إن منزلة المرأة كبيرة وعظيمة في الإسلام، ولقد أعطانا الله سبحانه وتعالى دليلًا واضحًا وقاطعًا عندما سجل أول امرأة تعتنق الإسلام وهي السيدة خديجة بن خويلد “رضي الله عنها” حتى قال رسولنا الكريم عنها: (يا خديجة إنَّ الله عزَّ وجلَّ ليباهي بك كرام ملائكته كل يوم مرارًا). وأوصى النبيُّ بالمرأة، وخصوصًا في خطبة الوداع فقال: (استَوصوا بالنِّساءِ خيرًا فإنَّهنَّ عندَكُم عَوانٍ).
وتأكيدًا لهذا المنهج الإسلامي الراقي، تحتفل سلطنتنا الحبيبة في الـ17 من أكتوبر من كل عام بيوم المرأة العُمانية؛ وذلك تتويجًا لمساهمتها في النهضة والتنمية في سلطنة عُمان. ويعود تخصيص هذا اليوم إلى أمر أصدره المغفور له السُّلطان قابوس بن سعيد “طيَّب الله ثراه” عام 2009، في ختام ندوة أقيمت بسيح المكارم بولاية صحار تكريمًا منه للمرأة العُمانية وتقديرًا لدورها في السلطنة.
كما أكد والدنا ومولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم “حفظه الله ورعاه” في خطابه الثاني حيث قال:
((نحرص على أن تتمتع فيه المرأة بحقوقها التي كفلها القانون، وأن تعمل مع الرجل جنبًا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها، مؤكدين على رعايتنا الدائمة لهذه الثوابت الوطنية التي لا نحيد عنها ولا نتساهل بشأنها)).
سوف أتطرق اليوم في هذا المقال بصورة مختصرة إلى أهم النقاط بفن الإتيكيت للمرأة العصرية ذات الأفكار المتجددة ضمن إطار ديننا الحنيف من إتيكيت الحضور وآداب الطعام والملابس، وغيرها من السلوكيات الراقية التي تحتاجها المرأة العُمانية بصورة خاصة، والمرأة العربية بصورة عامة.
من الواجب الانتباه إلى ما يلي:
تُعد ملابسك هُوية شخصيتك، لذلك عليك اختيار ملابس أنيقة وبسيطة ونوعية راقية من القماش، بالإضافة إلى اختيار الألوان الصباحية التي تختلف عن المسائية، يجب أن تكون ملابس الدوام الرسمي غير ملابس الزيارات الشخصية، وملابس الحفلات النسائية الخاصة غير ملابس الحفلات المختلطة، وملابس الكليات والطلبة والدورات وحلقات العمل لها خصوصيتها وهُويتها أيضًا.
حاذري أن تقلدي أي امرأة مهما كانت نجمة سينمائية أو اجتماعية في كلامها أو طبيعة صوتها وحركاتها أو ملابسها، أن تسيري وكتفاك ورأسك متجهان إلى الأمام، أن تضعي كعبك على الأرض قبل وضع مقدمة الأصابع، الابتعاد عن لبس الحذاء العالي في العمل مع البدلات الصباحية، الابتعاد عن النبرة الأنانية في الصوت “وكلمة أنا” أمام الجميع، الابتعاد عن حب الذات والكبرياء والتعالي عن بقية أصدقائك؛ لأن ذلك يقلل من شخصيتك، الابتعاد عن استعمال الهاتف النقال في الاجتماعات الرسمية أو الحفلات والدعوات الاجتماعية إلا في الحالات الطارئة، لا تبالغي في وضع ماكياج رخيص النوعية؛ لأنه يدمر ويضر البشرة، لا ترشي العطر على ملابسك بل رشيه خلف الأذن، عليكِ أن تعودي نفسك على السير بجذع مستقيم بدون تصنع، ورأس عالٍ من غير شموخ وتكبر، حركة اليدين تكون قليلة وملتصقة مع الجسم وحركة الكفين فقط تكون بِحُرية أفضل في الحركة، احرصي على التعامل مع الجميع بروح ونية الأخوة الصادقة بعيدًا عن المصالح الأنانية وحب الذات، ليس من الذوق رش العطر في الأماكن العامة وأمام الجميع، امتنعي عن مضغ العلكة أمام الآخرين، قبول النصيحة والنقد الإيجابي دائمًا؛ لأنه هذا من دلالات الشخص المثقف، دائمًا استخدمي كلمات الشكر والاستئذان وأيضًا “لو سمحت” أو “ممكن من فضلك” لأن فيها دلالات كبيرة على حسن التربية، أنواع العطر تختلف منها الصباحية بالدوام الرسمي وهناك المسائية الخاصة للنساء أو المختلطة والمناسبات الاجتماعية والرسمية، الابتعاد عن لبس الذهب أو الإكسسوارات المبالغ فيها، اهتمي كثيرًا بجمال وجهك بالاعتماد على نوع البشرة وشكْل الوجْه والعينين وغالبًا ما يكون المكياج الصباحي هادئًا جدًّا بعيدًا عن الأصباغ والابتذال فيه، الكارثة الكبرى في جمال الوجه هو وضع مكياج صارخ والذهاب إلى الأسواق أو العمل، تهذيب لباقة اللسان ونبرة الصوت أن تكون في غاية الهدوء.
ويستحسن من المرأة العُمانية بصورة خاصة الاهتمام كثيرًا بفن الحديث ولغة الجسد؛ لكونه من أهم سمات الشخصية المثالية للمرأة العربية العصرية المتحضرة والخروج من البوتقة التي عاشت فيها لسنوات طويلة.. وببساطة أقول: إن عليها الاقتداء بالسَّيدة الجليلة حرم مولانا جلالة السُلطان المعظم “حفظهما الله ورعاهما” وجعلها المثال الأمثل لها بالحضور واختيار الألوان ولغة الجسد، فهي قمة في إتيكيت فن الحديث ولغة الجسد وإتيكيت الألوان، وهذا ما نشاهده خلال إطلالتها على شاشات التلفزيون العُماني في عدة أنشطة اجتماعية وإنسانية أو رسمية، حيث تفضل الملابس الفضفاضة، خصوصًا الجلابية أو العباءة بألوان جميلة ومميزة ومطرزة بشكلٍ بسيط وخفيف وبألوان زاهية متناسقة مع المكياج والحقيبة الشخصية والساعة والحذاء استنادًا لكل مناسبة، فنلاحظ التدرجات المتناسقة في العباءة مبتعدة عن الأقمشة ذات الخطوط العريضة، وهو ما يميز كاريزما المرأة العربية المثالية.
وفي الختام، على المرأة العربية الإسلامية قدر الإمكان الالتزام بالحشمة والتواضع، والابتعاد عن التباهي بما تملكه من جمال ومال وحب الذات والأنانية وحياكة الأقاويل السيئة التي لا تمتُّ بأي صلة لديننا الحنيف، والحجاب ليس بالملابس فقط، وإنما حجاب اللسان والقلب والروح، والعمل بكل إخلاص وجدية والتقرب إلى عامة الناس بحُسن النية لغرض الاستفادة والإفادة بنفس الوقت.



د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق وأكاديمي