يتداول كثيرا موضوع ضعف القوة الشرائية في أسواقنا المحلية، عن تراجع في حركة الأسواق، وإغلاق لبعض المحلات التجارية خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، ومطالبات بحلول ناجعة للسيطرة على حالة الركود التي يعيشها جزء من أسواقنا المحلية، والوقوف على الأسباب والمسببات.
آراء تبحث عن إجابة، عن بدائل وحلول لواقع أسواقنا التجارية التي بدت خاوية إلا في أيام قليلة من كل شهر، وتحديدا مع نزول رواتب الموظفين، لتستمر أياما ثم تعاود الهدوء إلا في جزء من محلات بيع المواد الغذائية والمقاهي والمطاعم.
الركود وضعف القوة الشرائية، هي ليست مشكلة محلية، الكثير من الأسواق بدت تعاني منها منذ فترة، خاصة في فترة جائحة كورونا وما بعد كورونا، تسببت بشلل تام في الاقتصاد العالمي، وكان أكثر المتأثرين هي القطاعات التجارية التي تكبدت خسائر مالية كبيرة أطاحت بمشاريع مختلفة وألزمت أصحابها بدفع مبالغ إقراضية بمليارات الدولارات.
الوضع الذي يمر به أيضا الاقتصاد العالمي، وحالة الانكماش التي تعاني منها الاقتصاديات الكبرى، بجانب الصراع الجيوسياسي بين روسيا وأميركا، وما تسبب من إشكاليات خاصة في دول الاتحاد الأوروبي، مع ضعف في حركة الأسواق ، وغيرها من المسببات هي جزء من المشكلة التي أرهقت الشركات وأضعفت حركة الأسواق، كما أن الرواج الكبير للتجارة الإلكترونية وظهور مواقع تقدم مجموعة ضخمة من السلع أفقدت القوة الشرائية في الأسواق ثقلها ومكانتها وأهميتها.
وفي ضوء غياب الرؤية ومصير الاقتصاد العالمي في هذه المرحلة بسبب ما ذكرناه من تحديات تبقى هناك حاجة لدراسة الوضع المحلي، والوقوف على البدائل والخيارات التي يمكن أن تسهم في إنعاش القوة الشرائية في أسواقنا الوطنية، وطرق الحد من تأثيرها على القطاعات التجارية المختلفة ، ومنها بث الرسائل الإيجابية والمطمئنة عن واقع الاقتصاد وتحسن مؤشر أداء الأسواق.
هناك محاولات لتفعيل حركة القوة الشرائية، حيث بادرت الكثير من الدول طرح برامج عديدة ومختلفة: المهرجانات السياحية والتسوق، تقديم عروض جاذبة من التخفيضات والتنزيلات على السلع والخدمات وتحديدا في المراكز التجارية الكبرى، دعم رواد الأعمال من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بوسائل مختلفة، كتخفيض الرسوم والضرائب، وتحفيزها من خلال إعفاء عدد من السلع من ضريبة القيمة المضافة. تحسين مستوى دخل الفرد، وتعزيز برامج التوظيف، ومراجعة رسوم الضرائب على بعض الخدمات وغيرها من عناصر الدعم والتحفيز التي يمكن الاشتغال عليها لرفد ودعم الأسواق التجارية خلال الفترة القادمة.
ورغم الحديث عن تأثر العديد من المشاريع بسبب تراجع القوة الشرائية، وهجرة المشاريع في الكثير من المواقع والأسواق، هو سبب في تراجع حركة النشاط العقاري وضعف الطلب على الخدمات الأخرى التي ترتبط بالوضع المالي للفرد ـ وتدفق رأس المال ، وقدرة الدولة على تحفيز الأنشطة الاقتصادية، عبر تعزيز الإنفاق على المشاريع، وغيرها من الجوانب التي يتطلب دراستها إذا ما أردنا أن نعيد الحياة للجزء الأكبر من مشاريعنا التجارية ، فالإبقاء على الوضع الراهن دون تدخل أو محاولة لمعالجة مشكلة ضعف القوة الشرائية ، سيكون لها تبعات خاصة على مشاريع رواد الأعمال من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

مصطفى المعمري