لا يمكن لأي قارئ أن يتعامل مع اللفظ “سيكولوجياً” Psychology دون تذكر أبرز اسم في عالم علم النفس وحركة التحليل النفسي، سيجموند فرويد Sigmund Freud. ولا يبتعد النقاد النفسيون كثيرًاً عن نظريات فرويد وتابعه وأدلر Adler النفسية، مع إشارة خاصة لكتاب فرويد المهم (تفسير الأحلام) The Interpretation of Dreams.
وبهذا تجهز نظريات فرويد في الجنس الناقد النفسي بكل ما يحتاج إليه من أدوات لرصد وتحليل العمل الأدبي، تأسيسًا على حركة التحليل النفسي، وكأن الناقد يعتمد دور المحلل النفسي لسبر أغوار نفس بطل الرواية أو إحدى شخصيات المسرحية المدروسة، مع إشارة خاصة إلى طبقات النفس البشرية حسبما وضعها فرويد، وهي: (الــ Id وEgo والــSuper Ego). وطبقًا لهذا المدخل الفرويدي للأدب يعالج النقاد الشخصيات الرئيسة في القصيدة أو المسرحية أو القصة (على تنوعاتها) باعتبارها حالات نفسية شاذة تستحق تطبيقات التحليل النفسي التي أرسى فرويد قواعدها ومنطلقاتها الأصل، مع إشارة خاصة إلى “عقدة أوديب” The Oedipus Complex التي أثارت تحفظات الملايين في مجتمعاتنا المسلمة المحافظة.
والحقُّ، فقد برهنت بعض الأعمال الأدبية على أنها تقدم نماذج مثالية للشخصيات التي يمكن تحليل سلوكياتها وأحلامها وحتى جرائمها باستخدام معايير فرويد السيكولوجية التي لم يتحدَّها أو ينكرها أي عالم عبر القارات حتى هذه اللحظة. وكمثال نموذجي لفاعلية المدرسة النفسية لنقد الأدب، يمكن استذكار تعلق بول Paul بشخصية والدته وتعلق الأخيرة بابنها الأول William بعد فشل زواجها وخيبة ظنها بزوجها!
ولا شك أن مسرحيات صموئيل بيكيت Samuel Beckett وروايات جيمس جويس James Joyce وكافكا Kafka لا يمكن سبر أغوارها بدون أدوات التحليل النفسي، إذ يدرس المؤلف، سوية مع شخصياته الغريبة الأطوار باذلًا أدوات علم النفس من أجل فهم أدق للعمل الأدبي، نصًّا وبيئة!

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي