، كما انتزعت الروائيَّة الشهيرة بشرى خلفان جائزة كتارا القطرية، فيما حصدت كُلٌّ من خديجة المفرجيَّة وبشاير السليميَّة على جائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم بإمارة عجمان في دولة الإمارات العربية المُتَّحدة، وهي جوائز تُعبِّر عن تميُّز المرأة العُمانية، ومؤشِّر على الطاقات الموجودة في صفوف نساء هذا الوطن، والتي تحتاج لمزيد من الاهتمام، حتى تتفجر الطاقات وتصنع الفارق، فمِثل تلك الإنجازات تُحفِّز بنات عُمان على مواصلة العمل؛ استلهامًا من تلك النجاحات التي تصوغ مستقبَل الإبداع في عُمان الحبيبة.
ولعلَّ ما يُثلج الصدر هو تحقيق تلك النجاحات ولا تزال المرأة العُمانية تبذل الجهود العظيمة لبناء وتنمية ودعم أُسرتها، بجانب الإسهامات الفاعلة في بناء الوطن في ميادين عدَّة، فالمرأة العُمانية وازنت بَيْنَ دَوْرِها الوطني كنِصْف المُجتمع، ودَوْرِها الأُسري الذي يبني ويعلِّم ويطوِّر كافَّة أبناء المُجتمع الذين يبنون المستقبَل، وكانت لمشاركتها الفعَّالة الدَّور الأكثر تأثيرًا. وبحسب المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لعام 2021م، فقد بلغ عدد العُمانيات المتعلِّمات في مستوى “الدبلوم العام” 313.745 عُمانية، و”دبلوم التعليم العالي” 53،232، و”البكالوريوس فأعلى” 152،422، وبلغ عدد العُمانيات العاملات في القِطاع الحكومي (15 سنة فأعلى) 89،164 موظفة، وفي القِطاع الخاص والعائلي والأهلي 126،737 موظفة، فيما بلغت أعداد جمعيات المرأة العُمانية 64 جمعية، وعدد العضوات 8،483 عضوة، أما أعداد العُمانيات المنتفعات من الضمان الاجتماعي فبلغت 86633 أي ما يعادل 67% من إجمالي المنتفعات.
وهو ما يؤكِّد الدَّور الذي تلعبه الدولة في تنمية دَوْر المرأة العُمانية في بناء المجتمع، فقد وُفِّرت للمرأة العُمانية العديد من الممكنات لتقوم بِدَوْرِها الفاعل في التنمية المستدامة والشاملة في العديد من المجالات، منها التربوي والتعليمي والصِّحي والاجتماعي والاقتصادي، وكذلك السياسي والثقافي، وتطبيق مفاهيم العدالة والمساواة والحقوق لإحداث التغيير المنشود فيما يتعلق بالتنمية البَشَريَّة وانعكاس ذلك على الأُسرة والمُجتمع المدني، ومنها تمكين المرأة العُمانية من مشاركة الرجل العُماني في تحقيق العديد من الأهداف الوطنية وترك بصمتها وإنجازاتها في العديد من المحافل المُجتمعية والعلمية والعملية والأكاديمية والاقتصادية المحلِّية والإقليمية والدولية، ليعود هذا بالفائدة على عُمان وشَعْبها الوفي، ويقود البلاد نَحْوَ مستقبَل زاهر.